القائمة الرئيسية

الصفحات

مقال: أبواب السرد

سلسلة شيفرة الرواية.

الكاتب: محمود محمد.

مراجعة لغوية: نور محمد.

غلاف: سماء الطنطاوي.


تتعدد الأساليب في الرواية، وكما ذكرنا سابقًا فأبواب الأساليب هما السرد والحوار، فلو افترضنا أن الحوار هو الكلمات المسموعة، فالسرد هو شكل قائل الكلمات، من فرح، أو حزن، من سكون، أو حركة، في بيت، أو في ضلال، وما من شأنه الوصف للشخص وللمحيط، في لحظة درامية وانتقاله منها إلى لحظة درامية أخرى.

•ما هو السرد؟
هو المشكل الصورة المقروءة في ذهن القارئ، فحين وجود صوت صادر من من العدم(الحوار) يلزم معه هيكل يصدر منه، من أشخاص، ومحيط، وصراعات، وتحرك وغير ذلك من وصف داخلي وخارجي.

•ما دور السرد؟
ليس السرد مجرد وصف للمشاعر والوجدان لمجرد وصفهم، بل يأتي بهدف أسمى من معاني وإيحاء، ونقل القارئ إلى عالم الرواية من جو محيط؛ لتمتين الرسالة المقصودة، أو لتحقيق تأثيرات جانبية في نفس القارئ من فرع أو اضطرابات وغيرها، فليس الوصف مجرد تقديم صورة واضحة للمحيط الذي تجري به قصتنا، بل هو يلعب دور مؤثر إذا ما تم ربطة بالمشاعر والأفكار والحالة الوجدانية لشخصياتنا.

•حرفية الوصف.
ليس الوصف باستخدام النعوت والحالة الشعورية للشخصية عند الحوار، بل هو عالم به من الدهاليز والخبايا الكثير، فالوصف كما ذكرنا في العناصر السابقة هو ناقل الإحساس ومكون الصورة، وعامل أساسي إن لم يكن الوحيد فيما يسمى بالاندماج التام للقارئ، وعلى ذلك فيلزم للقاص والراوي التدرب عليه وصقل مهارته بها، والابتكار في الأساليب والأشكال وطرق الوصف المختلفة، فلو سألت ما التمارين فما عليك سوى رسم صورة على ورق من كلمات، دع الصورة تتغلغل بعقلك، وابدأ بذكر معالمها تفصيلًا على الورق حتى تتمها، ولا يكون الوصف بصريًا فقط بل بإعمال باقي الحواس.

يلزم أن يكون السرد ذو إيقاع مشدود غير متوقف على نقطة حركية بعينها، موقفًا سطور حكايتك دونها، فمهمة السرد هي طرح حدود روايتك وسير أحداثها، ليس طرح الصورة الكاملة في جميع النقاط وتجاهل الحدث الرئيسي، فبدلًا من ذلك يمكننا استخدامه كفرشاة مزينة بألوانها الزاهية رسم نقش بقلم رصاص.

وأيضًا يحذر أن يتم الإسراف إلا بالقدرة على إضافة وصف مشدود الوتر، مكتوب ببراعة، لا يفلت منك خيوطه.

قف عند نقاط:
•الوصف البلاغي: إن ارتأيت بأسلوبك أنك ستضيف أساليب بلاغية وتجعلها الغالبة على السرد، فاعلم أن لكل تشبيه وقع ذو أثر مختلف عند كل قارئ، فعندما تصرح بكلمات بها تشبيه معين، تقصد به رؤية معينة ترسخت بداخلك بكيفية معينة، فلما تفترض أنها ستصل إلى القارئ بنفس الكيفية مع اختلاف الفرضيات عنده، إلا إن مهدت له الأمر وأتيت بفرضيات جديدة بنيتها من صلب خيالك ومخزونك اللغوي، وجملتها حتى أسست لك نهجًا خاصًا تسير عليه.
فالوصف يلعب دور أساسي في اللعبة السردية، فهو ناقل للخبرات والتجارب الحسية عن طريق اللغة، وعبر جسور الحواس وإشعال الخيال، ويطرح جوًّا عامًّا لحمايتك دون تصريح مباشر.
يميل الكتاب لعدد من الأشكال، فمنهم من يتخذ الفقرات البلاغية من مجاز وتسلية وغيرها من المحسنات، وغيرهم من يميل لتجنبها حتى تكاد تنقرض ويستعيض عنها بوصف التجربة أو الشخصيات وصف تقريري محايد، وفي الاثنين عنصر مشترك، وهي اللغة، واللغة السردية بطبيعتها تميل إلى الحلى والزخرفة والبلاغة، فاستيقاء التشبيهات هو أشبه بمفكر يستقي نظرياته الخاصة، فمنهم من يبنيها على نظريات سابقة، ومنهم من ينشىء نظرية الخاصة.
ودور تلك الأساليب يكمن في دورها الجمالي وقربها من خيال القارئ، وإيصالها لتراكيب خيالية تخيلية تشمل بين طياتها صورة قريبة منه ومن مفردات عالمه البصري، وتمتد لاستعراض الحالات الباطنية للشخصيات وعواطفها، بالإضافة إلى همومها الداخلية التي يصعب الاحساس لها دون ذلك.
لكن سوء التوزيع عن طريق إضافة أكثر من معنى وصورة بلاغية إلى جملة واحدة قد يأتي بنتاج عكسي غير مصحوب بصورة مركبة جيدة.

