القائمة الرئيسية

الصفحات

 قصة "جيرة طيِّبة" 

مرو ةعثمان

في شارع الزهراء كان يسكن بعض المواطنين الطيبين، كانوا جيرانًا يحبون بعضهم كثيرًا، يقف كلٌّ منهم بجانب الآخر في السرَّاءِ والضراء وكأن الله وضعهم في نفس الطريق ليكونوا عائلة، ومع قدومِ شهرِ رمضان المبارك، اجتمع الجيران في أول يومٍ في بيت يحيى الرجل الكبير الذي يبلغُ من العمر 60 عامًا.


ومع أذان المغرب بدأ الجميع في تسميةِ الله والبدءِ بتناول بعض القطع الفردية من التمر الشهي، ثم شرب الماء وقولِ دعاء الإفطار، ثم قام الجميعُ ليُصلوا فنزل الرجالُ لأقرب مسجد حيث صلى بهم فتحي الشاب حافظُ كتاب الله، وبقى النساءُ في المنزل يصلُّون ويُحضِّرون الطعام حتى يأتي الرجال، وبعد الانتهاءِ من الطعام بدأ أحدهم في شكر الله على نعمه بصوتٍ مرتفع، فقالت ثناء: الحمد لله الذي رزقنا هذا من غيرِ حولٍ منَّا ولا قوة والحمد لله كثيرًا على هذه الجيرة، وتحدثوا جميعًا حتى أذَّن أذانُ العشاء فقام الجميع للصلاة، وكانت مريم ذاهبة لتتوضأ ولكنها تعجبت وقالت: تُرى أين مروة؟ وكانت مروة ابنةُ يحيى لذلك مرَّت مريم بغرفتها وطرقت الباب؛ فإذا بمروة تأذن لها بالدخول.

مريم: السلام عليكم يا مروة.

مروة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا مريم.

مريم: ماذا تفعلين؟ ولماذا لم تأكلي معنا؟ 

مروة: قد اقترب موعدُ امتحاني، وأنا أذاكر لذلك لم أستطع الجلوس والتحدث معكم.

مريم: ولماذا لم تصلي معنا إذًا؟

مروة: صليتُ هنا.

مريم: أتفوِّتينَ صلاةَ الجماعة؟ لم تكن لتأخذ منكِ وقتًا، هيا اخرجي لتِصلي معنا العِشاء حتى.

مروة: معكِ حق، أنا قادمةٌ خلفكِ.

وبعد الصلاةِ عاد الرجال إلى منزل يحيى وبدءوا في توديع أحدهم الآخر والدعوة لكلٍ منهم بالخير.


وقبل أن يُغادر الجميع، حضر خالد متأخرًا فتعجب الجميع لتفويته كل هذا الوقتِ المرح، فقال خالد: أعتذر منكم جميعًا، لقد أفطرتُ مع أصدقائي الذين أصرُّوا على ذلك، ولكني قدمتُ ولن يغادر أحدٌ منكم الآن، عليكم الانتظار قليلًا؛ مازال الوقتُ مبكرًا، فجلس الجميعُ مع خالد صاحبِ الأحاديثِ الممتعة والنِكاتِ المميتة من الضحكِ، فسمعت مروة من غرفتها صوتَ الضحكات، وكانت متأكدة بأنه خالد -ومن غيره يضحكهم هكذا؟- فخرجت على استحياء لترى على أيِّ موضوعٍ يضحكون هذه المرة، فنظر لها خالد مُبتسمًا ثم نظر لوالدهِ مجدي الرجل العجوز قليلَ الكلامِ وقال: أليسَ هذا الوقتُ المُناسب؟ فأجاب والده: نعم، أظن ذلك أيضًا، يحيى أودُّ في اجتماعنا هذا أن تقبل زواج ابنتك مروة من ابني خالد، فنظر يحيى لمروة ابنته فوجدها احمرت وجنتيها خجلًا، وأجابت والدها بابتسامةٍ، فوافق يحيى فورًا وسعد الجميع، وبعد القليلِ من الوقت عاد الجميع لمنازلهم ليتسحروا ويستعدوا لصلاةِ الفجر، ويبدو أن هذه الجيرة الطيبة أصبحت عائلةً فعلًا.

مروة عثمان|همج لطيف 

author-img
للكِتَابةِ فِي فُؤادِي مَسكَّنٌ، كمَا الرّوحُ فِي اَلجَسَد تَسْكُنُ.

تعليقات

التنقل السريع