القائمة الرئيسية

الصفحات

 اسكريبت "علَّ القادم خير"

سارا محمد 

_آسيا يجب إخبارهم

كان شرط وجودى ألّا تخبري أحد، وعدتني وقُضي الأمر.

_لكِ ماتريدين لكن لن يطول الأمر وسينكشف.

لن يطول فعلًا

فريد بعصبية: أين كنتِ، ولم لا تجيبين على هاتفك، ماذا لو حدث لك شيء.

لم تجب آسيا، واتجهت نحو غرفتها، تعجب زوجها من أمرها، وجدها تضم صغيرتها، وتقبل جبهتها، وتنام بجوارها، لم يقدر فريد أن يفهم ما حدث، لكنه استلقى بجانبها وضمها هي وصغيرتها معًا، سمع تنهيدتها العميقة، فعلم كم هي موجوعة، وعلم أيضًا

أنها تريد أن ترتاح فقط الآن، زاد فى ضمه لها حتى نامت، وحين صحوت لم يسألها عن شيء، بل وجدته محضرًا لهم الطعام، وكان طعامها المفضل

آسيا: ماذا فعلت حبيبي.

فريد: أردت أن أخبر جميلتي أن طعامي ألذ من طعامها، لكن لا تعتد على ذالك.

آسيا: فريد أنا آسفة، لا أعلم لماذا ...

فريد: شششش لا تعتذري صغيرتي، ارتاحي قط، وأحاطها بذراعيه، ناظرَا فى عينيها، عيناي جميلتي متعبتان تحملان آلام كثيرة، وأنا لا أريد ذالك أريد أن لا يقترب أحد من صغيرتي سواي، لنُبعد ذاك الحزن فأنا أغار منه.

إبتسمت آسيا ووضعت قبلة صغيرة على جبهته، ثم جلست ليتناولوا طعامهم سويًا.

أراد فريد أن يعلم ما أصابها بشدة وحاول معاها، لكن دون جدوى، فقرر أن يترك لها حرية الأمر.

________

 بعد شهر

لاحظ فريد تغيير آسيا، أصبحت تهتم بها وبصغيرتهم كثيرًا، تحاول جعلهم سعداء بأي طريقة، تقضي وقتًا أكبر مهم، لكنهت باتت ضعيفة جدًا، وألح كثيرًا الذهاب للطبيب، لكنها لم تجبه، حتى أنه كان يداعبها قائلًا:

ماذا لو كان جديد يريد زيارتنا؟ لكن دون جدوى.

وذات يوم كان يوم تكريم صغيرتها بعد حصولها على المركز الأول فى حفظ القرءان الكريم، كانت تصفق لصغيرتها بكل حرارة، وبجانبها زوجها، شعرت بدوار شديد، حاولت المقاومة كثيرًا، لكن باءت محاولتها بالفشل، كان فريد مندمج مع إبنته فإذ به يشعر بثقل يمس كتفه ويكاد يسقط، أمسك بها سريعًا، جُنَّ الرجل مما حدث، خمس دقائق كاملة يحاول ولكن آسيا لا تصحوا أبدًا، إبنته غارقة فى دموعها، حملها للذهاب إلى المشفى سريعًا، وحين وصولهم، كانت طبيبة آسيا هناك، فاقت آسيا،وطلبت الطبيبة من فريد أن يرافقها لتخبره بشئ لكن آسيا نظرت لها واستوقفتهم قائلةً:

فريد أين صغيرتي، أريد أن أراها

فريد:ريتال بالخارج سأذهب مع الطبيبة أولًا.

آسيا:أريد ابنتي الآن، ستنتظرك الطبيبة هنا عزيزي.

ومن ثم غادر وفهمت الطبيبة مقصدها.

الطبيبة: آسيا لا بد من معرفته

آسيا:سأخبره والله، لكن اليوم كان تكريم ابنتى لا أريد أن أحزنهم، أرجوكِ لا تفسدي فرحتها، سأخبره فيما بعد، أعدك أننى سأخبره سريعًا.

الطبيبة: حسنَا لكنك وعدتي.

وفى طريقهم للبيت سأل فريد:

آسيا ماذا كانت تريد الطبيبة، أخبرتني أنكِ ستخبرينني بكل شيء.

آسيا: نعم فريد لا شيء مهم، بعض الأدوية وانتظام في الأكل، سأخبرك بالمنزل.

وحين وصلوا لبيتهم، حمل فريد ريتال ووضعها على سريرها، ثم دلف لآسيا يسألها عن حالها، وعن ما قالت الطبيبة

فريد:آسيا ماذا قالت الطبيبة بالظبط.

آسيا: فريد سأخبرك بشيء لكن عدني أولًا أنك ستظل تحبني ولن تجبرني على شيء.

فريد: ماذا هناك آسيا.

آسيا: عدني أولًا.

فريد:أعدك.

آسيا: فريد عزيزي تعلم كم أحبك، لكنني مهاجرة بعد قليل، مهاجرة إلى الأبد.

