قصة "شامين"
"ميادة أحمد"
في اليوم العاشر من شهر شباط، في حديقة منزلي الصغيرة، ضوء الفجر الجميل، الساعة الخامسة فجرًا، جو يملأُه الهدوء والسكينة، أجلسُ في الحديقة أمسك بكوب الشاي الساخن، واضعًا ملائة على أكتافي لأستدفئ من برد شباط القارص، أُودعُ أخر أيام البرد الجميلة، وأستنشق رائحة الندى والتراب المُبلل، خطرت لي فكرة جميلة جدًا، وخاطبت نفسي قائلًا: "لماذا لا أفتحُ مكانًا خاصًا لاستقبال المرضى النفسيين؟" لأسمع شكواهم، والبيت وطقسه مؤهلين إلى ذلك جدًا، اتصلت على صديقي كِنان سألتهُ عن صحتهِ وقلت لهُ الفكرة، وغمرني بالدعم كالمعتاد منه،
ذهبت لترتيب الغرفة الصغيرة التي تطل على الحديقة الجميلة المليئة بالعشب الصغير الذي يُبللهُ الندى، وأعددت الغرفة بشكل جميل
________________
=شامين!؟
تلك النبرة أعلمُها جيدًا، ما القرار الآن يا تُرى؟ ما القرار الذي سوف تتخذهُ عائلتي بالنيابة عني؟! لنكتشف، ذهبت لأمي لأعلم ما سبب شامين؟! التي تخرجُ ببراءة حاملةً معها لغز.
- نعم يا أُمي، أهناك شيء مهم؟!
= نعم يا ابنتي، عمك أتصل الأمسِ بوالدك وأخبرهُ أنهم يُريدونكِ لابنهم كِنان، ما رأيكِ؟
- كِنان!! وهل لديّ ابن عم اسمه كِنان؟ حقًا أنا لا أعرفه،
= سوف تعرفينهُ لأن والدكِ قد حدد موعد الخطبة وانتهى الأمر، غدًا بيت عمك سيأتون إلى هنا لرؤيتك،
- حسنًا يا أمي،
ذهبت إلى غرفتي الصغيرة الحرة، والتي قد ملّت من اتخاذ قرارات بشأني، تكادُ غُرفتي تقول لي: "سوف أتحول لغرفة استغاثة يومًا" لأني كُلما حزنت ذهبتُ إلى غرفتي التي لا تقدر على فعل شيء سوى احتضاني بين الأربع جدران.
_______________
دقت الساعة السابعة مساءً بعد يومٍ طويل وأنا أُجهز غرفة الاستشاري، لأعالج الذين يتمنون لو أن هناك أحد ينقذهم من شتات عقلهم، ويستمع لهم عندما يريدون البوح بكل ما يكتمون في الجوف، ونستطيع معًا إيجاد حل لمشاكلهم،
ذهبت للمشفى وللجامعة لأقوم بطلب كل الاورق اللازمة والتصريح لأقوم بكل شيء قانونيًا، ذهبت للطابعة التي بالقرب من منزلي
وطبعت بعض من الاعلانات، غدًا سوف أقوم بنشرهم في كل الأرجاء،
نظرت للمدينة الصغيرة الهادئة اللطيفة، لفتت انتباهي فتاة في سن العشرون عامًا، وهي تمشي بسرعة كانت تُردد، شامين، أفعلي، أقبلي، أجهزي، قلت لها:
- معذرة ما الذي توما إن تحدثت حتى انفجرت قنبلةُ الكتمان وقالت:
= هل أنت أيضًا ستمنعني من حرية التكلم مع ذاتي، من لديه الحق في منعي من العيش بحرية؟ ابتعد عني فأنا لا أطيق من يمنعني من شيء أو يفرض عليّ قرارته.
تعمدتُ أن أُضايقها أكتر لأعرف ما الذي يجعلها تتكلم بسرعة، خاطبتها قائلًا:
- حسنًا، ولكن لا يمكن التحدث مع ذاتك في الشارع،
قالت وهي تهجم عليّ بصرخاتها، وتقول بصوت عالٍ:
= من، الذي وضع هذا القانون المزعج؟
من قال أنهُ لا يُمكنني التحدث مع ذاتي في الشارع؟
مددت يدي وأعطيتها الاعلان وقلت:
-هذا تصريح يمنعك من التحدث في الشارع، فقط تعالي إلى غُرفة الاستغاثة خاصتي، وتحدثي بكل الطرق وفيما يعجبك أيضًا.