•ضد الوصف:
أصبح الوصف أمر قد يتم الاستغناء عنه، وإيجاد بدائل أخرى دونه، أو طرح كلمة تنبيهية منه؛ لإعمال رأس القارئ ورسم الصورة حسب معايشته إياها.

•متى أصف؟
باختلاف نمط الوصف وطبيعته فيجب اختيار توقيت لا يخرج بنا من حدة الأحداث إلى الهاوية، إلا إن كانت استراحة من قمة الصراع بين الشخصيات واستراحة للقارئ، وقد يطرح وصف للسماء وسط حدة الأحداث دون أن يكون هناك أي رتابة أو ملل، فعندما تواتي الفرصة، ودمجها بشكل صحيح تضيف لبنية المشهد لا تضعفه، وقد يكون الوصف على لسان الشخصيات ومن هنا يطرح شبكة علاقات، ونظرات غير حيادية ترمي إلى مشاعر، وترابطات أخرى.

• تقنيات السرد الروائي

يتكون السرد بصفة عامة من جزئين أساسين، أولهم هو القصة من التي يوظف من أجلها السرد، وثانيهم هو ناقل السرد، أو الراوي.
•ويوجد عدد من تقنيات السرد الأساسية:
_زمن السرد: حيث يلزم لصنع القالب الروائي زمان معلوم ملامحه، كما أنه يضفي الواقعية على الأحداث.
_الراوي: ويتمثل في كيفية نقل الرواية إلى القراء (على لسان من؟) وله العديد من الأشكال.
_الإسقاط: هنا حيث يستعرض الكاتب وجهة نظره، أو يسلط الضوء على موضوع لم يأتِ على ذكره، يكون ذلك من بين السطور، أو بفهم الموقف عامة، أو باختلاف الطريقة فالهدف هو إرساء رسالة من الكلمات دون إتيانها مباشرة.
_الحبكة: هي التصور العام الذي يقدم من خلاله أحداث قصته من مشاهد مسببة وغيرها من الفرضيات.
_الوصف: تقنية تستخدم لمخاطبة حواس القارئ من رؤية، أو لمس، أو تذوق، وغيرها من الحواس التي يسعى الكاتب لتغذيتها؛ ليصل بالقارئ إلى الصورة المرادة.
_الإرجاع الفني(الفلاشباك): هي أداة يستخدمها الكاتب لاستعراض حدث تم قبل بداية أحداث الرواية وأثر في أحداثها، ويأتي على ذكره لتوضيح سبب ذلك، أو لتوظيفها بفرضية ما، وهي في الأصل سينمائية لكن تم توظيفها في الرواية والمسرح والشعر كذلك.
_الحذف: تقوم هذة التقنية عن طريق اختصار زمن طويل من أحداث الرواية وتسليط الضوء على جزء بها، أو الإنتقال منها إلى الحدث المراد تسليط الضوء عليه.
_التلخيص: وتكون عن طريق اختصار أحداث طويلة في عدد من الكلمات القصيرة، وتوظف؛ لمنع الفتور، أو الملل.
_سيل الوعي(المنولوج الداخلي): ويعتمد في الأساس على تدفق الأفكار تعمل على إظهار موقف الشخصية من حدث ما، أو من تتابع أحداث، وقد تأتي على شاكلة محادثة غير مترابطة داخلية، أو تكون تصرفات الشخصية ضمن النص.

محمود محمد|همج لطيف 

تعليقات

التنقل السريع