القائمة الرئيسية

الصفحات

 قصة "إحدىٰ الذكرايات"

سلمى هاني


نسير في رحلة مُبهمة النهاية، نرسم لها آمال وأحلام ونهاية سعيدة لا نعلم إن كانت ستتحقق أمّ لا، من الغريب السير نحو المجهول أليس كذلك؟

ولكن كانت تلك مشيئة القدر، أن نخطو الخطوة دونَّ حسبان وتفكير هل ستصب في مصلحتنا أم ستوقعنا في حفرة من حُفر الظلام؟

الأمر صعب ولكن مُحتم ليس بأيدينا أي شيء فقط نسير وننتظر نهاية ترضينا، نأخذ الصُدف علىٰ هيئة بشارات لنتفائل ونُكمل، تُحركنا الأمور كيف تشاء ونسير كما تشتهي، فأصبحت الأمنية الوحيدة التي نتمناهي هي معرفة ما نهاية ذاك الدرب هل سنشقىٰ أم سنلقىٰ السعادة؟

لكن الثقة باللّٰه قادرة على أن تمنحنا القوة لنسير مُطمئنين أن النهاية هي الخير لنا أيًا كانت فسنرضى وحتمًا سنجد السعادة في النهاية مع الأحبة لتعم البهجة الأرجاء.

" في مكان هاديء خالي من صوت البشر، ولا يعلو سوىٰ صوت الأمواج المتلاطمة، علىٰ الرمال وأمام الشاطيء كانت تجلس شاردة في ذاك الصمت، مُسلطة عيناها الزيتونية علىٰ هذا المنظر، حتىٰ أنك لا تدري إلى أي منظر بديع أنتَ تنظر الشاطيء أم عينيها الساحرة المُندمجة بالأمواج مُشكلة لوحة زاهية الألوان، ستشعر بالظمأ إن تركت عيونها ونظرت لشيء أخر، يُداعب الهواء وجهها برقة حتىٰ لا يخدشها من فرط رِقتها، حتمًا إنها ملاك قادم من أرض الأحلام، إنها داليدا البالغة من الرقة واللُطف أقصىٰ المراتب، تملك متجرًا للورود وكاتبة تسير نحو الأمام بثبات، أخذت نفسًا عميقًا بإبتسامة امتزجت بلمعة عيونها بالدَّمع، ووجهت نظرها للشاطيء كأنها ستبوح بشيءٍ ما له، أو ستأخذها الرياح في جولة للماضي.

مُنذ خمسة أعوام:

 عادت لمنزلها بعد يومٍ تُجَّمله لنفسها رُغم شدة الروتين الموجود به، لَكن هذا اليوم كان مُميز، يوم إنقلاب الأحلام لواقع، والحزن لبهجة، يوم جاء ليمحي آثار حزن أعوام قد مرَّت، بإرهاق ألقت حقيبتها واتجهت نحو الشرفة، لتجد صديقتها تُناديها بحماس:

_ داليدا!

بإبتسامة_ خير عملتِ مصيبة تاني؟

بجدية_ بصي هجيلك افتحي الباب بسرعة.

_ استر يارب عملتي ايه؟

_ افتحيلي بس انا جايه.

" ذهبت بهرولة وفتحت الباب لتجد ملك أمامها"

بضحك_ انتِ لحقتي.

_ بسرعة اقفلي!

_ لا فهميني في ايه؟

_ تعالي.

"جذبت داليدا من يدها وجلسا على الأريكة وقالت بجدية"

_زين!

_مالو يا ستِ؟

_ أنا سرقت النوت بتاعت زين وهو بيدور عليها من الصبح لو عرف هيقتلني .

بضحك_ والله تستاهلي القتل من اللِ بتعمليه فيهم.

بسخرية_ ليه بس يا ست داليدا، بقولك النوت يعني أسراره.

بتوتر_ أنا مقدرش أقرأ اسرار حد كدَ ميصحش.

_ طيب حيث كدَ ارجع النوت للعاشق الولهان اللِ بيتغزل في واحدة كدَ في النوت.

_ بيتغزل في واحدة!