ما الذي قاد بها لمرحلة أنها تتحدث مع قلبها وعقلها في الشارع؟ يبدو أنها تكتم الكثير من الكلام، وعندما قمت بطرح سؤال، فاض بها الأمر وانفجرت بي،
إذا تلقيت حالة مثل هذه الفتاة فقد يلزمني بعض الأشياء التي تعمل على تهدئة الوضع، موسيقى أو بعض من الكتب، سكاكر وشكولاتة، سوف أشتري كل ما يفضلهُ الفتيات والفتية،
اتجهت في أركان المدينة ابحث عن مكتبة، ها... وجدتها...
دخلت مُسرعًا لأشتري بعض الكتب التي تُعرفك أن الحياة سهلة بسيطة، ليست معقدة، وهناك حلول دائمًا، قد تكون حلول بديلة ولكنها حلول.
دخلت بين الأجنحة والرفوف وتاه عقلي من شدة الجمال، وجدتني أريد شراء كل الكتب، ولكني ركزت على الكتب التي تكون عن الاستشاري النفسي، او الطب النفسي، دخلت جناح مكون من أربعة حواف مملؤتين بالكتب وهناك طاولة صغيرة في المنتصف، تجلس فتاة،
وتقرا كتاب لم أرى عنوانه، لأنها تنام على الكتاب وتضع يدها تحت الغلاف بينما يدها الأخرى تقلب الصفحات، لتضعها تحت خدها النائم على الجزء الأيمن من الكتاب،
ما هذه الغرابة! من يقرا هكذا؟،
اتجهت إلى الرُّفف لأبحث عن الكتب،
قررت أن اسألها على أن ترشح لي بعض الكتب،
- عفوًا! ماذا تقرئين؟ أريد بعض الكتب المهدئة، أنتِ هادئة الآن ماذا تقرئين؟،
نظرت إلي ببعض الهدوء،
واذا بها الفتاة التي كانت تتحدث مع ذاتها في الشارع امام المطبعة، تحولت من وحش هجم عليّ بصرخاته إلى طفل صغير تائهٌ بين الأسطُر والأحرف، أجابتني قائلة:
-أنا اقرأ عن الطب النفسي،
= ولماذا؟ هل أنتِ طبيبة؟
- لا، ولكني أتخيل نفسي البطلة وأنا اقرأ.
= معنى هذا أنكِ مريضة!
- لا أدري، ولكن هذا ملاذي، فأنا أجد الحرية في الخيال، بيننا ينتظرني سجن في البيت.
= ما هو السجن؟ يمكنك التحدث.
= أتيت إلى هنا ليس لأتتبعك، ولكني أردتُ بعض الكتب عن الطب النفسي لأضعها في غرفة الاستقبال، إن كنتِ تردين أن تأتي إليّ في يومًا للفضفضة لا أكثر، أنا في انتظارك،
- لا استطيع التحدث الآن.
=حسنًا كما تشائين.
أخترت مجموعة من الكتب، وانصرف.
________________
استيقظت من النوم على صوت أمي تُنادي علي، وعندما خرجت من غرفتي رأيت اجتماع عائلي كبير، عمي وزوجته جالسون، لم يأتي كِنان، الذي لا أعرفهُ،
قال الجميع مُبارك لكِ عزيزتي سوف تتزوجين عن قريب.
- ما.... ماذا؟؟ أنا أتزوج دون علمي؟
أجابت أمي وهي تعضُ على شفاهها قائلة:
= والدك حدد كل شيء مع ابن عمك
كِنان شخص رائع وسوف يأخذك إلى لندن بعد الزواج
=ابنتي في غضون شهر سوف تتزوجين، أتمنى ان تكوني جاهزة
"جاهزة؟! جاهزة لقرار لم أتخذهُ من الأساس!؟ أحقًا يا أبي!"
بعد ما رددت تلك الكلِمات داخل عقلي الذي لا يُقيدهُ سوى لساني، انصرفت لغرفتي دون التفوه بأيةِ كلمه.
