القائمة الرئيسية

الصفحات

الماضي

 هل ينبغي النظر في ماضي الفرد لتفسير سلوكهِ؟ أم أنه ينبغي أن نركز على ظروفه في الوقت الراهن؟ إن الإنسان يقوم بفعل ما هو عليه وما يَقدِم عليه، عن طريق خبراته السابقة، وما قد عاشه في وقته الذي مضى، علينا أن نُدرك بأن ما علمتنا السنين التي ولت، جبرتنا أن نكون على ما نحن عليه اليوم، قد عشنا أشياء كثيرة في وقت قد مر عليه الكثير، جعل منا هذا الإنسان بصفاته هذه، قد كنا نتعايش في فترة من العمر أخذت من طباعنا الكثير، قد تطبعنا وطَبعتنا هذه الفترة علي ما نحن عليه الآن، لا شك بأن الإنسان يتشكل على ما يعيشه، ويكون مثلما يرىٰ ومثلما يجالس الناس، لا يمكن تَغيُرنا ببعض الكلمات حتى نغير ما قد كنا فيه خلال فترة طويلة، لا يمكن أن نغير من طباعنا حتى نُلائم فترة وجيزة ونتخطى فترة كادت أن تُعلم في عقولنا مما مررنا به، لا أحبذ فكرة أن يأتي شخص ويفرد عليَّ طباعه، ويجبرني أن أتأقلم على وضع يريد أن يضعني فيه، وأنا التي قد تطبعت بشيء لا يمكنني الحياد فيه، لذلك خيار فقط أما أن تتقبلني بما أنا عليه وتتعايش معي على هذا الأساس، أو أنك تلوذ بمكان غير مكاني؛ فأنني صعبة التغير، وأنني راضية على ما أنا عليه، لا أحب أن أتغير لأحد أو أُغير أحد حتي يكون مثلي، كل إنسان على سجيته يولد، ومع الزمان وما يمر عليه يتشكل حتي يتجاوز عمره ويصير على ما هو عليه، فلا يأتي شخصًا ويطلب من شخصٍ أخر بأن يتغير له، فهذا غير مقبول وليس بشيء محبذ، فالطبع دومًا أو لنقول غالبًا ما يغلب التطبع، كما أن الإنسان عند مولده لا يعدو أن يكون صفحة بيضاء، لا يسطرها سوى خبراته الحياتية، لا يوجد خبرات أو ميول فكرية عند المولود، ولكن ثمة أحداث تتوالد عليه فتُكتب في ذاكرته ويتطبع عليها مع مرور الزمن؛فالمرء لا يكون مزود بشيء على الإطلاق عند ولادته ولكن يصير على ما هو عليه من ما يمر عليه، أي نتاج التطبع، فمن الواجب هنا عليك إن أحببتني فلا تطلب مني أن أتغير لأجلك أو لأجل حب تقبلني بما أنا عليه، وسأفعل أنا المثل.


مها بدر|همج لطيف

تعليقات

التنقل السريع