_أينعم.

بخجل_ وريني كدَ النوت.

_ اتحايلي عليا شوية.

_ طيب ماشي، اروح انادي زين بقىٰ أنا.

بضحكة مصطنعة_ جرا ايه يا داليدا متبقيش قفوشة كدَ خدي اهي.

" أخذت منها مذكراته، وهي تتمنى أنّ تكون هي تلك الفتاة، لطالما أحبتهُ منذ طفولتها، حتىٰ عندما توفىٰ والديها وتركت المنزل لم تنساه، وظلت مكانته في قلبها كما هي لم تتغير، إلىٰ أنا عادت وجمع بينهما القدر مرة أخرى، فتحت تلك المذكرات وهمَّت بالقراءة ثم نظرت لملك بتساؤل وقالت:

_ مش مُوضح كاتب لمين، هو يقصد مين؟

_ أنا اعرف منين!

بتفهم_ ملك مش عليا أنا الحركات دِ أنا فهماكِ، انتِ أكتر حد عارف زين كويس هو يقصد مين؟

_ دَ سِر.

_ لا والله.

بضحك_ خلاص هقولك.

"قطع ذلك صوت زين من شرفته وهو يهتف باسم داليدا فتوجهت لشرفتها"

_ خير يا زين.

_ هي ملك عندك؟

_ آه ليه؟

بإحراج_ طيب ممكن تخليها تيجي، وآسف لو بزعجك.

_ لا ولا يهمك حاضر، عن اذنك.

" خرجت موجهه كلامها لملك"

_ روحي يا مصيبة كلميه.

_ لو اكتشف هنتخانق صح؟

_ ايوه.

_ ونضرب بعض؟

_ بالظبط كدَ.

_ ويصالحني في الأخر علشان بابا ميزعلش؟

بضحك_ ومالو يا حبيبتي روحي بقى .

_ داليدا خدي النوت خليها هنا لحد ما زين ينزل بكرا وهاجي اخدها منك ارجعها مكانها.

_ امم..

_ مش وقت تفكير خليها هنا سلام.

 " وخرجت مسرعة،

على الجهة الأخرى:

_ ها عملتِ ايه؟

بضحك_ أستاذ روميو بيتكلم!

_ اخلصي.

_ سيبتلها النوت.

_ ايوه رد فعلها ايه، يعني عرفت؟

_ زين هي مش هتعرف داليدا مبتفهمش الحركات دِ.

بقلق_ طب وبعدين.

بضحك_ يا بتاع داليدا.

_ على فكرة بقى انتِ اللِ بتبدأي خناق اهو، لما اضربك متروحيش تعيطي لأبوكِ.

_ بوراحة بس في ايه، داليدا بتحبك يا سُكر ودَ شيء واضح للكُل.

_ دِ بتشوفني مبتقولش سلام عليكوا حتى، يا بنتي انا شفاف بالنسبالها.

بضحك_ يبقى بتحبك، هي بتتكسف تتكلم معاك.

_ بصي لو فضلتِ معايا للأخر هجيبلك اللِ انتِ عوزاه.

" وقفت ملك بغرور ووضعت يديها في جيبها ونظرت له بإبتسامة:

_ اي حاجة هاا

_ يعني مش اي حاجة اوي.

_ هشفق عليك خلاص، هاتلي شيكولاتة وأكل كتير بس كدَ.

زفر بضيق_ حااضر.