ارتميت على السرير لأرى ورقةً بجانب الوسادة، كنت أمس أتيت من الخارج عندما ذهبت لشراء بعض التسالي لأزيل توتري، ولأقرأ بعض من كتب الطب النفسي لأشعر أني لست الوحيدة التي تتحدث مع نفسها.
وقابلت ذلك الطبيب، وأعطاني الاعلان،
اتصلت به وقلت لهُ أنني سوف أزور غرفته، ذهبت لأجهز للمقابلة، لغرفة الاستغاثة.
__________________
في اليوم التالي اتصلت على كِنان، واتفقت معه على موعد، لأجعله فأر التجارب خاصتي
سوف أأخذ رأيهُ في الغرفة وأقوم بسؤالهِ عدة أسئلة، لأُمارس عليهِ المهنة،
دق جرس الباب ها قد جاء كِنان، ذهبت مُسرعًا لأفتح الباب،
وعندما دخل إلى الغرفة حدثني قائلًا:
- ما هذا يا مجنون؟، أعددت عيادة طب نفسي؟!
=ما رأيك؟! وأيضًا قُمت بطبع الإعلانات ونشرتها في الجامعات والشوارع.
دعني أُجربُ معك كيف سيكون الآمر.
لأن هُناك فتاة ستأتي بعد نصف ساعة لأول جلسة لها،
- حسنًا فلنجرب،
= كِنان؟ اول سؤال، متى تشعر بأنهُ قد فاض بك الآمر،؟
- عندما أتحدث كثيرًا
= متى أخر مرة شعرت أنك تُريد الصراخ؟
- كل يوم أتمنى الصراخ بأعلى صوت، عندما يكون قد فاض بي الآمر وامتلأت أعيُّني بالدموع، أو عقلي بالشتات
=كِنان أنت تخفي عني مشاعرك؟!
لديك الكثير من المشاعر المكتومة! لماذا تخفي عني ألست صديقك الوحيد؟!
- بلى، ولكن لا أرى في الحديث الملاذ. يجب عليّ أن أذهب الآن، وأنت حظًا سعيدًا في أُولى جلساتك مع المرضى،
ذهب كِنان ولم يمُر سوى الكثير، ودخلت عليّ فتاة الحديث مع الذات، قلت:
=مرحبًا، تفضلي بالجلوس،
وضعت حقيبتها على الكرسي، وبدأت تتجول وتمسك رأسها، وتترقع أصابعها، وتقول:
-هل الحرية والاستقلال من حق من؟
= هل منعتك عائلتك من فعل شيء ما؟!،
-أنت تعلم يا حضرة الطبيب أن لن تسمح أيّ عائلة بذهاب ابنتهم إلى طبيب مجانين،
= وهل أنا طبيب مجانين؟
- بالطبع!
= أنا لست طبيب مجانين، أنا فقط استشاري نفسي،
- أعلم، ولكن عائلتي لا تقتنع بذلك، ولا أحد يقتنع أيضًا، ترغب في أن أتزوج ابن عمي، وأنا لستُ مؤهلة لذلك، اختاروا لي جامعتي ومدرستي، يختارون لي اصدقائي، انا لم اختر اي شيء في حياتي قط.
= هل تحدثتِ معهم حول ذلك؟
- مائة مرة، واقول لهم وألومهم على إرغامي على فعل الأشياء،
ولكن هم دائمًا شامين أفعلي وأصمتِ،
=وما هذا الاسم، شامين؟
- هذا يعني الاستقلال والحرية، أبي من سماني بهذا الاسم،
= جميل الاسم، ومعناه سوف تحصلين عليه قريبًا،
- ولكن كيف؟ كيف لي أن أُعارضهم؟
= لن تُعارضي سوف تتقبلي كل شيء،
جربي أن تتقبلي القرار بعقلك، لا بقلبك
نظرت إليّ نظرة ثاقبة ثم قلت:
هل قابلتي ابن عمك؟
= لا أعلم أن لديّ ابن عمّ اسمه كِنان من الأساس!
- حاولي شامين، حاولي تقبل الشيء بنظرتك، برؤيتك للشيء نفسهُ، لا لمن أتخذه، هذا هو الواجب المنزلي لك،
= هل أنت مدرس؟ أم استشاري؟
- وسوف أُحدد لكِ واجبًا منزلي، حاولي وسوف نطبق خاصية القبول هذه لمدة خمسةُ أيام فقط، ونُعيد الزيارة بعد المدة المحددة.
