قصة: عبر البحر المتوسط
الكاتبة: مروة عثمان
غلاف: سارا محمد
في جزيرة صناعية في وسط البحر مثبتة ببعض الأعمدة الخشبية الطويلة المسندة في قاع البحر، يعيش مجموعة من المراهقين؛ خالد، مروان، محمد، وأسامة، كانوا كعادتهم كل يوم، يخرجوا الساعة 3 من بيوتهم، يتمشوا، يلعبوا، يصطادوا أسماك، ويرجعوا البيت يناموا وهكذا كل يوم في العطلة الصيفية، ولكن النهاردة حصلت حاجة متوقعوهاش.
خالد: أنتوا شايفين اللي شايفه؟ في واحد تحت أهو.
أسامة: لا، دي هدوم طافية على سطح الماء.
خالد: لا، لا أنا متأكد إن ده شخص.
مروان: ثانية كده! أه ده تقريبًا شخص.
وفي لحظة محمد قفز في الماء.
محمد: ارمولي حبل بسرعة.
مروان: خد، اربطه بالحبل ده كويس.
محمد: اسحبوه يلا.
خالد: أسامة، اسحب معانا.
أسامة: يا جماعة انتوا ايش عرفكوا مين ده؟ إزاي تخرجوا أي حد من الماء كده؟ مش ممكن يكون ميت أصلًا؟ إحنا مالنا بجد!
مروان: اسكت واسحبه معانا ونتكلم بعدين.
بعد ما سحبوه وبقى معاهم.
خالد: ومش ممكن يكون لسة عايش ومحتاج مساعدة؟
أسامة: بس مش بيتنفس أهو.
مروان داس بقوة على رئتينه محاولًا إخراج الماء منها، وبعد عدة محاولات، خرج الماء، وفتح الرجل عينيه.
خالد: مش قلتلك! متقولش رأيك بعد كده تاني بقى.
أسامة: ماشي، اسمك ايه يا عمو؟
نظر الرجل على البحر وقال: ايه ده! بحلم ببحر، ماما دايمًا كانت بتقولي البحر في الحلم رزق.
ضحك الأولاد، وسأله محمد تاني: أنت منين يا عمو؟ وإيه اللي رماك في البحر كده؟ ونقدر نساعدك إزاي؟
الرجل: يااه أول مرة أحلم بناس وأنا متخيل ملامحهم للدرجة دي، اسمكوا ايه؟ عشان نفسي أفتكركوا لما أصحى.
خالد: أنا خالد، صاحبنا الفزلوك ده أسامة، والقصير ده محمد، ومروان اللي أنقذك دلوقتي حالًا ده، أه ونسيت محمد اللي طلعك من الماء بمساعدتنا.
الرجل: شكرًا بجد الموضوع يبان واقعي جدًا.
مروان: مش عايز أصدمك بس هو واقعي بجد، وده مش حلم.
الرجل: عادي سمعتها كتير.
محمد: أنت بتنام كتير ولا إيه يا عمو؟
الرجل: حاجة زي كده.
نظر خالد ليد الرجل.
خالد: يلا يا عمو، شكلك متزوج، وممكن يكون عندك أولاد، لازم ترجعلهم، حاول تركز كده وتفتكر إيه اللي حصل، وإحنا هنساعدك.
الرجل: سيبني يا خالد أستمتع بجمال المكان قبل ما أصحى.
خالد: خلاص براحتك، تيجي نفرجك على مدينتنا المتواضعة المبنية على جزيرة صناعية؟
الرجل: ياريت.
أسامة: استنوا هنا، دي لعبتي.
خالد: أيوة يا أُس أُس بقى دلعنا، أصل أسامة نفسه يطلع مرشد سياحي.
الرجل: جميل، ربنا يحققلك حلمك يا أُس أُس يا عسل.
أسامة: أحرجتوني، هتيجوا ولا أغير رأيي؟
محمد: وراك على طول.
أسامة: هنبدأ من هنا، ده المكان اللي بنقف فيه ونشوف الموج بيرتطم بالصخور والأعمدة اللي مثبتة بيها المدينة، وهنا بنصطاد سمك، ده مركب عم برعي صاحب بابا اللي بيخلينا نقعد في مركبه بالساعات، وبيستقبلنا في أي وقت حرفيًا، شخص مشوفتش أطيب من قلبه، على فكرة هو بيقيم في مركبه، معندوش بيت، بياكل السمك اللي بيصطاده ومع ذلك مفيش شخص راضي أكتر منه، كونوا كعم برعي يا جماعة، تيجوا نروحله؟
محمد: وليه لا؟ وأهو عمو يجرب السمك من إيد عمو برعي.
خالد: السلام عليكم ورحمة الله، جينا ناكل سمك من إيدك.
