القائمة الرئيسية

الصفحات

مقال "عنصرية القصة من الرؤية إلى الأسلوب"





عنصرية القصة من الرؤية إلى الأسلوب

      

سلسلة أحاديث قاص

أعده: محمود محمد



كُل عمل أدبي يتكون من أجزاء، والقصة هي عمل أدبي مكون من عناصر، تسهم جميعها في تكوين عمل أدبي يمتاز بانسجام عناصره والتآمها، ويمكن أن نأخذ المقاربة بين الشكل البنائي للرواية والقصة، فنلحظ أنهما متقاربتين إلى حدٍ كبير، حيث يشتركان في عناصر:

•الرؤية.

•الموضوع.

•اللغة.

•الشخصية.

•البناء.

•الأسلوب الفني.



وهي العناصر الأساسية في القصة، ويأتي فقد عناصر مثل الصراع والزمان والمكان، والتي يتضائل دورها إلى الاختفاء وذلك الشائع، مع أن أولى المفقودات يثري القصة ويلقي بين طياتها دماء تحييها.



وفيما يلي تعرف على عناصر القصة بشيء من الإيجاز.


•الرؤية(المضمون):

 يضرب الأمثال عن الجندي المجهول، ذو الأثر البين، ينطبق هنا ذلك المثل، فالرؤية هي جوهر العمل، وهي أيضًا التي لا ترى أو تلتمس وتحدد، ويقال لها هذه هي الرؤية، وهي مضمون ودلالته، وبها يتم اختيار تحريك الأحداث على منحنى معين، وخطى ثابتة، ويعم من الخلط الكثير بين المضمون والموضوع، فالمضمون هو الرؤية الفكرية للموضوع من دلالة ومغزى، أما الرؤية فهي الموضوع نفسه، أو ملخص القصة إن صلح لها تلخيص، لذا فالرؤية قد تكون فكرة عند كاتبين، يأخذ كل منهما نفس الفكرة بحذافيرها، ويصيغها كلًا منهم بموضوع مغاير تمامًا لما أتى به الآخر، وذلك يظهر أن الرؤية هي نظرة القاص وتسليطه الضوء على قضية من جانب بعينه.

الرؤية هي روح العمل، هي مغزاه، هي التي تأتي بصدى ذو أثرٍ يدوم، وهي التي تأتي بعبرٍ، وهي أيضًا ما تأتي ببضع ترهات.

«بعض الدلالات تعطي للقارئ مفاهيم مختلفة قد أفلتت منك ولم تعلم أنك طرحتها، وكل قارئ حسبما مر، وحسب رؤيته لرؤيتك.»

لست مطالب بالعثور على رؤية قبل كتابة النص، لكن على الأقل تصور مبدئي لها، وفي خضم كتابتها يخرج بالرؤية أو تأتيه.


•الموضوع: 

«هو الحدوته الشعورية التي تجسد من خلالها الرؤية»

هو مادة القصة، يصب به الحدث، أو اللحظه الشعورية، أو أيًا ما كان موضوع القصة، وهو للقصة كالهيكل العظمي لك إن كنت إنسيًّا. 

الموضوع المتميز والمعالجة الفنية المؤثرة هي التي تعطي نصًا جيد، فالموضوع يسبق الشكل، وهو الذي يبلوره ويبحث القاص عن أمثل الصور ليخرجه به إلى النور.


ترتقي أغلب الأعمال الأدبية بواسطة الخيال، ويعتبر أهم شروط الإبداع بشهادة فلاسفة الحال، وأعلام الفكر الأدبي، وأقوى مظاهر إجلاء الخيال في الموضوع، حيث تأتي في الموضوعات المبتكرة والمستحدثة برسم الشخصيات ومختلف الوسائل الفنية، التي تأتي بصياغه النص الأدبي وبلوغ أثره الجمالي.

يقول تشيكوف "أفضل الكُتاب هو الكاتب الواقعي الذي يكتب عن الحياة كما هي، ولكن لأن الإحساس بالهدف يسري كالعصارة الخفيفة في كل سطر مما يكتب، فإنك لا تشعر بالحياة كما هي فحسب، بل وكذلك ينبغي أن تكون، فيسحرك ذلك. "


فن اختيار الموضوع الذي يحقق الرؤية المنوط بها تكوين شكل جاذب؛ فينبغي عليك استخراج أمثل المواضيع التي تحقق المنطقية دون الحول إلى معضلات أزلية تؤول بك إلى ركن المنسيين.