= حسنًا اتفقنا، إلى اللقاء يا طبيب المجانين.
بضحكٍ خاطبتُها قائلًا:
- إلى اللقاء يا طالبة الاستقلال.
________________
خرجت من غرفة الاستشاري النفسي، صديقي غيّاث، عندما خرجت رأيت ابنة عمي شامين أمامي، هي لم تراني قط، ولا تعرف كيف يبدو شكل وجهي، نظرتُ إليها وقلت:
-هل أنتِ الفتاة التي ينتظرها الطبيب غيّاث؟
= نعم أنا
- حسنًا تفضلي بالدخول.
أشرت على الغرفة لتدخل الغرفة، ودخلت ولكن ما لذي جاء بها إلى هنا؟، قررت أن أتنصت عليهم وأسمع حديثهم، وكانت المفاجأة أنها مجبرةٌ عليّ، ولكن عائلتي قالت لي أنها سعيدة بخطوبتنا!،
تسمعت إلى الحديث بالكامل وعندما خرجت قلت لها:
- أتمنى أن تطبقي نصيحة الطبيب،
= حسنًا سوف اطبقها إن شاء الله.
خرجنا سويًا من منزل غيّاث، كانت تنتظر سيارة الأجرة لتذهب للمنزل، قلت لها:
-دعيني أوصلك إلى المنزل، بواسطة الدراجة النارية
= لا شكرًا، لا أريد
- لا تقلقي أنا ذاهبٌ في نفس الاتجاه
= وما أدراك باتجاهي؟
توترت من سؤالها ثم أجبتها:
-نحن سجلنا بياناتك لدينا عندما تحدثتِ مع غيّاث، وأنا علمت من بياناتك،
أصعدي رجاءً.
صعدت خلفي على الدراجة وانطلقنا للمنزل، وصلنا بسلام، ثم قلت لها:
- عمي يعيش في هذا البيت،
= حقًا!
نعم، ولكن سوف أراه مرة أخري،
قالت لي:
=هل صعدت معي في المصعد لأني أخشى الصعود بمفردي؟
- بالطبع! بكل سرور
أخذنا المصعد، ولا أدري ما الخطوة التالية ؛
هل أُصارحها؟ أني خطيبها الذي مجبرة عليهِ؟ أم أنتظر عندما تعلم وحدها؟
في أي طابق سوف تصعدين؟
= الطابق العاشر.
- انهُ نفس الطابق الذي يعيش به عمّي
= انها صدفة جميلة
صعدنا وعند باب الشقة قالت:
هذه هي شقتي، أين شقة عمّك!
أشرت لنفس الباب، وتلقيت نظرتُها التي كانت تملؤها الحيرة والتعجب ثم قالت:
- هل أنت تمزح!
= لا، أنا كِنان خطيبك.
وضعت يدها على الجرس ولم تنزلها من الصدمةُ أو الاندهاش الذي بات على وجهها، فتح لنا عمّي وقال:
= أهلًا بكُم تفضلوا،
دخلت شامين مُسرعةً على غرفتها ودخلت أنا خلفها،
رحبّ بي عمّي كثيرًا وقدموا لي الشراب وقلت لهم:
= كنت صاعدًا في المصعد بالصدفةُ وكانت شامين بداخله، ولذلك صعدنا معًا،
قال عمّي:
- ليست هناك مشكلة، انها فقط متوترةٌ بعض الشيء بسبب قرار الزواج
المُفاجئ والسريع، مثل كل الفتيات، أنت تعلم الفتيات تخجلنّ.
= أعلم، عمّي هل تسمحُ لنا بالخروج غدًا؟
فبعد شهرًا سوف نتزوج، نحتاج إلى أن نتعارف إلى بعضًا البعض.
- بالطبع لا يوجد مشكلة.
= بما أنك سمحت لنا، هل أسمع رأي شامين.
- هي لن تُمانع
= ولكن عمّي، أُريد أن أعرف إذا كانت ترغب أم لا.
-حسنًا اذهب وقم بأخذ رأيُها.
