القائمة الرئيسية

الصفحات

 مقال: النبي يوشع بن نون 
الكاتب: عمر سعبد

 تصميم: ريم صالح 

لا مستحيل، إن أمنتم بأمر ما امضوا إليه بقلبٍ خالص وثقةٍ تامة لقدرتكم على الوصول، وقدرة خالقكم على الاِعجاز، سيتحقق حتمًا هذه من ضمانات التاريخ ووثائقه، وإن أمعنّا النظر جيدًا.

أصدقائي الأعزاء مقالنا اليوم حول نبي من أنبياء الله الذين ورد ذِكرهم في القرآن الكريم، الأحاديث النبوية الشريفة، أيضًا الشرائع السماوية الآخرى، صاحب نبي آخر في إحدى أشهر الرحلات التي حدثنا عنها القرآن الكريم، نبي على يده فتح مدينتين لم يستطع قومه فتحها لعقودٍ طويلة، والأهم له مع الشمس قصة واعجاز، فما هي؟

هو "يوشع بن نون بن أفراييم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام"، أما في الكتب المسيحية القديمة والتوراة فقط ذُكر باسم " يشوع بن نون"، وله سِفرٌ خاصٌ به في كُتب العهد القديم وهو " سِفر يشوع"، قِيل أنه ابن عم النبي "هُود عليه السلام"، فيما ذهبت بعض المصادر الآخرى إلى قول أنه ابن أخت النبي موسى عليه السلام، أما عن ولادته فحاله كحال أغلب أنبياء العصور القديمة لا يُمكن تحديد السنة بالضبط، إلى أن بعض المصادر أشارت إلى أنه يمكن أن يكون تاريخ الولادة في حدود العام "1463 ق.م".

في القرآن الكريم لم يرد اسم "يوشع بن نون" بشكل صريح، إنما تمت الإشارة إليه فس "سورة الكهف" على أنه فتي نبي الله "موسى عليه السلام" في رحلته الشهيرة، أما كيف وصل الخبر إلينا بكون فتي موسى هو يوشع بن نون ونبوته، فالأمر مذكور في أكبر كتب المُسلمين المُختلف نقلًا عن حديث الرسول الأكرم " محمد صل الله عليه وسلم" يؤكد فيه هذا الأمر .. إذًا يوشع بن نون عاصر نبي الله موسى عليه السلام، بل بعض الروايات أكدت أنه كان مصاحبًا دائمًا لنبي الله موسى وقد تعلم منه مختلف العلوم، وحفظ منه التوراة، هذا الفتي اليافع آنذاك رافق نبي الله موسى عليه السلام لرحلته للقاء الخضر في الواقع المعروفة.

 تابع يوشع مرافقة موسى عليه السلام وكان من خواصه مرافقته جنبًا إلى جنب مع أخيه هارون عليه السلام، فكان يوشع من الراجل الإثني عشر أو النُقباء الإثني عشر الذين أرسلهم موسى لِتقصي أخبار مدينة "الجبارين" بعد عودة الإثني عشر نَقيبًا من رحلتهم وتحذير موسى وقومه من دخول المدينة، كان "يوشع بن نون" و " كالب بن يُفنة" هما الرجلان الوحيدان الذان شجعا بني اسرائيل على إطاعة موسى ودخزل " اريحا" مدينة " الجبارين"، وهو ما ذكره لنا القرآن الكريم في "سورة المائدة" إلى أن القوم وكما تعرفون أبو القتال وعصوا، فكان جزائهم " التيه ل 40 عامًا"، تحريم دخولهم إلى بيت المقدس.

في التيه رافق "يوشع بن نون" نبيه " موسى عليه السلام"، وقد أتي الوحي لـ "موسى عليه السلام" من ربه أن "يوشع" هو وَصّي ونبي من بعده.

بعد مُضي الـ 40 سنة في التيه آذن الله لمن بقي من قوم موسى والجيل الجديد من ابنائهم بأن يعرفوا طريقهم، فخرجوا من التيه وعادوا لمدينة "الجبارين"، لديهم الاصرار على فتحها، بالطبع "يوشع" كان منهم، بل هو من تولي قيادة فتح "اريحا"، لابد عليّ أن أذكر المصادر والمراجع اختلفت فيما بينها حول النبي "موسى" كان حيًا عند انتهاء التيه، أو أنه تُوفي وتولي "يوشع" النبوة خلال التيه.

وصل بنو اسرائيل إلى تخوم مدينة "الجبارين .. اريحا"، هذه المدينة التي كانت مُحاطة بسور كبير استعصت على بني اسرائيل لمدة "6 أشهر" بحسب ما ذكر "ابن كثير"، إلى أن جاء اليوم الذي آذن الله تعالى بفتح المدينة.