•اللغة: 

اللغة هي الظاهر والأهم في القصة وهي لسان القاص، وهي لا تنهض فقط بعبء التعبير والتصوير، لكنها ذات دور بالغ ودقيق في إضفاء الحرارة والحيوية على النص الأدبي، وهي عنصر البناء الأساسي، والتصوير المكثف للشخصية والحدث يتكأ على اللغة، وحتى الدراما في القصة القصيرة أولادها اللغة الموحية والمرهفة، وهي التي تثبت الأساليب الفنية، من حوار وسرد ومنولوج داخلي.


ويجب أن تتوفر في لغة القاص عدة سمات أساسية وهي: 

_السلامة النحوية:

 فينبغي أن تكون اللغة سليمة خالية من الأخطاء النحوية الساذجة؛ فتلك هي التي تُعلي من شأن كاتب، أو تصفه بالسذاجة.


_الدقة:

 سمة تلازم القصة؛ لأنها تحقق مبدأ التكثيف، وهي فن اختيار الكلمة، ولا تأتي اعتباطًا بل تتطلب ثراء لغويًا؛ كي يعين صاحبه على اختيار الكلمة بدرجتها المناسبة، ويحقق بها عدة نقاط، منها الوضوح الذي يبتعد بها عن المعاني المُبهمة التي تحتمل أكثر من مغزى، الأمر إن أحرزت لقبه صرت قاصًا، وإن لم تحرزه ونلت باقي الأركان، صرت قاصًا أيضًا، وربما نتجت قصتين، أولهما لمن حاز، والأخرى لمن نال، هما للقارئ قصتان، لكن الفرق شتان.


_الاقتصاد والتكثيف: 

تكون بالابتعاد عن الإسهاب والعفوية وما بهما من سخاء مديد، فما في القصة إلى تخلص من أي زوائد، تكرارات كانت أوتفسيرات، واوات أو الكافات، وحذف جل المشاعر والنوايا والتطرق لوصف الطبيعة والبكاء على الأطلال.

الأمر ببساطة أن تُحكم اللجام على جواد قلمك، وتُردي كل منفذ يأتي بإسراف، وبصدد ذلك فنحن نقول أن القصة هو فن الحذف، فن الرشاقة والعمق، فن ما قل ودل.


_الشعرية:

 إن نظرنا للعناصر السابقة من اقتصاد وتكثيف ودقة وثروة لغوية فنرى أن هذا من الملامح الرئيسية للقصيدة، والتي انتزعت مكانتها في القصة التي تتميز بطابع تقليدي من النثر ذو الوقع الشعري مما يأتي بمسمى القصيدة النثرية، وتأتي العبارات السردية إن أتت بوقع شعري توسع بسرقتها وأن تتميز بطابع عمق نفسي ودلالات جوانية تكشف اختلاجات الروح وتوترات القلب، وتعتلي بعمق المجاز والرمزية.


•الشخصية: 

«الشخصية هي منبع للشعور ومنتجه للحدث، تنهض به وتبرزه، تتميز الشخصيات بالترابط والوحدة والتماسك، والنفاذ المباشر للموضوع.»


يأتي على مثل الخلق بشكل يسقط منه السيطرة العليا التامة، بل فقط رسم حدود الشخصية من أهداف وصراع وتركيب فطري وفكري، وما ترمي له من بغض، أو تفضيل، وغيره من الصفات.

والشخصية هي صاحبه الفعل، والدافعة إلى الحدث، ومصدر المشاعر للقصة.


تلزم الشخصية الحدث بتلازم لا ينفك، ولا يلزم أن تكون الشخصية هي المحرك الرئيسي للأحداث، أو تكون الشخصية بشر فقط، بل من الممكن أن تكون جمادًا، أو حيوانًا، وقد يأتي أن يكون المكان هو الشخصية الأساسية في القصة، وقد تكون السيجارة، وقد تكون الكوابيس، وغير ذلك من الموجودات.

والشخصية تعمل على تأكيد الفعل الإنساني، وما يحقق بدوره الإنسانية للفن بكل تفاصيله، وما يتبين من تجسيد الشخصية بسلوكها المبرر الذي يأتي بالحكم على الحدث، ورفض الافتعال والتكلف، وما يقلل من فرص وضع قوى أخرى تساهم في الصراع القصصي، وخلق احداث تتجاوز الفعل الإنساني.