نهضت إلى غرفةُ شامين، طرقت الباب قائلًا:
- شامين هل فتحتِ الباب رجاءً،
أريد أن أآخذ رأيك في شيء،
رجاءً!
من خلفي جاءت زوجةُ عمّي وقامت بالغضب من شامين لعدم فتحها الباب وقالت بتذمُر:
= افتحي وكُفّي عن تصرفات الأطفال هذهِ.
- رجاءً يا زوجةُ عمّي، رجاءً لا تغضبي عليها، دعيني أنا أتحدثُ معها.
= حسنًا بُني، كما تشاء
طرقت الباب مرارًا وتكرارًا، ثم فتحت وأخيرًا، قلت لها:
- رجاءً لنتحدث قليلًا،.
فتحت باب الغرفة وقالت تفضل للداخل دخلنا لشرفة غرفتها وقلت لها:
- أعطني فرصة رجاءً، أنا أريد أن تحصلي على السعادة الكافية، ولا أريد تنفيذ القانون والضجة المجتمعية، وهي " زواج الفتاة لابن عمّها لا بد منه"
أنا أريد أن لا تضعي هذه الفكرة برأسك، فقط تقبّلي القرار بعقلك، وأدخليه لقلبك.
...-
لحظة صمت ونظرات في الأرض، ونفخ وتذمر من شامين، علامات الملل من كلماتي الفلسفية، وأخيرًا أخذت نفسًا عميقًا وقالت:
= أعطيتك، وسأتقبل الوضع لمدة خمسةُ أيام كمان قال الطبيب غيّاث، فقط خمسة أيام.
- شكرًا لكِ، أعدُكِ أنهُ سوف أكون الزوج المثالي
= سوف نرى يا سيد كِنان.
قالتها وكأننا في حربٍ وهيّ تتحداني، ولكن ثقتي بأني سأفعلُها جعلتني أقول:
- غدًا لدينا موعد غرامي لأول مرة اجهزي
________________
وهو يقول لي اجهزي، وكأنهُ قد قبل تحدٍ ما، هل نبرتي كانت ترمُز للتحدي!
وأشار بيديهِ ملوّحًا لي سلامًا وانصرف
*اليوم التالي*
= شامين!
آه لو تعلمون عندما أسمع تلك النبرةُ التي تُقال لي! هناك قرارًا آخر غير مرغوب، وجدت الحل سوف اتقبله دون معرفتهُ وأرحب به" أيُّها القراء! "راقبوني مع علامةُ النصر في هذا القرار"
- نعم أُمّي!
= عزيزتي من التقاليد أن نُصمم لكِ فستانًا يشبهُ فساتين كل العائلة والأجداد، ف تعالي لنأخذ المقاسات،
نهضت وارتديت ملابس الخروج بكل سرور
- هيّا بنا يا أُمي
انصرفنا وذهبنا للمصمم لآخذ المقاسات،
وأُمي أخذت فستان زفافها التي مازالت تحتفظ به، حاولت تقبُّل الفكرة،
انصرفنا انا وأمي للبيت بعد آخذ المقاسات، وبقيت أجهز نفسي للاستعداد للموعد الغرامي،
...-
اتصل عليّ كِنان وقال:
-انظري من أعلى الشرفة أنا بالأسفل.
ركضتُ لأراهُ قد جاء بالسيارة ومعهُ مجموعةُ من البالونات المليئة بالهيليوم، طائرةٌ ملونه وجميلة جدًا، عشقت هذا المنظر، أنهُ خيالي ويبدو كمشهدٍ في فيلم، ولكنني عشتهُ حقًا!
ثم قال:
-لقد ربحتُ أول ابتسامةٌ بريئة منكِ
قالها بنبرةُ الانتصار، ولكنّه بصراحة ربح فعلًا، نزلت للأسفل لنمشي، عندما نظر لي لم يُعلق على ذلك الفستان الزهري ولا الكعب الذي أمشي وأتخبطُ يمينًا ويسارًا، نظر إليّ وقال:
- انتظري، ودعيني أُجرب هذا أيضًا
مُمسكًا باب السيارة وقام بفتحهُ لي وقال:
- تفضّلي يا عزيزتي.
