حوار صحفي خاص بجريدة هَمَجْ لَطِيف
حوار صحفي مع المبدعة الشابة: ماريا أمينالصحفية: سبأ العامري
كل يومًا نجوب في بساتين الإبداع و الأدب؛ نفتش عن زهرةٍ لاكتشافها، نخرجها لنور؛ ليرى العالم جمال ما تحمل من أحاسيسٍ و حياة.
مبدئيًا نرحب بكِ ضيفتنا في جريدتنا، نريد أن نعرفك أولًا
لجمهورنا.
ماريا أمين، عمري عشرون خريفًا، من الحبيبةِ اليمن، كاتبة،
الهوايات: الكتابة، تصميم الأغلفة، التنسيق، التصوير لمشاركة اليوميات اللطيفة.
ـــ نبحرٌ الآن في عالمك الأدبي، نراكِ عن كثب، يُقال: أن الكاتب ما هو إلا بحر غامض؛ ما يكتبه إلا قطرات من كومة مشاعر!
ـــ كيف كانت بدايات ماريا أمين مع الكتابة؟
أقل من عادية، حيثُ أنني بدأت بعشوائية مُطلقة، كانت بالنسبة لي مُجرد عذر لاضاعهِ الوقت وتفريغ شعوري المكتوم، فكنتُ أجهل أنه يجب عليَّ الإلتزام بقواعد اللغة سواءً إملائية أم نحوية، أيضًا كانت مداركي لللغةِ العربيةِ الفصحى قليلة فتداخلت اللهجةُ العامية على أغلب بداياتي.
ـــ متى عرفتِ أنكِ كاتبة أدبية؟
لأُصدقكِ القول أنني ما زلتُ لا أعتبر نفسي "كاتبة أدبية" دائمًا أقول عن نفسي "رُبما كاتبة"، أشعرُ دومًا أن مُصطلح "كاتبة" كبيرٌ جدًا على حجم مداركي اللغوية،
ف حقيقةً أعتبر نفسي "هاوية" أكتبُ في كلِ لحظةٍ أشعرُ بها أنني مُمتلئة بالحبِّ والدفءِ.
ــــ من هو الداعم الأول في إبداعك؟
مشاعري، في كلِ لحظةٍ أُقرر الانعزال والتوقف عن الكتابة أجدُ نفسي غير قادرة على التحكم بها وأعود للكتابةِ بلا حولٍ مني ولا قوة.
ـــ هل تتذكري أول حروف تم تسطيرها على ورقٍ، و لم تمحى من خيالك، ماهي؟لا أتذكر ما كانت تحتويه الرسالة بذلك الوقت، أتذكر أنها كانت في أواخر ألفين وثمانية عشر، ولكن ما أنا متأكدة منه أنها كانت أحدى رسائل الحُب التي تغلبُ فيها عاطفتي، كانت رسالة مليئة بالأخطاء وتداخل اللهجات وغير مُتناسقة البتة.
أعتقد أنني لا أتذكر سوى سطر من تلك الرسالة "لقد تمنيتُ ألَّا يُشاركني بكَ أحد لكنكَ كُنتَ للجميع إلا أنا"
أدركتُ من وقتها أنني مليئةٌ بالحُبِ والرفضِ منذُ نعومةِ أظافري.
ــــ ما بحوزة ماريا أمين اليوم من أدب؟
بحوزتي نقطة من بحرٍ لا يجف ولا ينضب، جُل ما في يديّ هو مؤلفي: بينَ مُفترقِ الشعور، وكُتيبي الإلكتروني: مُحبَّة حمقاء،
بالرغمِ من وضوحهما للقارئ، وانسيابيتهما وبساطة كلماتهما،
إلا أنهما أعظمُ انجازان استطعتُ تحقيقهما، وأشعر بالفخرِ بمجرد ذكرهما أو رؤيتهما.