وليس في الصواب أن تأتي بوصف شخص بقول سليط اللسان، بل من الصواب أن تأتي بذكر موقف يدل على ذلك، وكذلك الأمر حيال التفكير والطموحات وإبعاد الشخصية كافة، فمن الراجح أن تأتي بذكر كل نقطه ترمي لها من وراء الستار.

يسهل إدراك أهمية دور كل شخصية في القصة من ملامحها ومتابعة شخصيتها الفنية، ويترك الكاتب الفرصة لطرحهم في طريقتان، أن يكون الكاتب هو الواصف الذي يأتي على لسانه الملامح الداخلية والخارجية، أو يفسح المجال للمنولوجات والديولوجات لتعبر عن نفسها، بمحادثات مع نفسها أو مع الآخرين.

ويقاس نجاح القصة فنيًا بمقياس توفيق الكاتب في خلق الشخصية من رسم ملامح، وجعلها كثيفة حية ذو حضور قوي، خلّاقة للأحداث، مشاركه بها، تصدق الشعور طبيعيًا.

وأي صفة لا تساهم في الحدث وما منه؛ لتفجير شعوري، فهي دون نفع وهي تمثل سرطان في بناء القصة.


_قديمًا: كانت ترسم الشخصيات حتميًا من زواياها الجسمانية ووضوح أبعادها النفسية والاجتماعية والذهنية، أما عن القصة الحديثة فأي ما يدرج هو لهدف مُحدد؛ لأن القصة القصيرة لا تحتمل التوقف عند كل ملمح، ولحاجتنا للملامح الرئيسة التي تفرض عليه مساحة يتحدد منها هيئته، وإبراز موطن قوة وضعف وغيرها من السمه المميزة للشخصية.

يتم اختيار الشخصية المناسبة للموضوع، وكل شخصية يلزم وجودها بهيئة معينة لا تخرج عنها، مما بها من مميزات وعيوب، وجدت، لإضفاء طابع لا بد من وجوده، فإن لم يكن فلن تكن.


•البناء: 

شكل القالب الذي يختار القاص للخروج بالقصة من ملامح ظاهرية وأسس يتم من خلالها وضع الأسلوب الذي يأتي بدوره بالشكل النهائي الأمثل للقصة، ويمكننا هنا وصف البناء بالجسد الخارجي، والأسلوب بالأعضاء التي تحيي هذا الجسد.


ويتكون بناء القصة من محاور رئيسية وهي: 

-البداية: 

ويقصد بها ما طرح أولًا من القصة، وإن كانت آخر ما حدث للشخصيات.

-الوسط: 

يكمن فيها الجزء الثاني من بنية القصة أيًا كان موقعها من الحدث، بغض النظر عن كونها سببًا أو نتيجة، وحين ذكر الوسط فلا يقصد به الجزء الثاني زمنيًا، أو تاريخيًا، أو حتى قلب الأحداث واحتدام الصراع.

-النهاية: 

لم يعد يعبأ بها أن تكون هي نقطه تجمع الأحداث أو نقطه التكشف ولحظة التنوير.

وقد ذابت بنية القصة التقليدية منذ أواخر الخمسينات، وحلت محلها البنية التي تعتمد على تقديم النهاية على البداية، أو الوسط على الاثنين، وغير ذلك من تشكيلات، فيما يعرف بالقصة الحديثة، وسنستفيض قليلًا بالحديث عنها.

•البداية:

 لرؤيتنا أن بداية عمل فني هي متنفسه للدنيا تظهر منه ما تظهر وتخفي الكثير، لكن في القصة خصوصًا تكون البداية هي محور نجاح القصة أو فشلها، ويجب أن تمتاز بالتشويق وأن تكون حماسية ذات نبض سريع تجذب القارئ لا تنفره، وتعبر عن العصر والجو المجتمعي الخالي، ويأتي في القصة عدو عناصر يجب تجنبها وهي: 

-المقدمة التمهيدية الطويلة: 

تكون المقدمة الطويلة التي يستعرض بها الكاتب شخصياته، وشكلها النفسي والمجتمعي، حيث لا يفاجئ بسلوك غير مبرر، وذلك شأن الكثير من فطاحلة الكتاب السابقين، إلا قلة شأنهم شأن تشيكوف حيث دعى إلى حذف البداية والنهاية؛ ليقينه بعدم جدواها، وكما قال يحيى حقي: "القصة الجيدة لها مقدمة طويلة محذوفة. " 

والقصة المعاصرة لا تحتمل كل التحضير ذلك ولو عبنا المقدمات الطويلة فالحق يقال أنها كانت منسجمة مع طبيعة البناء القصصي القديم، بناء ضخم ينبع عن قصة دسمة محشوة بالشخصيات، والأحداث، وغير ذلك من وصف متريث وبلاغة مدهشة، وأما في القصة الحديثة فلم يبقَ من ذلك إلا أقل القليل.