نظرت إليهِ بعلامات التعجّب، ثم قام بغمزةُ انتصار مرة أخرى
ابتسمت لهُ وقال:
-ربحتُ ابتسامتين في يومٍ واحد، لا أدري أنا الذي أنرتُ وجهكِ بالابتسامات، أم أنكِ من أنرتِ العالم بابتسامتك!
= أنت تُبالغ حقًا، دعنا نذهب
- ولكن مُبالغتي تعطيني النتيجة التي أريدها
صعد إلى السيارة وانطلقنا وكأنهُ يفركُ كفّيهِ ويقول هيّا بنا للخطوة التالية لأجعل شامين تقع في حُبّي،
ثم قال:
- هل أفتحُ لكِ المذياع! أم أنكِ لا تحبين الأغاني؟
= بلى أحبها
ثم فتح الأغاني وبدأ يُغنّي بصوتٍ مرتفع، وينظُّر إليّ وقال:
- هذه اللحظةُ لا يجب عليها أن تمُر دون لمسُ يديكِ، فهذا قانونًا وضع مُنذ قرون
أمسك يدي وقال:
- سوف أعمل جاهدًا على رؤية تلك الأسنان بشكل مستمر
سحبت يدي من يدهُ مُسرعةً قائلة:
= رجاءً كِنان، لا تتعدى الحدود، فأنا لا أُطيقُ ذلك
-حسنًا... أنا أسف
ذهبنا للمطعم وأكلنا ثم انطلقنا للذهاب للحديقة للتمشي، وبدأ بالحديث:
- دعكِ من العادة الذي ولدنا بها، وهي زواج الابنة لابن العم، وتعاملي وكأنكِ اول فتاة تفعل هذا رجاءً!
= حسنًا، ولكن أنا منذ البداية لم اتقبلك لأني كنت أشعر أنني مجبرة لأني لم أختار ذلك القرار، في كل مرةٍ قرار عائلتي تضعني تحت الآمر الواقع
= لا تقلقي سأكون لكِ العائلة التي تتمنيها، ولن أجبركِ على شيء البتة.
ذهبنا الي البيت بعد يوم جميل
*في اليوم التالي*
ذهبنا أنا وأُمي لجلب فستان الزفاف الذي جهز في يوم واحد،
ارتديت فستاني وكان مظهري يبدو جميلًا جدًا لم أ تخيل أن اختيار أمي سيعجبني، ربما كِنان أيضًا يعجبني
كنت بهِ مثل الملكة تمامًا، فستان من التراث القديم، يا الله! ما هذا الجمال!
نظرت الى المرآة لأقوم برفع علامة النصر على هذا القرار كما قلت لكم، انتصرت وأخيرًا،
من شدة فرحتي اتصلت على كِنان
- مرحبًا كِنان
= أهلًا يا حلوتي، ما الذي جعلك تتصلين بي! هل عشقتني وأخيرًا!؟
- لا بل عشقتهُ
= من هو! ما أسمهُ؟
قالها بنبرة صوتٍ عالية، أهذهُ غيرة!
قلت لهُ
-انه الفستان، كان من اختيار أُمي وهذا تقليد أيضًا كزواجي منك، ولكن عندما تقبلتهُ وطبقت نصيحة الطبيب غيّاث، رأيت أنهُ أعجبني كثيرًا،
= جميل، أظن أنكِ سوف تتقبليني أنا أيضًا بقلبك، لا بالعادات
- رُبما!
= أجهزي اليوم، لديّ مفاجأة لكِ،
انصرفنا أنا وأُمي للمنزل كنت سعيدةً بفستان الزفاف كثيرًا،
بعد يومٍ طويل لا يخلوا من التجهيزات للزفاف، ارتميت على فراشي وخلدتُ إلى نومٍ عميق دام ساعات إلى أن رن هاتفي فجرًا،
- مرحبًا، هل نزلتي إلى الشارع الآن!
= ما... ماذا؟ هل أنت معتوه كِنان!؟
- حسنًا سوف أتصل بوالدكِ اسألهُ، هو لن يُمانع
= لا تفعل ذلك.
- حسنًا، ولكن لن تحصلي على المفاجأة هذهِ، إن لم تأتي للأسفل
ارتديت ملابسي وذهبت إليهِ، رغم أن الفكرة مجنونة أعلم ولكنّي أعشق المفاجأة،
- هل أنتِ مستعدة؟
= نعم.