ـــ تحدثني حروفك عن جنون عاطفتك، و كيف هو رقيق نوح حبرك، كيف نسجتِ محبة حمقاء؟ هل ثار الحبر على وسائد طمأنينة قلمك أم ثارت الطمأنينة على محبرة شعورك؟
"مُحبَّة حمقاء"، في حقيقةِ الأمر كنتُ اتجنب التفكير بهِ، كنتُ فقط أكتبُ رسائل عشوائية ل "المُختل ميم"، ف بدون سابق إنذار خطر ببالي فكرة أن أجمع الرسائل وأضعها في كُتيب ونالت الفكرة تشجيع كبير ممن حولي ف استطعت بعونِ الله ثم عونهم اخراج مولودي الثاني للنورِ تحت مسمى "مُحبَّة حمقاء"،
ثار حبرُ مشاعري على طمأنينة عقلي، كانت مشاعري من تكتب الرسائل، بقيت عاجزة عن المُقاومة، "ميم" استطاع أن يُحيي مشاعري مُجددًا وأن يجعلني مُحاطة باللطفِ دومًا، لم يكُن عابرًا استطيع تجاوزهُ بسهولة
بل كان "دهشتي" و "عزيز قلبي"
مُمتنة لهُ جدًا..
ــ بين مفترق الشعور، أيتخللُ الإنسان ألف شعور، ألف تساءل و لا يجد جواب يربتُ فاجعة استقرار شعوره؟ ماذا عن مفترق شعور ماريا؟وضعَ الرسالة الأخيرة!
"بينَ مفترقِ الشعور" وضعتُ فيه ألف شعورٍ وشعور، متناثر على مُفترقاتٍ عدة ومشاعر متناقضة، بين الحُب والكره، الذكرى والحنين، حرقة الجوى وصقيعُ الشوق، ثم حاولت لفُ لحاف حنيني بقولي "رُبما"، استنجدتُ ذكرياتهِ مرارًا وتكرارًا وعندما وجدتُ نفسي أُحارب اللاشيء وضعتُ رسالتي الأخيرة،
ولأصدقك القول وضعت مئات الرسائل الأخيرة ثم بعد أكثرِ من عامين وجدتُ المُفترق الأخير وتوقفت عن وضعِ الرسائل.
ــــ لو أجتمع الكثير بِجزَ أجنحتك و هنا لا أسماء، لا أمان، لا أحلام، لا روح ترسى في برهِا، من أي مادة و عالم تصنعين أجنحتك؟
حدثَ ذلك وانجزت أجنحتي،
توقفتُ عن وضعِ الأحلام ولا أشعرُ بالأمانِ مُطلقًا،
لكن بالرغمِ من ذلكَ لا زلتُ أُحلق، فقدتُ الأمل مئات المرات ثم بعد فترة أعود وكأن شيئًا لم يكُن، أعتقد ان ذلك يعود لقدرتي الكبيرة في التأقلم والتلائم معَ الاحداث وكل ما يدور حولي،
سأتمنى لو بأمكاني أن أصنع اجنحتي من "الألماس" وأستقرَ بينَ الغيوم.
ــــ هنالك تناقض مؤذي في البوح، منا من يبوح وواضعًا يدهُ على قلبهِ و هنالك من يبوح ممسكًا بفوهِ بركانه، و الأخرى من يمحي آثار كلماته تشيعًا لكبريائهِ، كيف نبوح في مأمن؟
بالتقربِ إلى الله واختيار الرفيق الصحيح، الأمان لا يقتصر على شيء او شخص، الصلاة القرآن والأشخاص الذي يأتي بهم الله في حياتها على هيئة جبر، كُل هؤلاء مأمن ثابت لا يتغير.
نبوح في مأمن عندما يسكُن القلب ويصل إلى مرحلة كبيرة من الاستقرار، وعندما لا يستطيع الشخص ذلك أنصحهُ دائمًا أن يذهبَ إلى "المُذكرة" وأن يكتب ويضع شعوره مهما كان عشوائيًا.
ــــ بما أن بحوزتك كتب ورقية بين مفترق شعور، كتاب إلكتروني محبة حمقاء، كذلك مشاركتك في كتب جماعي كلكل روح بوح و هكذا تنبتُ الأجنحة، ولك نضال أدبي في العديد من المجمعات الأدبية، هل لديك مساعي أكبر في تسطير روحك و مشاعرك في ورق أكثر ؟
نعم وجدًّا، أسعى للكثيرِ والكثيرِ دومًا
ولكن بطريقة بطيئة وسلسة، بالرغمِ من أنني كثيرة التخبط ولكنني لا أحُب كُثر العشوائية والتخبط عندما يتعلقُ الأمر بالمؤلفاتِ والكتابة،
إذا لم أجد أن الفكرة تُناسبني، أو أجواء العمل مليئة بالعشوائية وعدم الراحة، انسحب بذاتِ اللحظه ويكون لديّ يقين تام أن عوضَ الله سيكون أكبر وألطف.
