القائمة الرئيسية

الصفحات

نص "مِحرابَ النعيم"

نور السيد 

لقد صَقَلنا التَرح صَقَلًا، بِتنا كالجُثث المُرممة المُتناثرة في الجِوار، كاظمين الوجوم، مُتجرعين دماء كبت السموم، كُثُرَت مهازِل موطنُنا فثقَّلَت عاتقنا بما يقصفُ أناملنا قصفًا، ازدادت بصيرتَنا إنارةً على رمادية العالم، بصرنا ما يعتريه مِن غوائل منزوَة خلف سِتار القوانين المُشدَدة بإحكامٍ جائر، طافت رائحة الانفلال الذي طاح بالأنام أجمعين، وأودى بنا في مسيره إلى الهاوية ذات المُستنقع الحافِل بالشؤم الأبديّ، مُتهاويين كسيلِ النهر في مجراه المعهود، مُهاجرين بين أحبّتنا في الفِراق، أوتينا القوة بين شتاتِ العالم وإرادتنا الباقية، فلقد تأبشَ الآدميين على خُذلاننا وطرحنا أرضًا، فما كان للمبتغي شرًا إلا وانقلب عليه بين الوجود وعدمه، فسقطنا واستحال نهوضنا، لا يوجد مفر، نحن مُقيّدون الآن، يُحاوطُنا غبشٌ حالك لا مفر منهُ إلا إليه، لم نعد نستطيع تعريف المجهول، دقات الوقت تَمُر مرّ السحاب، رُفاتًا مِن الباطِن، جوفنا مُترّعٌ بالفراغ البغيض، أين الملاذ، أين النعيم؟ 

نعم، ها هو ملاذَنا وموضِع وِصالُنا وسكوننا، ناءٍ في مُتسعٍ حال دون وصولنا إليه، فلترأف بنا أيُّها النعيم، مُد لنا يد الشفقة، وقدِّم عَبراتك قُربانًا لنا؛ تعويضًا عمَّا شَوب بصيرتنا، ستجدُنا كالرخو نجثو على أقدامنا زاحفين أرضًا نستنشق رحيق عَبراتك ولو لوهلة، تهاوينا إلى أسفلِ دركٍ مِن الهاوية مُتَشبِّثين برأفتك بنا وتنازُلك عن تمرُدك، وأننا على علمٍ بداقٍ الظلام يُستشرى، فلتُخرجنا مِن هذه المكيدة المُفجعة، وامنحنا تِرياق حُبور، واهدِنا قطرة سكون، ولو قطرةٌ مُصطنعة؛ علّها المُنجية.

نور السيد|همج لطيف 

author-img
للكِتَابةِ فِي فُؤادِي مَسكَّنٌ، كمَا الرّوحُ فِي اَلجَسَد تَسْكُنُ.

تعليقات

6 تعليقات
إرسال تعليق
  1. جامد جدًا. 💙

    ردحذف
  2. اشطر كتكوت وأشطر نور🙁💙

    ردحذف
  3. جامد يسيدي جامد 😂🤎🤎🤎🤎🤎🤎

    ردحذف
  4. 🌚 🌚 🌚 🌚 🌚 🌚

    ردحذف

إرسال تعليق

التنقل السريع