قام بجلب كورة قدم من السيارة وقال:
-سوف نلعب كورة في الشارع، في وقت الفجر، كما تحلم أي فتاة.
= هذا جنون
- حسنًا، لأرحل وأنتِ اخلدي للنوم.
= لا، أقصد هذا جنون وأنا أُحبهُ
دعنا نبدأ
بدأنا وكنت مستمتعة جدًا باللعب معهُ وفي ضوء الفجر، جميل جدًا
كنت أرمي لهُ الكورة وأنا أبتسم ثم قال:
- دعينا نحسب رمي الكورة معكِ لأنكِ تبتسمين كلما رميتي لي الكورة
= أنا سعيدة جدًا باللعب، وأخيرًا جربت هذا الشيء مع أحد
- ولكنّي لستُ أي أحد، مع خطيبك وزوجك عن قريب.
______________
مرت الخمسةُ أيام عليّ وكأنني أعيش فقط للسعادة، رؤية ابتسامة عينيها وأسنانها كانت تجعلني أشعر بالفرحة أضعافها، ذهبت لغيّاث وقلت لهُ:
- شكرًا لك على كل شيء،
وقمت باحتضانهُ تعجب وقال:
= شكرًا على ماذا أيّها الأحمق!
وهل يوجد بين الأصدقاء شكر!
وقصيت عليهِ كل القصة، ثم قال
=حسنًا، اهرب من هنا لأن شامين أتيةٌ إليّ الآن.
- لا لن أهرُب، سوف أتنصتُ عليكُم
= أنت شخص متنصت!
- شكرا لك، ولكنّي لن أذهب، تنصتُ عليهم وسمعتها تقول:
= فعلت الواجب المنزلي لمدة خمسة أيام، رأيتني تقبلت فستان الزفاف رغم أنهُ تقليدي، وأخيرًا تقبلت كِنان،
- مُبارك لقد ربحتِ معركتك مع ذاتك.
= سوف تأتي إلى زفافنا أنا وكِنان أليس كذلك!
- بالطبع سوف أأتي، لأن كِنان صديقي الصدوق.
____________
*يوم الزفاف*
جاء الطبيب غيّاث خاطبتهُ قائلة:
-أنا سعيدة جدًا لأن كِنان شخصٌ جيد، كنت قد حكمت عليهِ بسبب العادات، الحكم على الأشياء من جهة المجتمع الذي أوصلنا لهذا الفكر العقيم، دائمًا الفتيات تتزوج أبناء أعمامهم ويتطلقون تحدث مشاكل بكثرة، أو يكون الزواج اجباريًا لأن هذه عادة، ولكن عندما تقبلت القرار بقلبي وعقلي سويًا كما قلت لي رأيت أنني مخطئة، بسبب احداث ضجة على زواج الابنة لابن اصبح هذا فرضًا واصبح خوفنا يزداد أيضًا،
ولكني عندما أخذتهُ كأول تجربة لفتاة تتزوج ابن عمها وجدتُني أفعلها، حتى فستان الزفاف تقبلتهُ رغم أنهُ من العادات،
= ولكنكِ تبدين مثل الملكةُ بهِ
-شكرًا لك
جاءت أمي وقالت:
=من هذا يا شامين؟
-انه استشاري نفسي كنت قد ذهبت إليهِ وهو صديق كِنان أيضًا،
= ولماذا ذهبتِ إليهِ
- ليثبت لي ولكم أن العلاج النفسي لا بد منه، وأنهُ يُمكن أن يؤثر ايجابيًا، ليُثبت لي أن معركتي بسبب حرية رأيي كانت مع ذاتي وليست مع عائلتي،
عدم حريتي كانت بسبب عدم تقبلي للأمر بوجهة نظري أنا وليست بوجهة نظر المجتمع.
جاء كِنان وقال:
-أخيرًا ربحتُكِ، وربحت ابتسامتك وبقيتي زوجتي، أنا أُحبكِ.
= ليتك تعلم أنك القرار الوحيد الذي لم أكُن أرغب بهِ البتةُ، وقد رغبتُ بكَ الآن ولا أرغب بسواك.
وأعلم أيضًا أنك تستحق الفرصة التي أعطيتها لي .
ميادة أحمد|همج لطيف
تعليقات
إرسال تعليق