القائمة الرئيسية

الصفحات

 مقال: التسامح في الإسلام
الكاتبة: وداد عبدالمنعم 

تصميم: ريم صالح 


•لقد جاء الإسلام ليكون رحمة للعالمين؛ وليسقط الأغلال والعنت الذي كان على من كان قبله من الشرائع؛ وذلك لأن نبي الإسلام ورسول رب العالمين محمد صلى الله عليه وسلم كان من أعظم المقاصد التي أرسل من أجلها أن يكون رحمة للعالمين؛ كما قال الله تعالى ذلك في كتابه الكريم: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين} [الأنبياء: 107]، وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ قَالَ : «إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً». فهذا الدين قائم على الرحمة والسماحة واليسر.


وفي تشريعاته مظاهر بينة للرحمة والسماحة مع غير المسلمين؛ لكي يدرك غير المسلمين أن هذا الدين من لدن حكيم عليم رحيم بخلقه.


*بعض صورالسماحه في الإسلام*: فمن صور سماحة الإسلام:أنه كفل الحرية لكل فرد؛ فلا إكراه في الدخول في الإسلام إلا بعد القناعة التامة بهدايته؛ حيث قال تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}، فدين الإسلام بيّن واضح جلي دلائله وبراهينه لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته دخل فيه على بينة، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسورًا.

*بعض صور تسامح النبي صلى الله عليه وسلم والصحابه*: 

1/تسامح الرسول -صلى الله عليه وسلّم- مع الأعرابي، عندما كان يمشي مع الصحابي الجليل أنس بن مالك -رضي الله عنه- وكان يرتدي عباءةً ثقيلةً من نجران، فجاء الأعرابي وشدَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى ظهر ذلك في صفحة عُنُق الرسول -عليه الصلاة والسلام-، فلم يُغضبهُ ذلك ولم يُعاقبه بل ابتسم في وجهه واستمع إلى حاجاته وأعطاهُ مسألته.


2/وتسامحه -صلى الله عليه وسلم- مع الرجل الذي أراد قتله، حيث استظل الرسول -عليه الصلاة والسلام- تحت ظل شجرة، فاستغل رجلٌ من المشركين ذلك فباغت الرسول ورفع السيف في وجهه فقال الرجل من يمنعك مني؟ قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: الله، فسقط السيف من يد الرجل فأخذه الرسول، فعفا عنه.

3/مسامحة الرسول -صلى الله عليه وسلّم- في فتح مكّة، عندما فتحها بدون إراقة نقطة دم، فتم فتح مكة بشكل سلميّ، ومسامحته لمشركي مكة الذين قاتلوه وآذوه وفعلوا فيه وبصحابته الكرام الكثير، وقوله لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء، فلم يُعاقبهم ولم يُحاسبهم مع أنّه له كل الحق في ذلك، لكن أخلاقه أسمى -صلى الله عليه وسلم-.

4/تسامح سيدنا أبو بكر الصديق مع ابن عمّه مسطح بن أُثاثة، وكان من فقراء الصحابة، فلما حدثت حادثة الإفك، تكلّم في ذلك مسطح وتورط في هذا الحديث، فحلف أبو بكر الصديق ألا يُنفق عليه بعد ذلك، فلمّا أمر الله بالعفو والصفح والمسامحة، كفر أبو بكر عن يمينه فسامحه وعفا عنه، وعاد لينفق عليه، يقول الله -تعالى-: (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ).

وبذلك فإن التسامح خُلُقٌ عظيمٌ وهو شاملٌ لعدة أخلاق، منها: الرحمة، والعطف، والجود، والسلام، والكرم، وهي ما جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، ليرسّخها في قلوب المسلمين، ولتزدهر في المجتمع الإسلامي، وقد ربط الرسول -صلى الله عليه وسلّم-، بين خُلُق التسامح وبين أصل الدين الإسلامي، حيث قال: (إنِّي بُعثتُ بالحنيفيَّةِ السَّمحةِ). وإن التاريخ الإسلامي زاخرٌ بالمواقف التي تدلُّ على التسامح والعفو والصفح•


وداد عبدالمنعم|همج لطيف

تعليقات

التنقل السريع