ـــ أرى ماريا تصِبُ في الرسائل، كشلالات المتدفقة خيرها على أرض لتلين و تُزهر، هل رسائلك تصِبُ في وادي يجيب أم يغيب، قريب أم بعيد، فليس من العادي أن ننسج رسائلنا لسرابٍ، بلى هنالك طرف نريد على محكٍ جوابه، أو تلويح، أو أشاره لنكف
نسج رسائلنا في الليالي القمراء؟
للأسف الشديد أصبُ رسائلي في صحراء قاحلة، في وادٍ ليس على مرأى الناظرين، لا أنكر رسائلي لم تكُن يومًا لسرابٍ أو لمجهول، هُنالك مقصود خلف كل رسالةٍ كُتبت أو ستُكتب، وأيضًا لن أكُف عن الكتابة حتى وإن أخبرني المقصود بذلك،
لا أهتم البتة إن كانت مشاعري واضحة للمقصود جُل ما أهتم له أن أكتب الرسائل بطريقةٍ تليقُ بمقامِ مشاعري وقلبي، أن أصفَ فيها شعور كل من أراد ذلك ولكن خوفه أعجزه عن الكتابة،
دائمًا وأبدًا لا أتمنى سوى أن يكون تأثير رسائلي مثل "الفراشة" في قلبِ المقصود أو القارئ.
ـــ ما هو ردة فعلك عند ما يأتيك تعليق سلبي عن ما تكتبيه؛ فالبعض يراها غباء و هباء؟
لا أهتم البتة،
قُلتيها بنفسك "البعض"، بمعنى أنها فئة قليلة قد لا تُذكر،
أعتذرُ مُسبقًا إن كان ما سأقوله سيظهرُ تحت مسمى الغرور أو النرجسية؛ لكن لا أستطيع أن أُكذب قوة الرسائل التي أكتُبها وصدق المشاعر فيها، لدي قاعدة وهي ألَّا أكتب رسالة إلا وهي تليق بقوة مشاعري، وأيضًا أن أضع جزء مني داخل كل رسالة.
ـــــ بما أنكِ شخص متعدد المواهب، بجانب الكاتبة النثرية، الرسائل، التنسيق الداخلي تصميم الكُتب، لو سمح لك باختيار غلاف كتاب عن واحد عن حياتك، ماذا ستختارِ، و كيف ستنسقين حواف هذا الغلاف ؟
ساختار غلافًا مليئًا بالألوان، أُريده مُريحًا للعين ويُعطي شعور الدفءِ للآخرين،
من المُمكن أن اختار غلاف "بينَ مفترقِ الشعور" وذلكَ لأنه يصفني بشدة، ف أنا ضائعةٌ وسط المُفترقات بدون ملامحٍ واضحة، حتى كُتيب "مُحبَّة حمقاء" تُغطي على ملامحها بعض الوردِ، وهذا دليلٌ آخر أنني دونَ ملامح واضحة.
أما بالنسبةِ للحوافِ سأضعُ على إحدى الجوانب بقعة سوداء تعبيرًا عن الحقد الذي أكنهُ بداخلي _فأنا لا أنسى مهما حدث، سأضع في الجانب الآخر بعضًا من الفراشات والأقحوانِ الأبيض، وسأضعُ أيضًا مشهد أمام البحرِ للغروب والسماء مُمتلئة بالغيوم.
ـــــ بما أن تخصصك الجامعي هندسة زراعية ( قسم أراضي و مياه و بيئة)، لو تم ترشيحك كوزيرة بيئة في بلادك، ماهي الإجراءات التي ستحدثينها ببلاك؟
الكثيرُ والكثير،
إنشاء هيئات ومؤسسات في كل منطقة للإشراف التام والتوعية، تنظيف الشوارع ووضع أماكن للمُخلفات، وضع عقوبات صارمة، زراعة الأشجار وعدم القطع العشوائي للأشجار، عدم حرق الأخشاب والقمامة، توفير بيئة صحية للنباتات والحيوانات والإنسان، مُساعدة "كُلية الزراعة" في تحسين جودة التدريس للطُلاب.
