قصة "أنا مسلم"
بشائر حميد محمد
حقيبه واحدة كان يحمل على كتفه حين دخل إلى الشقه المتكونه من غرفة واحدة وملحقاتها الكائنة بالقرب من عمله .. لم يفكر طويلا في إستأجارها لسعرها البخس ، مباشرة وقعت عيناة على الشاب ألاخر الذي دفع نصف مبلغ ألايجار وهو في منتصف الغرفة يقوم بطقوس غريبة . إنه (مسلم) بالتأكيد هذا ما دار في خلدة فملابسه والكلام الذي يتمتم به كان يؤكدان ذلك .. رمى حقيبته على الارض وأرتمى فوق سريره لأنه كان مجهدا بسبب المسافة الطويلة ألتي قطعها سيرا على الاقدام لأنه لا يملك المال .
اكمل ذلك الشاب قيامة وقعودة وسجودة وقام مسلما على النبي وصحبه ثم سلم على زميلة في السكن وعرف عن نفسه قائلا : أسمي أحمد .
فبادله ذلك ألشخص السلام وقال : أدعى جاك.
وبعد ان رتب أحمد سجادته وطواها قام وأعد القليل من الطعام وعزم على جاك بمشاركته في تناول ما صنع . أمتنع في البدايه ولكنه وافق بعد برهه لانه كان جائعا ومتعبا . كان الاثنين مغتربان في تلك البلاد سعيا للحصول على المال لأعالة ذويهم .
بدأ الاثنان بالعمل ووفق الله احمد الذي كان ملتزما ، مواضبا ، بينما تورط جاك مع مجموعة من الشباب واخذ منهم المال بفوائد كبيرة - الربا- وتراكمت عليه ولم يكن بأستطاعتة ردها ، أخذت حالته النفسية تدهور وأخذ يشرب الخمر لينسى وفي أحد الايام جاء إلى الشقه منتشيا وما إن فتح الباب تهاوى إلى الأرض فتلقفه أحمد بسرعه فقال له جاك : أتمنى أن أموت .
ثم أغمي عليه ، حمله أحمد إلى سريرة ، ثم ذهب لإعداد الطعام ، بعد ساعة تقريبا أستيقظ جاك على صوت جعل جسده يقشعر . بدأ ينصت رغم عدم فهمه لما كان يقال ، أجهش حينها بالبكاء والنحيب ، توقف أحمد عن التلاوة فسأله جاك أن يكمل ما كان يقوم به ، وفعلا أستمر بقراءة القران بتجويد وتدبر حتى هدأ جاك .
ربت أحمد على كتفه وقال له : وكل أمرك الى الله وسيكون كل شيء بخير .
فقال جاك : أرجو أن تعلمني .
وفعلا بدأ أحمد بتعليم جاك رويدا .. رويدا حتى أتقن الصلاة .. وبدأ ينصت إلى القران من خلال تسجيلات أعطاها له أحمد ، رتب أموره ، وساعده أحمد على وضع خطط لحل أزماته وتصحيح مسار حياته .
وبعد عدة أيام عاد أصدقاء السوء لاصطحاب جاك وكان يجلس هو واحمد على شرفة شقتهم في الطابق الثاني ، قاموا بمناداته ، نهض احمد وتركه ليقرر هو خطوته القادمه ، تريث جاك وطأطأ رأسه وتذكر كيف كان حاله مزريا ، وكيف أصبح بعد ان اعتنق دينا وجده خلف البحار انتشله من القذاره وجعله إنسانا صالحا ، مسؤولا ، نهض من مكانه وأمسك بسور ألشرفة وقال : دعوني وشأني ، لن أعود إلى ذلك الطريق .
فقالوا له : هل انت مجنون ؟!
فقال لهم وهو يدخل : بل أنا مسلم .
تعليقات
إرسال تعليق