أحاط بنو اسرائيل المدينة من جميع الجهات، ثم نفخوا في القرون أي الأبواق مجتمعين وصاحوا صيحة رجلٌ واحد لاهجين باسم الرب ليحدث العجب.

تفسخ سور المدينة وسقط سقطةً واحدة، فبث الله الرُعب في قلوب سكان مدينة الجبارين، فلم يستطيعوا مقاومة فلول بني اسرائيل الذين دخلوا المدينة واغتنموا من غنائمها وقتلوا من عارضهم واستقروا فيها فترة من الزمن، وبحسب الروايات التي تُقر بحياة "موسى" في تلك الفترة فإن نبي الله "موسى عليه السلام " استقر باريحيا ومات هُناك بعد أن سَلمَ زِمام النبوة بأمر آلهي إلى "يوشع عليه السلام".

وبالطبع من غير المعروف مكان قبر " موسى عليه السلام" حاله كحال الكثير من الغموض والجدل المُكدس لحياة النبي.

نتابع مع "يوشع" الذي أضحى نبيًا إلى جانب تيسير شؤون أمور بني اسرائيل وتعليمهم التوراة وتعاليم الرب، كان "يوشع عليه السلام" يسعى لفتح بيت المقدس، تلبيةً لأمر "موسى" قبل وفاته، وأيضًا لكي يستقر مع قومه في الأرض المقدسة الذين حرموا منها "40 عامًا"، وهذا ما كان.

فمشي "يوشع بن نون" مع من أختاره من الرجال لفتح بيت المقدس ووصلوا إلى الأرض المُقدسة وحاصروا المدينة التي كان الكنعانين يتخذونها مقرًا لهم، وفي فتح بيت المقدس تجل اِعجاز الخالق في نصر نبيه .. فما هى المعجزة؟ وما علاقة الشمس؟

بدأ القتال وكان في يوم الجمعة، أما الغَلبة فكانت لبني اسرائيل، استمر القتال خلال النهار كله وقد سعى يوشع لحسم القتال في هذا اليوم لسبب مهم، اليوم التالي هو السبت ويُحرم فيه القتال والعمل على بني اسرائيل بحسب تعاليم الرب في التوراة، إلى أن المعركة لم تُحسم وبيت المقدس لم يُفتح، فما الحل؟

رفع "يوشع عليه السلام" يداه داعيًا ربه أن "يحبس الشمس" عن المغيب حتي يحققوا النصر، ويدخل المدينة فلا يأتِ السبت المُحرم حتي يُحققوا هم النصر المُحتم، وكان للنبي ما أراد، حبس الله الشمس طيلة مُدة القتال وبقيّ يوم الجمعة قائمًا حتى تحقق النصر لبني اسرائيل، فتحوا بيت المقدس على يد رجال اختارهم يُوشع، رجالٌ لا يشغل بالهم إلا القتال في سبيل ما يريدون دون أن يكونوا مشغلولي الفكر في أيٍ من أمور الدنيا.

حادثة حبس الشمس وردت بالنص النبوي الصريح عن النبي " محمد صلَّ الله عليه وسلم" : "ما حُبِسَت الشمس على بشرٍ قط إلاّ على يوشع بن نون لياليَ سارَ إلى البيت المُقدّس" .. في دلالة واضحة وصريحة على التأييد الآلهي الذي لا يَحظى به إلا نبيٌ من أنبياء الله.

يَجدر بي ألفت إنتباهكم أصدقائي أن الخلاف حول حادثة حبس الشمس لا يتعلق بحدوثها من عدمه، فالأمر محسوم بالحديث النبوي إنما الإختلاف يكمن في أن هذه الحادثة الإعجازية حصلت في حادثة فتح "اريحا" أم " بيت المقدس".

بعد فتح بيت المقدس انتقل من تبقي من بني اسرائيل إليها وحكم فيه "يوشع بن نون" بأحكام التوراة وعلمهم أصول دينهم حتى قبضه الله إليه، كان يبلغ حينها من العمر "127 عامًا" بحسب المؤرخين، أما عن قبره فحاله كحال من سَلِفَ من أنبياء ذلك العصر لا مكان مُحدد، حيث يُقال أن له ضريحًا في "مدينة الصَلت في الأردن"، وآخر في "الكرخ في بغداد العراق".

القصة التوراتية والواردة أيضًا في سِفر "يشوع" المُعتمد كأحد كُتب مسيحية العهد القديم تحكي ما يشبه الرواية الاسلامية إن كان من فتح مدينة العماليق كما تُسمى في تلك الكتب ومنها إلى بيت المقدس، فحادثة حبس الشمس ويدخل فيها أيضًا أن القمر توقف عن الدوران ليحقق بنو اسرائيل المبتغى.

وفي التوراة يوشع أو يشوع بن نون توفي وله من العمر "110 سنوات".


عمر سعيد|همج لطيف 

تعليقات

التنقل السريع