وما هذا إلا جزء بسيط مما أتمنى أن يتغير في اليمن.
ــــ ما ستفعلين إذا أعطيتك بلور شفاف، بجانبه أقلام ألوان، أدوات حادة؟
صراحةً بأخذ البلور وأكسره لقطع صغيرة، ثم أخذ الألوان، وألون كل قطعة بلون واعرضها للضوء وبيحدث انعكاس للألوان وبينتشر اللون للمكان المُحيط،
ممكن يكون انتشار اللون للحظة قصيرة لكن الأثر لن يُزال.
ـــ رسائل في دروب الكاتب، يلتقطها العابرين في دربه.
ـــ ماهي رسالتك لماريا أمين؟
رسالتي ل "ماريا أمين"
فخورة بكِ جدًا، مُمتنة لكِ لقوة تحملكِ وصبركِ الدائم، لتأقلمكِ بالرغمِ من صعوبةِ التأقلم، لاستمراركِ حتى عندما تمكن منكِ البؤس والعجز، أحسدكِ حينما تبثين الطمأنينة وأنتِ مليئةٌ بالخوفِ، لوضعِ أثر لطيف في حياةِ العابرين بينما داخلكِ مشوه،
وأفتخر بكِ كثيرًا عند كُل محنة واجهتيها بالرغمِ من أنه كان يجب عليكِ الانهيار وقتها، وأخيرًا استمري كما قال لكِ "ميم": اسمكِ هو السبب في أنكِ مليئة بالمشاعرِ والعاطفة.
ــــ ماهي رسالتك للأدباء ؟
أتمنى أن تكونوا مستحقين لأي لقبٍ يُعطى لكم، لأن ليسَ كل من كتب جملتين بطريقة أدبية يعتبر كاتب،
أرتقوا وارفعوا من ذاتكم وأقلامكم، أكتبوا دون خوف، أو عجز، كونوا زارعين الأجنحة لمن بُترت أجنحتهم، كونوا خفيفين ذو أثر لطيف لكل عابرٍ في حياتكم،
وأخيرًا أتمنى وجدًا أن نفتخر بمؤلفاتكم جميعًا وأن يبقى أثركم محفوظًا لكل الأجيال القادمة وتذكروا أن "إن اختفى أثركم من على هذهِ الدُنيا، ستُحيي الكُتب هذا الأثر".
ـــ ما هي رسالتك للإنسان؟
فقط ألَّا يتجرد من إنسانيته ومبادئه مهما كان السبب.
ــــ ماهي رسالتك للحياة؟
أعلمُ أن المسعى صعب، وأعلمُ أيضًا أنه كُتب عليّ توازي الطرق في كل ما أحببته، بترتي أجنحتي مئات المرات، وحطمتي أحلامي واحدًا تلو الآخر،
لكنني أعلم أيضًا أن كل هذا لن يُحبطني، سأستمر حتى أصل إلى المسعى، سأُغير طريقي وأصل إلى كُل ما أحببته، سأعيد الركض وراء أحلامي مرات ومرات ولن أتوقف،
ف إن غلبتيني بالمنطقِ، سأغلُبكِ بالعاطفة.
ــــ ماهي رسالتك لمجلة وهج لطيف؟
حقيقةً غمرتني السعادة عندما عرضت عليّ الصحفية "سبأ" المُقابلة اللطيفة هذه، مُمتنة لكِ يا عزيزتي وجدًا، ومُمتنة للمجلة التي أعادت إليّ ذكريات بدأتُ بنسيانها،
دُمتم بِودٍّ..
ـــ إلى هنا انتهى حوارنا مع ضيفتنا الجميلة ماريا أمين في جريدة همج لطيف، أسعدتنا بهذا الحوار الجميل، و أن دل أنما دل على جمال مكنونك، نتمنى لك التوفيق الدائم.
سبأ العامري|همج لطيف
تعليقات
إرسال تعليق