استوعب فريد ماتقصد لكنه كان يكذب أذنيه، تجمعت الدموع فى عينيه ولكنه حاول المقاومة، وإقناع نفسه أنه يحلم، حتى نظرت له آسيا بعينين دامعتين قائلةً:

أنا مصابة بالكانسر فريد.

لم يتمالك فريد نفسه، وضمها بشدة وكأنه يختفي من العالم كله، لا يريد تصديق شيء، حاول أن يتماسك لكنه خرَّ باكيًا، وبكت معه المسكينة، حتى ارتفع صوت نحيبهم كثيرًا، آااه من خسارة ليس لك دخل بها.

فريد:آسيا لازال امامنا وقت ستتعافين.

آسيا: لا ياعزيزي ليس لدي وقت، انتهى وسأنتهي معه عما قريب.

فريد:كيف؟

آسيا: الورم خبيث ومنتشر، وأنا لن أخضع لعلاج، لن أقدر على رؤية ملامحي تتلاشي شيئًا فشيء، لن استطيع رؤيتي هزيلة لا أستطيع الوقوف على قدامي، لن أقدر أن أراك تتعذب معي، كيف ستصبح صغيرتي حين تتغير ملامحي، حين أكون عاجزة.

فريد صارخًا بها: ستتعافين بإذن الله، ستبقين معنا، سأهاتف الطبيبة وستتعالجين.

وبالفعل هاتف الطبيبة وحدثها، لكنها أخبرته بأن الأوان قد فاتد وأن آسيا رفضت العلاج منذ فترة،لكن وإن كانت أخذته حينها فلم يكن يأتي بفائدة، وأنهت كلامها، سيد فريد مابيدك سوى أن تجعلها سعيدة.

ذهب فريد إلى غرفتها، ويكاد أن ينفجر رأسه، لكنها هدَّأت من روعه وأخبرته بأن قضاء الله نافذ لا محالة، فأخبرته أنها تريد أن ترتاح قليلًا فنامت تتوسطه هو وصغيرتهم، لم يطرق له النوم باب، ينام بجوار كل مايملك فى الدنيا زوجته وابنته، يتأملهم، لا يستطيع تخيل حياته دون أحد منهم، وبينما هو ينظر إليهم، يدقق فى تفاصيلهم، يرى كيف لريتال أن تشبه أمها لهذا الحد، إذ بها تهمس فريد نم ياحبيبي لا تفكر كثيرًا، علَّ القادم خير، كيف يكون خير وحبة القلب قد ترحل عني، ألم تعديني من قبل بالبقاء معي طيلة حياتي، ماذا حدث، آسيا لا تتركيني وحدي هنا، بعدما انتشلتني من وحدتي وعالمي الكئيب لأكن معك في جنة، زادت جمالًا حين أتيت لي بصغيرتي، لا ترحلي عني، لا أطيق العيش دونك، لم يستطيعَا التماسك حتَّى خرَّا باكيين، ومن وسط دموعهم وضعت آسيا يدها على قلبه قائلة: 

أنا هنا لن أرحل عنك قط، أنا معك فى كل وقت وحين، إن رحلت جسدًا لن أرحل روحًا فأنا أسكن فى قلبك.

كانت تلك أسوأ ليلة تمر عليهم،بعد حديثهم قام فريد يصلي قيام الليل يناحي ربه أن يطيل فى عمرها، أن تظل معه، لكن انتهت تلك الليلة بنومه كالصغير بين يديها، لا يعلم إن كان سيحظى بحبها يوم آخر، يخشى أن ينام فيفيق لا يجدها فى الحياة، ياله من شعور سيء الخوف من الفقد ما أسوأ من ذالك.

استيقظ فريد ووجدها بجانبه لكن دون حركة، لا تصحو من نومها أبدًا، حملها سريعًا إلى المشفي، يكذب نفسه، لا لم تمت لازالت حية، لن تتركني، لن تمت، ستظل معي، أخذتها الطبيبة إلى غرفة العيانة المشددة سريعًا، أصبح حسدها ملئ بالأجهزة، جلس فريد يصلي ويناحي ربه، لا أملك سواها أرجوك لا تأخذها مني، يارب اشفها، وبعد فترة خرجت الطبيبة من غرفة العمليات، على مجهها علامات غريبة.

فريد: هل صحت، أرجوكِ قولي أنها لم تمت.

الطبيبة: لا أعلم ماذا أقول لك لكن معجزة الورم إختفى، وكأنه لم يتواجد من قبل أصلَا.

هرول فريد إلى الغرفة فوجدها حية، سجد حامدًا ربه، فنظرت إليه قائلةَ: 

أخبرتك علَّ القادم خير.

سارا محمد|همج لطيف 

author-img
للكِتَابةِ فِي فُؤادِي مَسكَّنٌ، كمَا الرّوحُ فِي اَلجَسَد تَسْكُنُ.

تعليقات

التنقل السريع