" نعود لداليدا التي اتجهت نحو الباب وأقفلتهُ بإحكام وأخذت مذكراته لتقرأ ما بها، كان بين صفحاتها كلامٌ مُبهم مجهول صاحبته، جُمل تُشير لمدى حبه لها ولكن هل هي تلك الفتاة التي ملكت كُل تلك الأحرف لتُكتب لها؟ كانت الصفحة الأولىٰ تحوي جُملة لـ عمرو حسن" ما بَعد سنين من التوهه ومن قلة أمل خدني يشاء ربك يعوضني، وتيجي حياتي تمليها أمل وحنان" مُكملًا بعد هذا البيت" وكانت هي العوض والحلو اللِ ممكن حد يوصله"، ظلت تقرأ حتىٰ غلبها النوم، وفي اليوم التالي استيقظت بنشاط كالعادة، ارتدت فستانها الوردي ومن ثم خرجت، أعادت المذكرات لرفيقتها لتضعها في مكانها، ثم اتجهت لمتجرها، أعدَّت كوب القهوة وجلست وَسط الورود علىٰ كُرسيَّها المُفضل، موسيقىٰ هادئة تعم الأرجاء، مكان مناسب للتفكير والتخيَّل، أمسكت القلم بعد أن ارتشفت القليل من القهوة، وهمَّت بالكتابة، تسرد أحداثًا بسلاسة شديدة، كأنها تكتب شيئًا تتمنىٰ حدوثه، قطع ذاك الهدوء صوت رجل كبير بالسن، ارتسمت التجاعيد علىٰ وجه، لكن ابتسامته لم تُفارقه، قال بهدوء:

_ أنا آسف لو قطعت شرودك.

بابتسامة_ لا أبدًا متعتذرش حضرتك زي والدي الله يرحمه اتفضل.

" جلس أمامها وبنفس الإبتسامة والهدوء:

_ أنا عاوز بوكية ورد باللون الأحمر، ويكون مُميز.

_ كله أحمر؟

بابتسامة_ أيوه، هي بتحب اللون دَ جدًا، ولأنه عيد جوازنا الـ30، مفيش أنسب من إني أهديها ورد باللون اللِ بتفضله.

"لمعت عيناها وابتسمت وقالت بدهشة:

_30 سنة دَ رقم مش هين، ربنا يديمكم لبعض.

_ يمكن تستغربي ان عدى العمر دَ ولسه بفكر افرحها لكن الحب صادق بيفضل يُزهر ويكتر، لأنه هو الشيء الوحيد اللِ بيعيش، وهي تستاهل اديها قلبي لو اقدر مش مجرد ورد.

ابتسمت_ ربنا يديمها لحضرتك وتعيش وتفرحها وتفضلوا سوا، بالنسبة للورد فهجهزه واكلم حضرتك أو ممكن ابعته علىٰ البيت لحضرتك.

_ لا هاجي اخده بنفسي، انتِ شكلك طيبة جدًا ولازم اشوفك تاني ويمكن تشوفيها معايا في يوم.

_ دَ شيء يشرفني باللّٰه تنوروني.

ابتسم_ أنا همشي بقىٰ معلش أزعجتك هستنى منك مكالمة.

_ حضرتك نورتني، بإذن الله بكرا اكلم حضرتك.

_ تمام ودَ الرقم بتاعي، هستنى مكالمتك.

" خرج الرجل وتركها وهي تحاول تصديق أنَّ هذا حقيقي، وليس شيء خارج من روايةٍ ما، ويبدو أنّ هذا ألهمها فعادت إلىٰ الكتابة، انتهت من العمل بالمتجر ورتبت كل شيء من أجل سعادة زبائنها ومن ثم عادت لمنزلها، مرت الشهور بسرعة ويومها بنفس الروتين المعتاد إلىٰ أنّ جاء أخر يوم في العام خرجت لشرفتها بيدها كوب القهوة شاردة ولكن تلك المرة قطع شرودها الصوت المُحبب لها"

_ مش باينة بقالك مدة يا داليدا.

ابتسمت_ ولا انتَ يا زين باين.

ضحك_ ايه دَ فعلًا، غريبة يعني رغم اني دايمًا هنا وجيران ازاي مش بنشوف بعض غير في الأيام اللِ فيها مناسبات رسمية؟

_ غريبة فعلًا.

_ طيب يا ست بمناسبة اننا داخلين على سنة جديدة وكدَ تيجي نخرج.

_ انتَ عارف انه...

"قاطع كلامها بسرعة"

_ أيوه عارف مينفعش نخرج سوا لكن ملك وبابا وماما خارجين فتعالي معانا بدل ما تقعدي لوحدك.

" خرجت والدته مؤيدة لكلامه بإبتسامة "

_ ايوه يا داليدا تعالي معانا بقالنا مدة متجمعناش وسيبك من الواد دَ انتِ هتخرجي معانا احنا.

