قصة: صداقته نفاق
الكاتب: علاء جاويش
غلاف: مسك أحمد
في كثيرِ مِن الأوقات، تجبرنا الحياة على معرفة أشخاص لم تكن لنا بهم صلة مِن قبل، حينها لم نكن نعلم أن هنالك نفوس مريضة تجعل مِن الحقد مبدأ تسير عليه حياتهم، كانت نوايانا صادقة في إهدائهم ثقتنا، ولكنهم حمقى لم يقدروا هذا.
صباح يوم عادي، أشرقت شمسه معلنة عن بداية رحلة جديدة في تلك الحياة، ومع أول شعاع من ضوءها الذهبي، استيقظ عُدي مِن نومه، ويذهب لمقابلة أصدقائه بعد قيامه بروتينه اليومي الذي اعتاد على قيامه به في كل صباح.
وعند وصوله قابل هذا الذي يدعى عمرو، تبادل كل منهما نظراته للآخر، عدي بنظرات مشفقة عليه فهو يعلم كم يكن له من عداوة، وكالعادة يبادله عمرو تلك النظرة التي، وإن رآها أحدهم بالصدفة علم ما يجول في صدره، ولكن لا يستطيع إظهار تلك العداوة، فقد اعتادت نفسه على تلك المعاملة، يخفي في نفسه ما لا يبدي لأصدقائه.
ألقى عدي عليهم السلام وجلس مع أصدقائه وبكل صفاء نية يتبادلون الحديث، وكان عمرو جالسًا يستمع فقط، فلما عرض عليه عدي الحديث عن ما لاقاه في عمله، أخبره بأن هذا لا يعنيه.
علامات تعجب تظهر على أوجه الحاضرين، فمنذ متى يتكلم أحد منا مع الآخر بهذه الطريقة؟
عندما رآى عمرو تلك النظرات من جميع الجالسين، وخاصة عدي، انصرف من مجلسهم، وبالرغم من محاولات الجميع التي باءت بالفشل بإقناعه في الجلوس، ومعرفة ما به، ولكنه أبى.
علامات أسى، وحزن جلية على وجه عدي، لا يعلم لما يعامله بتلك الطريقة، حاول الجميع التظاهر بأن شيئًا لم يحدث، وأكملوا يومهم مدعيين أنهم سعداء، ولكن في داخل كل منهم تسائل: لما قام عمرو بفعل هذا؟
عاد عدي إلى منزله، وقام بمهاتفة عمرو، عساه يعرف لما فعل هذا، ولكنه لم يكن يعلم بأن حديثه هذا سيغير الكثير في حياته القادمه.
-عدي: مرحبًا يا عمرو، هل يمكنك إخباري لما تبغض وجودي هكذا؟
عمرو: ليس مِن شأنك، لا أعلم لما تتحدث معي مِن الأساس.
_عدي: ألسنا أصدقاء؟
لا أعلم لما تعاملني هكذا، لما أنت وحدك بين جميع أصدقائنا تكن لي تلك العداوة؟
عمرو: لا تقل أصدقاءنا، فهم لم يكونوا أصدقاءًا لك يومًا، جميعهم لا يمتلكون، ولو مثقال ذرة مِن صدق تجاهك، لا أحد منا يحبك.
عدي: ولكن لمَا؟
عمرو: ألا تعلم لِما؟
حسنًا سأخبرك: لم تكن يومًا محببًا لنا قط، دائمًا ما ينظر إليك الجميع بأن لا أحد مثلك، دائمًا ما يكنون لك الود ونحن لا، عند ذهابنا لمكان يلتفت الجميع نحوك، ويتركوننا، كأن لا أحد مثلك، لا تتعجب مِن قولي نحن، وليس أنا، فقد تحدثت مع جميع أصدقائي، فلا داعي أن أقول أصدقاءنا، وأخبروني بتلك الأشياء.
-عدي: اترك لي مجالًا للحديث قليلًا لأخبركَ بعض الأشياء، تود أن يلتفت إليك الجميع، كيف؟
وأنت تحمل في قلبك نفاقًا ما وجد على وجه الأرض قط، صدقني، أنا لا أقوم بفعل أي شيء، إن طبيعة البشر تميل إلى الصدق، وهذا ما تفتقر إليه أنت، تود أن تلقى مِن الآخرين ما لا يجدونه منك، كيف ذلك؟
أتعلم؟
أنا سعيد حقًا بإعترافك هذا، جعلتني أتيقن تمام اليقين بأن لا أحد يستحق ولو مثقال ذرة من ثقة، سأتوقف عن إعطاء ثقتي لمن لا يستحق، فأمثالك مِن أصحاب النفوس المريضة، لا يستحقون شيئًا مطلقًا.
سأخبرك شيئًا آخر، لا تنتظر مِن أحدٍ أن يحبك، فطالما كان قلبك مليئًا بالنفاق، فلن تلقى سوى من يشبهونك، أشخاص لا يعرفون للصدق طريقًا، فأنت لا تستحق سوى هذا.
عمرو: أهل انتهيت؟
عدي: بالتأكيد، وانتهت معه معرفتنا.
أغلق عدي الهاتف، ولم يستطع النوم ليلتها، أحقًا كل من كان يظن بهم خيرًا مليئون بكل هذا النفاق، وفي اليوم التالي وعند عودته من عمله، أغلق هاتفه، واتجه لفراشه، على أمل أن يلقى ملاذًا مِن قسوة البشر التي لاقاها.
"النوم هو وسيلة مريحة للهرب مِن قسوة الحياة"
ولكن هل سأقابل يومًا مَن أستطيع أن ألقبه حقًا بصديقٍ، ويستحق أن أهديه ثقتي، أم سأظل هكذا طويلًا؟
تعليقات
إرسال تعليق