حِوار صحفي مع الكاتبة: رَنـا أحمَـد.
الصحَفية: خديجة محمود عوض.
في خِضم معارِك الحيَـاة وحروب الزَمن التي لا تكـف ولا تخمـد، يَخـرجُ لنـا جيـل مُسلـح بأسمىٰ أساليب الدِفاع، جيـلٌ لا يَهَـابُ العثَـرات ولا يؤمن بشيءٍ سوىٰ العزيمة والإرادة، يَعشق التحدي عِشقًا جمـا، و اليَـوم معنَـا إحدى عُظماء هَذا الجيـل، تِلك التي تُضيف جمالًا لِحروفِ لُغة الضَـاد الساميـة عِندما تَبوح بما يَدور في عقلها؛ فَهي استطَـاعت التألق بأحرُفها المُميزة في كَـوكب الأدب، فَـ هيا بِنا نَتعرف على مَن تَكـون تِلك المُبدعة..
_ فِي بِدايـة حديثنَـا، أود معرفـة نَـبذة تَعريفيـة عنـكِ.
- رنَـا أحـمَـد، 16 عام، محافظة الغربية.
_ كَيـف اكتَشفتِ موهبتـك السَـامية، وما التي فعلتيـه لتنميـة تِلك المـوهبة؟
- اكتشفتها بمحض الصدفة، من صِغَري وأنا أكتُب، كنت أكتُب الترّهات وعمَّا بداخلي على الورق وأُمَزقه وكأن شيئًا لم يكن، لكن بالتكرار بدأت أكتُب على هاتفي وصادفني أُناس ساعدوني ومن حينها أحاول أن أكون ذلك الشخص الذي لا أتمنى أن أكون سواه.
_ مَـا هي أفضَل الأسَـاليب التي تتبعينها في الكتابـة؟
- أُفَضِل الأُسلوب الأدبيّ والخطابيّ.
_ يُقَـال أن المنتصـرون على العثـراتِ، هُم الأقـوياء، فمَـا العثَـرات التي واجهتـكِ وكَيف تغلبتِ عليهَـا؟
- قد لا تكون مثيرة أو لها أهمية عند البعض.. لكن صدقًا أكثر مشكلة واجهتني وما زالت هي إنقطاع الشغف، أسوأ ما يصيبني حقًا، أتوقف عن الكتابة وأقف كالعاجز الَّذي لا يعرف ما يقول وماذا يفعل، ولأنِّي أخرج كل شيء يعتريني من خلال الكتابة.. فحين ينقطع الشغف ولا أعرف كيف أكتب أشعر بالعجز لإنِّي لا أستطيع ممارسة أبسط حقوقي.
_ في حياة كُل مِنا شَخص قَـادر علىٰ المواسَـاة في المِحـن، فَمن الـذي ساندك في كل مرةٍ سقطتِ فيها؟
- إسراء عبدالباسط، نِعم الكَتِف، لا تتركني في قاع البؤس وحدي، بكلِّ مرةٍ أنعزل أو أرغب في مقاطعة الجميع.. إسراء هي الوحيدة الَّتي تُشعرني إنِّي إنسانٌ ناجح ويستطيع تخطي كلُّ الصعاب، لو كنت سأقع بحُب شخص صدفةٌ حتى.. أتمنى أن يكون مماثل لإسراء وبمقدرته مواساة قلبي بأبسط الطرق مثل إسراء.
_ كَيـف تتأكـدي أن عَملك دقيق وواقعي؟
- لم أتمن طوال حياتي إلا أن يُشار لي ويُقال: "ها هي الَّتي تتلاعب بأحرُفها لتصرخ بكلِّ الآهات الَّتي لا أعرف كيف أُخرجها"
وعندما رأيت إنِّي بالفعل أُعَبر عن واقع كلِّ شخص بطريقتي؛ أيقنت أن هذا مجالي وهذه مكانتي.
_ شَـاركينا أكثَـر نَص أدبي تُحبينَّه من تأليفك.
- أن تكون طبيباً..