" نظر لها بدهشة ثم قال بمرح:

_ بقى كدَ يا ست الكل طيب تمام ماشي عن اذنكوا بقى.

" نظرت والدته لداليدا وقالت مُبتسمة:

_ يلا روحي البسي وتعالي معانا، عاوزة اتكلم معاكِ.

بإبتسامة_ حاضر علشان خاطر عيون الجميل عشر دقايق وأكون جاهزة.

_ مستنياكِ.

" لم يراودها التوتر هذا منذ مدة طويلة، وقفت أمام خزانتها بحيرة شديدة، حتى سمعت صوت رفيقتها ففتحت لها الباب، أخرجت جميع الفساتين وبحيرة وفرحة تجذب كل فستان وتضعه أمامه وتقول:

_ حلو دَ صح هيبقى شكلي حلو فيه البسه، لا لا هلبس دَ أحلى، البيبي بلو مش وحش بردو، ولا ألبس بينك.

" كانت تُردد تلك الكلمات ورفيقتها تضحك على هذا، لم تراها سعيدة مُنذ كثير، ترردها هذا يدل علىٰ سعادتها، حتى استقرت علىٰ فستان سماوي، كانت تبدو كأميرة من فيلم خيال علمي تركتها رفيقتها حتة تستعد وذهبت لأخيها على الجهة الأخرى:

_ ملك بصي كدَ، شعري مظبوط.

بضحك_ انتوا الاتنين شكلكوا يضحك.

_ اتلمي بقى، شكلي شيك هتقبلني.

_ انجز يا عم روميو هي خلصت وكلنا خلصنا ومستنينك.

_ قدامي طيب.

" خرجت مع رفيقتها لتجتمع العائلة ويخرجوا معًا"

_داليدا.

_ ايه بتخضيني ليه؟

بضحك_ بصي كدَ قدامك شوفي ريأكشن وش زين.

" رفعت رأسها بخجل لتجده ينظر إليها بإبتسامة، يبدو جالسًا معهم لكنه شارد لم يلحظ حتى أنه تنظر إليه"

_ أخوكِ مالو ها.

بضحك وصوت منخفض

_ أخويا بيحب.

بخجل_ أنا، بيحبني أنا!

_ في مفاجئة بس اصبري بس.

_ ايه هيً؟

ابتسمت_ متقلقيش عارفة انك مش بتحبي المفاجئات يا داليدا لكن دَ شيء هيفرحك جدًا المرة دَ هتبقى فرحة بجد.

" قطع حديثهم صوت والدةّ زين موجهه كلامها لداليدا"

_ داليدا عاوزين كلنا نتكلم معاكِ في شيء مهم.

_ طبعًا يا طنط اتفضلي.

" نظرت والدة زين لزوجها بإبتسامة فهمَّ بالحديث"

_ بصي يا داليدا انتِ عارفة اننا بنعتبرك بنتنا وانك غالية علىٰ قلبنا ومقامك من مقام ملك..

" قاطع زين حديثه بسرعة قائلًا:

_ ايه يا حج المقدمات دِ بس!

" ثم وجهَّ نظره لداليدا وأخذ نفس عميق بإبتسامة هادئة قال:

_ الموضوع وما فيه إن أنا ملقتش وَنس للعمر أحسن منك، وبكل هدوء هتتجوزيني آمين؟

" نظرت له والدته وسط خجل داليدا وصدمتها وهتفت بضحك:

_ ايه يا زين طب احنا موجودين، على فكرة بقى يا داليدا الواد دَ كلامه حلو ولكن المرة دِ يستاهل، لأننا مش هنلاقي أحسن منك، ولو أنا عارفة انه ميستاهلكيش وهيأذيكِ مكنتش وافقت، الحقيقة انك بنتي الثانية ولكن دَ قرارك.

" نظرت داليدا لهم بصمت، تلون وجهها باللون الأحمر من الخجل، لا تدري ماذا تقول أو تفعل لا تدري ما يُفعل في مثل هذا الموقف، قطع صمتها صوت زين مجددًا:

_ فاضل دقيقة بالظبط على بداية سنة جديدة، واعتقد ان شيء جميل أختم بيه السنة دِ وابدأ بيه سنة جديدة هو قبولك.

