قصة "بفضل كذبة"
يمنى شحاتة
جميعنا سمعنا عن أن أحدهم كان يكذبُ كثيرًا، ومن ثم استيقظ ذات يوم يقول الحقيقة ولا يستطيع الكذب مرة أخرىٰ، لكن هل علمت أن هناك من يقول الحقيقة دائمًا، وكان عقاب القدر له هو جعله يكذب؛ لتلقينه درسًا..
أنس هو شخصٌ مغرور للغاية ولم يكن يكذب البتة، رغم أن الكذب في بعض الأحيان مرغوبٌ فيه..
كان أنس لديه جارةٌ تحبه للغاية، لكنها لم تكن جميلة بما يكفي، بل لم تكن جميلة البتة..
ولم يخطر ببال أنس أن يخبرها بأنها جميلة، بل كان دائما يخبرها بحقيقة قبحها.. وهذه هي الحالات التي يستحب الكذب فيها للحفاظ علىٰ قلبٍ من الهلاك..
كان أنس بزيئ للغاية مع عائلتة، أصدقائه، وكل من حوله، ولم يكن يحبه أحدٌ البتة، ولكن كان للقدر رأيٌ آخر في فظاظته في التعامل مع الآخرين.. وفي طريق عودتهِ إلى المنزل مر أنس من خلال باب خفي لم يشعر بهِ ولم يراه، وحين مروره بجوار منزل جارته التي تحبه، صادفها في الطريق..
وكانت المفاجأة بأنه أخبرها بأنها جدًا جميلة وجذابة وتلفت الأنظار، لم يمر وقتٌ طويل حتى ذاب قلبها من جمال كلماته.. سارع أنس في الركض إلى منزله متعجبًا لما قد قاله، فعقله كان يعد لها من الكلام ما هو بزيئ، لكن لسانه تفوه بغير ذلك..
كان لديه أخٌ صغير وكان يحبُ الرسم وكان دائما ما يخبره بأن رسمه قبيح ومجرد خطوط غير مرتبةٍ حتىٰ، وكان هذا يزيد من كره أخيه له، ولكن للمرة الأولىٰ أخبره أنس بأن رسمه جميل وسيصبح في يوم ما رسامًا ماهرًا، حتى برز في وجه أخيه علامات الزهول...
سارع أنس إلى الذهاب إلى غرفته وكان لديه حبيبة وكانت هي الوحيدة التي لا يخبرها بحقيقة رأيه فيها.. وكان دائمًا يمدحها رغم كرهِ الشديد لها ولكنها كانت في غاية الجمال وهذا ما يُريد..
تحدث أنس معها ليرىٰ هل سوف يكذب عليها أم يخبرها بالحقيقة..
وهنا كانت لعبة القدر، فقد أخبرها أنس بأنه لا يحبها وهو فقط يسعى خلف مظهرها ليس إلا أما عنها فهي لا تساوي شيئًا وهي أيضًا فتاة ليلٍ عاهرة وهو لا يحبها...
فسرعان ما لقنته من الحديث أسوأه وأخبرته بأنه مغرور ولن تحبه أي إمرأة على وجه الأرض، حتى أن أمه لا تحبه؛ فهو عارٌ على الرجال ولا يصلح إلا أن يكون ذكرًا.
ظل أنس طوال هذه اليلة خائف وضطرب جدًا ولا يمكنه تفسير ما يحدث له.. وشعر بالضعف وبأنه في خطر لأول مرة في حياته..
أتى الصباح واستعد أنس للذهاب إلى عمله وقبل خروجه من منزله أخبر والدته أنه يحبها، وأخبرها أن تعد له من الطعام المفضل لديها فهو المفضل لديه أيضًا...
وبكت والدة أنس؛ لأنه ولأول مرة في حياتهِ، يحادث والدته بشكل لبق..
وحين خروجه من منزله اعتذر من جارته التي لاطالما كان يلقبها بالقبيحة، وأخبرها بأنه يحبها ويريد الزواج منها..
إنهمرت دموعها من شدة حبهِ لها ووافقت على على عرضه، حاول أن يخبرها بأنه لا يريد الزواج منها لكن لسانه يتفوه بالعكس ويخبرها أنه حقًا يريد أن يتزوجها.. مرت عدة أيام على عرضه لها وعلى قبولها، وفي أول أيام خطبتهما.. طلب منها أن يعقدو قرانِهما لأنه لا يتحمل أن يبقى دقيقة واحدة دون أن يكون زوجها.. سرعان ما وافقت وسرعان ما عقدو قرانِهما، كان دائمًا يحاول أن يقول ما يشعر لكن لسانه يقول العكس..
مرت سنة كاملة وهو على هذا الحال تزوج وزوجته تحمل في رحمها طفلًا.. أصبحت علاقاته مع من حوله في غاية الجمال وأصبح الجميع يحبه في غضون سنة واحدة وتناسوّ جميعهم العديد من السنوات التي كان فظًا فيها.. ومع مرور الوقت إعتاد على حاله.. وأصبح يحب زوجته بصدق.. وفي إحدى الأيام مرَ أنس من نفس الباب الذي مرَ منهُ مسبقًا، ولم يرىٰ ولم يشعر..
وحين عودته إلى منزله وجد بأنه عاد يتحدث بصدق.. وأن لسانه يقول ما يفكر به عقله وكلاهما لم يعد يتناقض مع الآخر، جلس معايا زوجته وأمسك بيدها وأخبرها بالحقيقة.. وبأنه عندنا تزوجها وأخبرها بأنها جميلة كان يكذب.. ولكنه الأن يحبها بصدق ويرىٰ أنها حقًا أجمل نساءِ الأرض، على الأقل في عينيه.
أخبرته بأنها كانت تعلم بشأن هذا الأمر وهي من صنعت باب خفي وألقت عليه لعنة تجعله يكذب..
لم يهتم أنس بشأن هذا الأمر كل ما كان يهمه هو أنه أصبح بفضلها شخصًا أفضل، ضمها أنس إلى أضلعهِ بشدة وأخبرها بأن هذه اللعنة هي أفضل لعنة على الإطلاق، وبدأ أنس يشعر بضوء جدًا قوي يخرج من زوجته.. فنظر إليها وجد بأن وجهها وجسدها يشعان نورًا، وبعد إختفاء ذلك النور تحولت زوجته من إمرأة قبيحة إلى سيدة جدًا جميلة.. وأخبرته بأن لعنة القبح كانت ترافقها منذ الصغر.. وكي تختفي هذه اللعنة كان يجب عليّ بأن القن أحد المغرورين درسًا.. ولم أجد أفضل منك، لكنني لم أكن أعلم بأنني سوف اذوب في عشقك.. ضمها مجددًا وأخبرها بأنها أفضل لعنة وأفضل إبتلاء مرَ بهِ، ضمته بشدة وأخبرته بأنه أفضل مغرور رأته على الإطلاق.
اوه❤❤🫂
ردحذف