نص: الانتظارالكاتب: عمر سعيد
تصميم: منى عنتر
غادر الجنود الميدان وأبراج الحراسة، رحل آخر قطار من محطة المدينة، توقّفت الحافلات عن الطواف، لَملمَ المُشرّدون كل بقايا الطعام من صناديق المهملات، نامت القطط في مداخل البنايات، الصَمت غلّفَ المدينة بالهدوء والغُموض، وبَقيت أعمدة الإنارة شاهدة على بُكاء الأرصِفة والأمكِنة وأنين الذكريات.
الناس نيام والعالم في غَفلة، ألَم تُخبريني بأنكِ تكرهين الضجيج؟ لماذا لا تظهرين!
لَيل المدينة يُثيرُ فيّ نَشوة اللّقاء، لماذا تُخفين القمر في عَينيكِ وتمتنعين عن الحُضور؟
لي عِندَكِ الكثير مِن الأحلام والقليل مِن الأُمنيات، لي ساعات بهجة ولحظات سعادة، أعدي لي كُل الأشياء التي سرقتيها، رائحة القهوة والكُتُب ونظرات العشق، أعدي لي الزمن والتاريخ والذاكرة، أين أخفَيتي السُفُن والمرافئ ومقاهي القاهرة؟
قاسيةٌ أنتِ.. كالشتاء، كَالبَرد حين يَشتدّ، تُشبهين المطر حين يهطل، ترتجف أوصالي مِن لسعات الريح والشَوق، آه يا بَعيدة.. يا عنيدة، لكم أتمنّىَ الوصول إلَيكِ؛ لكي أنعمُ بالدِفء في راحتَيكِ، لكي أقتبس منكِ قصصًا وقصائد وبعض الفُرص.
كم رأيتكِ في الوجوه والملامح، كم شعُرت بكِ في رائحة البحر وضوء الفجر وغناء الطير، عجيبةٌ أنتِ، تسكُنيني رغم خرابي وفراغي، تتمسّكين بي.. وأنا المنبوذ مِن العقول والقلوب وحتى الوطن.
تعليقات
إرسال تعليق