" نظرت له بإبتسامة وأومأت برأسها ولم تنطق، حينها ابتسم الجميع بفرحة، قامت والدته وضمتها بشدة وهي تربت على كتفيها وتبارك لها، وتقول:

_ لو زعلك في يوم أنا اللِ هقفله، والله معرفش عمل ايه في حياته علشان ياخد واحدة حلوة زيك كدَ.

" دمعت عيناها بشدة من الفرح ودَّت لو هتفت وقالت أُجيبت دعوة أعوام، شعرت بروحها تُحلق في السماء من السعادة، تخشى أن يكون هذا حُلمًا، كانت تسير بدرب مجهول ووجدت هداها ودليلها للوصول للنهاية، بشارة تقول لها أنّ النهاية جميلة، عوض اللّٰه هل على قلبها بعد حزن أعوام، فقدت أهلها، فقدت نفسها ووقعت كثيرًا، حب طفولة تعلقت به ولم تنساه، ويشاء الله أن تُجاب دعوتها ليكون العوض هو أساس بهجة قلبها من جديد، تمر الأيام سريعة كان معها يُطمئنها أنه سيظَّل دومًا ولن يتركها، تمت خطبتها لمن تُحب، أعدُّوا كُل شيء معًا في شقتهم، كانت والدته رقيقة تشبه والدتها لم تتركها ظلت معها في اختيار كل شيء لإكمال كُل ناقص، حتىٰ أتى اليوم المنتظر للجميع لتعم البهجة الأرجاء، كُتب الكتاب، أصبحت زوجته أمام الكُل، اكتمل القلب برفقة من أحبت"

_ داليدا!

ابتسمت_ نعم.

_ ممكن تبصيلي الله يسترك.

_ لا بتكسف.

_ عارف، بس بصيلي معلش.

" رفعت رأسها بخجل "

ابتسم_ كان صعب عليكِ تخليني أشوف عيونك!

_ أنا مش مستوعبة ان دَ حقيقي ومش حِلم.

ابتسم_ لا حقيقة وهتدوم لوقت طويل، والحقيقة دِ هتبقى جميلة، وعد نحقق كل شيء سوا، وهعوضك عن كل شيء زعلك وأثر فيكِ، أنا هفضل هنا علشان أفرحك، علشان بحبك.

" لمعت عيونها بالدموع ثم نظرت إليه:

_ داليدا كمان بتحبك.

" أخرج مذكراته وقال بمرح:

_ طبعًا عارفة ايه دِ

" نظرت إليه بخجل وقالت:

_ وَه ايه دَ، عرفت منين؟

" نظر لشقيقته وضحك:

_ د ِكانت خطة.

_ لا ثانية يعني انتَ اللِ قولت ليها تديهالي؟

بضحك_ ايوه.

_ وكنت عارف إني هقرأ اللِ فيها.

_ بالظبط، كنت متوقع انك هتعرفي اني بتكلم عنك، لكنك معرفتيش.

_ كنت بتمنى تكون أنا.

_ ولحسن الحظ انها انتِ، انهاردة جاي بديها ليكِ هي بقت بتاعتك دلوقتي، هتلاقي كل شيء كنت حابب اقوله ليكِ، لكن المرة دي هتلاقي كلامي موجهه ليكِ.

_ شكرًا.

_ ممكن نبطل كلمة شكرًا دِ، يعني دَ بكرا الفرح مش معقول هتفضلي تشكريني كل شوية، اللِ يستاهل يتقال ليه شكرًا هو انك أصبحتِ بتشاركيني العالم.

بابتسامة_ حاضر.