يعني أن يلجأ إليك كلُّ مريض،
أن تكون مقصد كلُّ متألِم،
أن تملك الدواء لداءٍ يُصيب الجسد،
لكن.. لن يتذكرك مريض حينما يتعافى، سيهجرك المرضى فقط بعد أن تداويهم.
أن تكون مهندساً..
يعني أن تُشيِّد المباني،
أن تضع العِماد،
وأن تبني البيوت الَّتي يسكنها الأحبة
ويصنعون بها الذكريات،
لكن.. لن يتذكروك،
عندما يجدوا أنفسهم سعيدين لن يقولوا بارك الله للمهندس الَّذي شيَّد لنا هذا، سيتجاوزوك بسهولة.
أن تكون محامياً..
يعني أن تدافع عن المظلوم،
وتثأر لكلِّ مستغفِل،
أن ترُد الحقوق لأصحابها،
أن تدافع عن الحق،
لكن.. لن يتذكروك بعدما تثأر لهم، لن يتوقفوا عندك، بل إن أصابهم خطب ما آخر سيستدعون محامٍ آخر وتُنسى بكلِّ سهولة.
أما أن تكون كاتباً..
يعني أن تكون الفكرة برأس القارئ،
أن يتوقف القارئ عند جملة من صُنعك فتخترق قلبه، تلمس جرحه، تُذكره بماضٍ يحاول جاهداً أن ينساه.
أن تكون كاتباً.. يعني أن يلجأ إليك كلُّ متألِم، أن تكون صفحتك الإلكترونية مقصداً لكلِّ محبٍ لك، أن تلامس أحرفك فؤاد أحدهم يجلس بمدينة غير مدينتك، محافظة غير محافظتك، قارَّة غير قارَّتك، أن يقتني قارئاً كتاباً لك لأنه يُحب أحرفك وهو بعالم غير عالمك.
أن تكون كاتباً..
يعني أن تكون المنزل لكلِّ مغترب، أن تكون الكلمات الدافئة التي تُذكر مَن يقرأ لك بأحزانه وآلامه، أن تمس عبراتك أغواره ويظل متوقفاً عند جملة لك قرأها ومضى لكنها لم تترك ذاكرته.
أن تكون كاتباً..
يعني أن يتذكرك مَن فقد الذاكرة،
يركض لعندك كلُّ مَن رفضه العالم، وكلُّ مَن رفضه مَن يُحب،
يعني أن تكون الملجأ الَّذي يذهب إليه كلُّ من يريد أن ينسى كلُّ شيء.
ينسى القارئ كلُّ شيء -كلُّ شيء حرفياً- لكنه لا ينسى كلماتك التي مرَّت أمامه حينما كان يحتاج لمواساةٍ وتلك الكلمات ربّتت على كتفه،
لا ينسى حين تألم ومرَّت عبارةٌ لك أمامه فذكرته بآلامه ومأساته ويظل يلعن ويسب فيك.
أن تكون كاتباً..
يُعني ألَّا تخرج كلماتك من ذاكرة القارئ.
| رنَـا أحـمَـد.
_ أصبَح النَشر الإلكتروني مُتاح لِكُلِ كاتبٍ الآن، هَل تُفضلين نَشر أعمالِـك الأدبيـة ورقيًـا أم إلكترونـيًا، ولماذا؟
-ورقيًا؛ أُفضل أن يكون عملي بين يد قارىء يُحبني ويُحب أن يقرأ لي، ليس مجرد ملف على الهاتف، أن يكون كتابي الورقي بين يد متابعًا لي هذا أفضل إنجاز قد يُحقَق.
_ مَـن كَاتبكِ المُفضَـل؟
- في الحقيقة.. لا يوجد لدي كاتب مُفضل، أنا أقرأ لمَن تُثيرني كتابته فأتابعه وأحب أن أقرأ له، لكن إن كان السؤال لمن تُفضلي أن تقرأي؛ ستكون إجابتي:
"الرافعيّ، المنفلوطيّ، محمد طارق، حنان لاشين، دعاء عبدالرحمن".
_ مَـا رأيكِ بِجريدة "هَـمچ لَطيـف" الأدبية، وما رأيكَ في الحِوار؟
لطيفة، وسرَّني الحوار كثيرًا.
تعليقات
إرسال تعليق