-العبارات الإنشائية والمبهمة: 

تقف عائق في المثلث المكون من الناقد والقارئ والكاتب، فيتميز القاص باللغة المباشرة الواضحة دون أي كلمات تحتمل المعنيان.

وأما عن البداية الموفقة فتكون في التخلص من الإبهام والمقدمات الطوال، والحذو إلى البدء بالحدث مباشرة أو بالشخصية من حالة الحركه، أي تبدأها من خضام الأحداث، وتكون البداية هي المحطة التي تتجلى بها طاقات الكاتب الفنية، وكشف عالم مطمس الأركان.

•النهاية: 

كان من المتعارف عليه أنها نطقه اتصال كل الخيوط والملاذ الأخير، بل هي في القصة الحديثة نقطة كما باقي النقاط، غدت نقطة مثل البداية ومثل الوسط، نقاط متشابهة، وصارت مشهدًا متممًا لأجزاء اللوحة لن تكتمل وحدها، أو تؤثر التكشف والتنوير لها دون البقية، فقد يأتي التكشف منذ بداية القصة وغيرها من الألاعيب، وفرضًا بأنه قديمًا كانت التساؤلات عن النهاية، فحديثًا أصبحت لنا النهاية كنقطه تجيب عن مجهول نريد معرفته، وبذلك نعلم أن التقليدية في البناء، والتصاعد الزائل قد قضي عليهم، وأثرت القصة أن تخرج لنا مزيجًا متماسكًا لا يعلم ملامحه تفصيلًا، يضم كل منهم من الآخر ويرمي له.


•الأسلوب: 

هو ما يصور به الحدث وينقل منه الحالة، وما ينفذ به الكاتب إلى الشخصية والموقف، وما يتضح بها عبقرية القصة، وبراعة القاص، وحساسيته، وموهبته، وثروته اللغوية وثقافته، وامتلاكه لأدواته، وهو ما يجعل القاص بإحداث صدى وأثر بموقف عادي مستهلك.

ويتضح أن القاص عندما يحتضن فكرة ويهم بطرح قصته التي صممها في وجدانه حتى نضجت، وتحددت كشكل متجمل الملامح كامل الأركان، حينها يأتي لمربط الفرس حيث شكل طرحها للعامة، ما هو كفيل برفعه عنان السماء، أو الهبوط به أسفل سافلين، وحين ذكرنا ذلك عن القصة نذكر منها أن القصة هي ثقب إبرة نطل منها على العالم، فكيف تطل من ذلك الثقب على وجدان أناس وشعور الآخرين؟ 

وهنا يتضح للكاتب بطله، من زمان، أو مكان، من شخص أو مساحة حدث، ومن يروي، وما الفارق بين هذا وذاك، وتأثيره على القصة، وسخونتها، ودرجة إبهامها بالصدق الذي يميز كل عمل، منه يأتي الزاوية التي يطرحها ببضع وسائل فنية متراصة لتظهر لنا نسيج القصة الكامل.

والأساليب الفنية تتعدد من سرد، وحوار، وحلم، ومنولوج وتيار الوعي وغير ذلك الكثير مما يأتي لك بنقل الحدث، لكن في القصة القصيرة لا توجد مساحة تسمح بنقل الحدث بكل الأساليب، أو استخدامها كلها، لكنها تكفل لنا استخدام ثلاثة أساليب وهي السرد، والحوار الخارجي، والحوار الداخلي وهم الديالوج والمونولوج، ويضاف على استحياء الفلاشباك، أما عن الباقي فهم ينتسبون للرواية.

ويأتي الأسلوب معبرًا عن كل عملك الدؤوب على القصة، مظهرها في كل كلمة في حوار أو سرد وكل ظهور لتفصيله في الملامح، وهي التي تعجن كل عملك لتخرج لك كعكة مكتملة الشكل مزينه بزينتها الكاملة.


ونتعرف في شيء من الإيجاز عن عناصر الأسلوب.

•السرد: 

هو الوصف المشكل للصورة المقروءة، ودوره الأساسي هو التصوير والتعبير، ونقل الحدث والمشاعر إلى المتلقي مما يأتيه من الكاتب عن طريق الراوي.

ويمكننا الجزم بأن القصة هي صورة، والسرد هو ما يلونها ويضفي عليها شكلها الكامل.

