النص: ذكرياتٌ مُحترقة
الكاتب: هاجر إبراهيم
تدقيق لغوي: منار مجدي
غلاف: دينا أحمد
وقفتُ أمام ذلك الطريق، وذلك الدرب الذي شهِد تاريخ حُبنا وذكرياتنا؛ فلم أجد إلا أطلالًا زائلة ومتهالكة وبقايا عمرٍ رَحلت نحو المجهول، وذكرياتٌ بالية لن تعود، وأحلامٌ ضائعة بين الأيامِ والشهور، ذكرياتٌ مُحطمة تقفُ على حدود الماضي لتمنعنا حتى من إسترجاع الفرحة التي كانت فيه لكي لا نذكر مِنه إلا حُزنه، ذكرياتٌ تحطمت بعد أن كانت لنا كُل شيء، ذكريات مؤلمة بعد حب دُفِن بين سراب الخيانة والفراق ورَحل إلى عالمٍ آخر، وذكرياتٌ تعصرُ القلب ويلتهبُ لجمرها العمر، عُدتُ إلى منزلي كي أنسى كل الطرُق التي سلكناها سويًا علّها تكون سببًا في نسيان تلك الذكريات، عدتُ إلى حُجرتي المظلمة الباردة، اقتربتُ مِن سَريري فاتكأتُ على وِسادتي لعلي أستعيدُ بعضًا من عافيتي، رأت عيني دفترُ ذكرياتي؛ والذي كنت أدون به لحظاتي التي كنت أشعر فيها بالسعادة معه، ومع أول صفحة قرأتها داهمتني ذكرياتي أرهقتني، ألمتني بشدة حتى أبكتني، مزقت قلبي فمزقتُ دفتر ذكرياتي، تناثرت أوراقه بكل مكانٍ في غرفتي، فإذا بي أسمع صوت خافت صوت يئن حزين صادر من أوراقي خاطبتني متألمة ماذا فعلتِ بي!؟
أجبتها أنتي من فعل بي أنتي من أرهقتني وأتعبتني أنتي من آلمني ومزق قلبي، رضيتُ بالغياب ولكن الذكرى لم ترضى بالرحيل، كل شئ يذكرني بهِ، أطيافه، خياله، وحتى أرجاء المكان يعم بصوته، كل ماتبقى منه هو ذكراه، كل شىء اختفى إلا حبه، إلا هواه، كل شيء اختفى إلا بقاياه، بقايا ألمُ وجراحُ فراقه، كم أشتاق للقياهِ، حتى وإن كان هو من جعل الفراق خيارًا، لم أعد بحاجة إليه ولكنني مازلت أحبه، يؤلمني حين أتذكر دفتر خواطري الذي أهديته إياه ليحفظ ما فيه بين قلبه وروحه، وحين سألته عنه قال لي بأنه فقده، كيف يفقده وبه كل عمري وسنوات حبي له وأروع ذكرياتي معه قد سطرتها فيه وبسببه ضاع عمري؟
ذكرياتي معه مؤلمة فهو لم يحافظ علي، ولم يعتني بأشيائي الصغيرة التي أحبها، ولم يَهبني ما أتمنى، وطريقنا المعهود بات يحمل أسوأ ذكرياتي معه.
تعليقات
إرسال تعليق