في الخلفية عمرو حسن يقول:" سعيد يومك يا مولاتي، يا صبح وطَّل في حياتي، شجر زهران أمل ممدود، هواء عابر، ندا في ورود، دلال وجمال،هدوء وشرود، وكله في الخيال موجود، وكله في اللقا وارد..بحبك يا غزال شارد، يا متربية عفة وذوق"

" اكتمل قلبان بإطلالة جمعت بين الفستان الأبيض والحُلة السوداء، في جو بديع و ورود ملئت المكان، اكتملت قصة حبهما كما تمنت، أمير مُمسك بيد أميرته برقة ويشع من عينيه الحب، كانت الحياة بالنسبة لهما مُلونة باللون الوردي، ليست دائمًا سوداوية اللون، مشهد العوض قد اكتمل في نظرهما، كانوا يحققوا الأحلام مُثبتين للعالم أنَّ بعض قصص الحب جميلة وليست مؤذية كما هو سائد، نشرت روايتها الأولىٰ وهو برفقته أسمت الرواية بإسمه" زين" حققت نجاحات واسعة أيضًا كما تمنت، سافروا معًا لرؤية العالم ليحققوا أمنياتهم سويًا، سعادة ونعيم يمليء المكان، كانت تبيع الورود فانتقلت رائحة الورد الجميلة لحياتهما، لم يكف عن حبها، كان صادق بوعده وأوفىٰ به، رزقهم الله بإبنة جمعت بينهما في الجمال والرقة، تُشبه والدها إلى حدٍ ما"

بإبتسامة_بُصي اللهم بارك هي جميلة ازاي شبهك.

بابتسامة_ فعلًا لكن انا شايفة انها شبهك.

" تدخلت والدته مُقاطعة حديثهما مازحة:

_ مش شبه حد فيكم اصلًا ملامحها مش هتبان دلوقتي، إن شاء الله تبقى شبهي أنا.

" لترد عليها ملك:

_ هاخدها تقعد معايا كتير علشان تكون شبهي.

" دار الحوار بينهما علىٰ هذه المُشكلة، حتىٰ انتهى الحوار بضحك الجميع وفرحتهم، نظر زين إلى داليدا بإبتسامة وقال:

_ طب هنسميها ايه؟

_ مش عارفة مخططتش للحظة دِ.

_ حاسس إن اسم سارة حلو ايه رأيك.

_ امم طيب.

_ بجد هو الإسم اللِ كنت بتمنى اسميه لو هي بنت وهتكون اسم على مُسمى.

ابتسمت_ يبقى اسمها سارة.

_ هنربيها سوا وتبقى رقيقة زيك وهحبها جدًا جدًا ونبقى اصحاب.

، كانت تظُن أنها النهاية، تلك النهاية المُبهمة التي كانت تسير ولا تعرف كيف تصل إليها، لم تكُن تعرف أنها ليست النهاية، ليست النهاية السعيدة التي تُنهي الدرب وتفتح درب جديد كالروايات"

بعد عامان:

_ يا ملك مش بيرد أنا حاسه ان في حاجة، زين مش بيتأخر كدَ ولو دَ حصل بيتصل يطمني.

_ اهدي بس يمكن تليفونه فصل مش أكتر ان شاء الله هيكون بخير.

بتوتر_ يارب يارب.

" بعد أذان الفجر وبزوغ الشمس، رن هاتفها باسم زين"

بتوتر _ ايوه يا زين، انتَ فين، انتَ كويس؟

_ أنا آسف جدًا بس أستاذ زين عمل حادثة وهو ....

" سقط الهاتف من يدها واجهشت بالبكاء، التقطت شقيقته ملك الهاتف وأخذت عنوان المشفى من الرجل، وذهبت هي وعائلته له، وسط انهيار الكُل، لم تنتظر داليدا شيء ودخلت لغرفته:

_ زين ايه حصل، انتَ كويس....

" لكن صُدمت من المنظر انه غائب عن الوعي، اضطربت من كُل تلك الأجهزة الموصلة له وخرجت في انهيار وألقت بجسدها على الكرسي وحملت ابنتها وضمتها إليها، سمعت الطبيب وهو يُوضح لعائلته حالته:

_ الله اعلم ايه هيحصل، هو نزف كتير ووصل متأخر واحنا عملنا اللِ علينا والباقي على ربنا.

