القائمة الرئيسية

الصفحات

 نص: تُراهاتي 
الكاتب: عمر سعيد

تصميم: ريم صالح 


لا أعلم لماذا أمنع مُحاولات الاهتمام بي من قبل البعض! أقطع كل طرُق التقرّب مني بلا سبب! رغمًا عني، أُقابل الود بجفاء مُصطنع، أتظاهر ببعض الصفات المُنفّرة، يؤلمني أن يكرهني البعض لظنّهم بأنّني تغيّرت لِلأسوأ؛ ولكن حقيقةً يؤلمني اقترابهم أكثر، لم أعد أطيق سماع أحد؛ فرأسي مليء بالضجيج، لا طاقة لي في تبرير تصرفاتي وتوضيح أفكاري، لم أعد أتحمّل الدخول في مجادلات تعصبيّة أو مناقشات تافهة، حتى القراءة، فقدت ميزة إخراجي مِن هذه الحالة، أصبحت أستمتع بقراءة المُعاناة والبؤس وأرى أن القراءة عن الحُب والنهايات السعيدة والفانتازيا وتجميل الواقع ما هي إلا سخافة ومضيعة للوقت، ربما أنا مُخطئ والجميع على صواب، أو ربما كلنا جميعًا على خطأ، أنا لست كئيبًا أو مُعذّبًا كما يتظاهر الكثيريون لجلب التعاطف وجذب الفتيات وإثارة الانتباه، لا، أنا لا أجيد لفت الأنظار ولا أحبه، أكره أن أظهر ضعيفًا حتى وإن كنت أتمنى ألا يفتقدني صديقٌ إن غبت أو رحلت، أتمنى ألا يَحزن عليّ أحد إن مُت، أرغب فقط في ترك أثر وذكرى طيبة بدون شفقة أو حُزن. 

قد يبدو حديثي مُفعّمًا باليأس والإحباط؛ ولكني بخير تمامًا، أشدّ قوة وصلابة من المراحل السابقة، أكثر اتزانًا وعقلانية، أهدافي مُحدّدة وخطواتي واثقة، أقلّ حديثًا وثرثرة لأن الناس لن تتقبّل آرائي الصادمة ونظرتي الغريبة للأمور، أخافُ أن أُفصح فتنهال عليّ الاتّهامات والكراهية من مُريدي الحياة المُزيّفة وعُشّاق الوهم والغفلة، التجاهل مُريح جدًا.


قال لي أحد الأصدقاء "أنت تتشبّه بالأجانب في الكتابة، تذكر أحداثًا تاريخية وعبارات فلسفية استعراضًا، تأتي بأسماء غريبة وأساطير عجيبة تجميلًا للنص، تتباهىَ بما تعلم".

رسائل كثيرة جاءتني ما بين مدح وتشجيع واستنكار وسخرية، رددت عليها كلها بهدوء واحترام لكل وجهات النظر والآراء وتركت لهم حرية القُبول أو الرفض. 

لذلك خلَت رسالتي من التشبيهات وذكر أي حدَث أو اسم؛ لكنها لم تخلو من الصدق، أنا أكتُب عندما أرغب فقط أن أكتُب، بدون تحضير أو استعداد، أكتُب مثلما أدخّن، بتلقائية وبلا هدف أو غاية، فقط أُرضي نفسي وأريح عقلي.


صديقتي العزيزة، أرجو ألا تقلقي أو تحزني، أنا بخير وبأفضل حال وأتمنى أن تكوني أنتِ أيضًا بخير وأن تكوني هادئة ومُطمئنة، أن تستمتعي بأوقاتكِ وكُتبك وأن تكتبي لي عندما ترغبين في الكتابة.   


عمر سعيد|همج لطيف

تعليقات

التنقل السريع