والسرد هو ما يميز كل كاتب عن الآخر، سواء في القصة أو الرواية، ويعبر السرد عن البيئه المجتمعية والمكان، وما من ذلك من تغييرات تطرأ من مجتمع لآخر، ففرضًا أننا في المجتمع العربي نميل إلى الحرارة الشعورية والبسط فيها، والأخذ بتجسيمها.

ويأتي السرد أو الوصف على لسان الرواي والذي قد يتشكل بعدة هيئات، ويمكننا الجزم بأن الراوي غير الكاتب الأساسي صاحب القصة، وقد يكون: 

-الراوي البطل:

وهو الشخصية الأساسية في القصة، التي تنقل الأحداث على لسانه سواء هو نفسه نقلها، أو انتقلت لنا بحبكة ما.

-الراوي المشارك:

وتكون هنا القصة على لسان شخصية ثانوية، سواء عايشت القصة بتفاصيلها، أم فقدت عدة لحظات لعدم مشاركتها بها، ونقلت لها على لسان شخصية أخرى.

-الراوي العليم: 

شخص يعلم كل مجريات القصة، يضفي عليها الطابع الدسم من الوصف، الخالي من المشاعر أو إبداء الآراء في أشياء، أو أخرى، يعلم عن كل خاطرة تبدر لذهن كل شخصية في القصة.

في الرواية يأتي التبادل والتنقل بينهم، أما في القصة فيأتي التغيير في أضيق نطاق، ويقتصر شكل واحد، أو شكلين كحد أقصى.


•الحوار: 

هو لسان الشخصية التي تعرض أفكارها، وانفعالاتها، وكل ما يشملها داخليًا ولا يظهر خارجيًا على لسان الراوي أو المؤلف، وتمتاز الجمل الحوارية بإضفاء صدق الإحساس، وحرارة المشهد في الأذهان، وتتجلى للكاتب طمس آرائه الشخصية، وكل وجهات نظرية وطرح الكلمة للشخصية، تدلي ما بها من دهاليز، ومشاعر ومعضلات هي من أسس طرحها.

وللحوار الجيد أسس وسمات مثمرة تصنع قاص، أو تصرعه، ألا وهي: 

-أن يكون في محله لا يوجد عنه بديل، سواء كان البديل سرد أو وسيلة أخرى.

-أن يكتسب منطقة الشخصية التي يأتي على لسانها، ويناسب أبعادها النفسية والثقافية.

-أن يكون موجزًا جدًا، ومركزًا ومكثفًا؛ حتى يتواءم مع طبيعة القصة، وطريقة كتابتها، فضلًا عن أنها نفس سمات الحوار السائد بين الناس.

-أن يضيف إلى النص بتوضيح الموقف، وإبراز الشخصية، وتنمية الحدث.

-أن تكون عباراته واضحة ومفهومة، وليست مبهمة.

-يفضل ألا يكون الحوار غالبًه إلى السرد؛ حتى لا تتحول القصة إلى مسرحية.

-ليس مهمًا أن يكون شاعريًا أو بليغًا، المهم قول وبساطته.

-أن يأتي في الوقت المناسب بالنسبة للحدث، أو الموقف، وأن يلتحم بطريقة عضوية بحيث لا يبدوا دخيلًا، أو مفروضًا.

-أن يوزع على القصة إن كان طويلًا نسبيًا، ولا ينصب دفعة واحدة.

وعن استخدام اللهجات المحلية في الحوار، فذلك أمر شاع عند الكتاب المعاصرين، لن أجزم في هذا المحفل بثبوت ذلك من عدمه، لكنه يضفي على الكاتب مجموعة تتجنبه من القراء، سواء من مجتمعه، أو من المجتمعات الناطقه للعربية الغير ملمة باللهجات الدخيله عليها، جلي بالذكر أن اللهجه المصرية محببة إلى قلوب العرب ومفهومة عند جلهم، لكن أي لهجه منهم؟

ويشتق من الحوار صورتين أساسيتين:

-منولوج: 

يكون استرسال أو جمل حوارية لفرد بعينه، يأتي بها؛ لتفجير الروح البشرية وما بها من اعترافات، وإضفاء حرارة ودفء على النص. 

-ديالوج: 

حوار بين فردين، أو عدد من الأفراد.

انتهت عناصر القصة، ومنها انتهى مقال من سلسلة عناصر القصة، لكن لم تنتهِ السلسلة.



محمود محمد|همج لطيف

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

التنقل السريع