" جمر يندفع من عينيها علىٰ هيئة دموع، لا تدري ماذات تفعل، جلست والدته جانبها وضمتها بشدة وهي تقول ببكاء ووجع:

_ هيقوم، هيبقى بخير، مش هيسيبنا، متخافيش هيبقى بخير يا داليدا علشانا.

" زادت حدة بكاؤها، لم ترىٰ سوىٰ شيء أسود أمامها، خوف، قلق، حزن، وجع، كل هذا كانت تشعر به، مرَّ يومان حتى جاء ذاك الخبر الذي غير كل شيء"

_ البقية في حياتكم.

" قالها الطبيب ورحل، خرج أمامها ولكن تلك المرة، ليس واقفًا على قدميه بابتسامة وعينين يشع منهما الحب تلك المرة كانت النهاية، خرج وقلبه متوقف، عيناه مغلقة، تعابير وجهه صامتة، كانت تتمنى تلك المرة لو أنَّ هذا كابوس، ليس واقع، كانت تتمنى لو أنها كانت مكانه الآن حتى لا ترىٰ حبيب القلب أمامها وهو مُفارق للحياة، تنظر إليه ثم إلى ابنتها في انهيار ودموع غزيرة، لا تدري ما النهاية، ولكن كانت تتمنىٰ لو أنها لم تراه هكذا كان مشهد فراقه صعب على قلبها بالأخص"

عودة للواقع:

" انهمرت عينيها بالدموع وسالت على وجنتيها وتردد في نفسها:

_وحشتني، انهاردة عيد ميلاد سارة هي كملت5سنين كدَ انهاردة، أكتر كلمة بتقولها"بابا" بتسأل عليك كتير، هي بتحبك زي ما انتَ اتمنيت، وأنا لسه بحبك زي ما انتَ كنت بتتمنىٰ.

" نظرت بجانبها كأنها تنظر لطيفه وابتسمت بشدة للفراغ المُحيط بها، لكن بالنسبة لها هي تبتسم له ثم نهضت مُودعة للشاطيء، لتعود لإبنتها"

_ ماما جت يا تيتا بصي.

"دخلت داليدا لتحتفل بعيد ميلاد ابنتها مع أهل زين، وبعد انتهاء الحفل وتوديع الأصدقاء أخذت ابنتها وتقف في الشرفة كما اعتادوا عندما كان زين حي، بدأت ابنتها في الحديث بكلمات تكاد تكون مفهومة:

_ هو بابا لسه في السما.

بدموع وابتسامة_ آه يا سارة بابا لسه هناك.

_ طب..هو شايفني.

_ ايوه أكيد شايفك وسامعك دلوقتي وحاسس بيكِ.

_ وأنا ليه مش شيفاه...مش هو شايفني زي ما انتِ شيفاني.

" نظرت لها داليدا بصدمة لا تعرف ماذا تقول لها، ثم أشارت لنجمة من النجوم وقالت بنبرة حزينة ودموع، مع ابتسامة:

_ بصي النجمة اللِ بتلمع هناكِ دِ شيفاها.

_ ايوه.

_ لما تحبِ تتكلمي مع بابا قوليلي، ونيجي نقف هنا وتبصي للنجمة دِ وتكلميه كأنك شيفاه بالظبط، هو هيفرح أوي.

 _ ليه ابص للنجمة هو بابا عايش هناك ؟

بدموع_ ايوه عايش هناك.

_ واحنا هنروح نعيش معاه!

_ أكيد في يوم هنروحله هناك.

_ ماما!

بإبتسامة_ عيون ماما.

_ أنا بحبك انتِ وبابا أوي 

_ أوي أوي؟

 بإبتسامة_ قد السماء كلها.

_ يا رُوح ماما، ماما بتحبك قد الكون دَ كُله، وبابا كمان بيحبك أكتر.

" لعب القدر لُعبته، جمعنا ببعض، أسعد قلبينا، عِشنا والحب يمليء عالمنا الصغير، ثم انتشلك مني ولكن لا زلت هنا بالقلب ولن ترحل، فقط سأظل أحبك.

سلمى هانـي|همج لطيف

تعليقات

التنقل السريع