عم برعي: وعليكم السلام ورحمة الله يا خالد يا ابني، بس كده، من عيني، معرفتوناش صحيح.
مروان: ده عمو كان واقع في الماء وطلعناه.
عم برعي: يعيني يا ابني، أنت دلوقتي كويس؟
الرجل: بخير الحمد لله.
عم برعي: الحمد لله، ثانية بس وكله هيبقى جاهز.
أسامة: استنى يا عم برعي، معانا سمك اصطادناه، ودول البهارات اللي قلت محتاجهم.
عم برعي: بارك الله فيك يا أُس أُس يا حبيبي.
عم برعي: الأكل جهز.
خالد: ودلوقتي يا عمو، هتدوق سمك مأكلتش زيه في حياتك بدون مبالغة.
الرجل: مع إني في العادي مش بحب السمك بس عشان خاطر عيونكوا هاكله.
محمد: ومش هتندم.
الرجل: أول مرة في حياتي آكل سمك بالجمال ده، تسلم إيدك يا عم برعي، ياريت لو تعلِّم لُبنى مراتي، يوه بنسى إن ده حلم كل شوية.
عم برعي: الله يسلمك، باين عليك راجل طيب، وأكيد لُبنى بتعمل أحسن مني أنت اللي مش مقدرها بس.
الرجل: هي دايمًا بتقولي كده.
عم برعي: مش قلتلك!
عم برعي هامسًا لخالد: إيه موضوع الحلم ده؟
خالد: هقولك بعدين.
أسامة: دلوقتي نستأذن إحنا، هنجيلك تاني، ورانا أماكن كتير ناخد عمو ليها.
عم برعي: صحبتكوا السلامة يا حبيبي.
أسامة: دلوقتي ندخل في المدينة، كل ده كان الشاطئ والبحر.
أسامة: ده سوق المدينة، هتلاقي فيه كل حاجة، كل حاجة، وفي أماكن أسعارها لا تُقاوم، بس للأسف مش هدخل؛ عشان لو دخلت هطلع من غير فلوس، لا تُقاوم زي ما قلتلك، دي مدرسة وفي واحدة تاني في الناحية التانية من المدينة؛ أصلها صغيرة وسكانها قليلين، وهناك ده مسجد المدينة، الله أكبر الله أكبر، جينا في وقت مناسب؛ الأذان بيأذن.
محمد: يلا ندخل نقعد جوا الوقت ده لحد الإقامة وبالمرة نتوضى.
الرجل: بارك الله فيكم، أكيد، يلا ندخل.
وبعد الصلاة.
خالد: ياااه الدنيا بدأت تليِّل.
أسامة: يلا نكمل، جماعة صحيح! حد يعزمنا على آيس كريم آخر مرة أنا اللي دفعت.
مروان: أنا هعزمكم، ماما اللي قالتلي كده الصراحة؛ عشان كل شوية أنتوا بتعزموني.
محمد: أنا برضو قلت الكرم ده ميجيش من مروان.
مروان ضاحكًا: خلاص بقى عرفنا، عايز طعم إيه يا عمو؟ أنا عارف الباقي.
الرجل: لا مش عايز.
مروان: ولو ولو، هجبلك مانجا.
مروان: الآيس كريم.
الرجل: عرفت منين إني بحب المانجا؟
مروان: ومين مش بيحبها؟
الرجل: شكرًا.
محمد: يا عمو أنت ضيفنا، والواجب إكرام الضيف.
ابتسم الرجل وأكملوا المسير.
أسامة: دلوقتي دخلنا على البيوت، ده بيت خالتو، وده بيت عمتو، ومن الآخر العيلة كلها ساكنة في المنطقة دي، وده بيتنا، وده بيت خالد أهو، محمد ساكن هناك، ومروان قدام شوية، دلوقتي نسيت أوريك مكان جميل جدًا.
أسامة: وصلنا، بعد محاولات كتير من المسؤولين في بناء شجرة توصلوا لدي، أجمل شجرة شافتها عيني.
الرجل: وعرفت منين إنها أجمل شجرة؟ أنت شفت غيرها؟
أسامة: حدسي بيخبرني بكده، وبعدين ليه أنت شفت أحلى منها؟
الرجل نظر ليها بتمعن، نظر للزينة حولها، رسومات الأطفال اللي متعلقة عليها، كتابات محفورة على جذوعها، لونها ونضارتها.
الرجل: الواقع بتاعي مليان أشجار، ولكن بشكلٍ ما قدرتوا تخلوا الشجرة دي مميزة حتى في عيني.
مروان: الحب بيعمل أكتر من كده.
الرجل: إزاي؟
محمد: حبينا الشجرة لحد ما بقت جميلة في عيوننا كلها وكذلك بقت في الواقع وحتى في عينيك، الحب بيغير كتير.
الرجل ناظرًا لأسفل وكأنه يفكر في شيء: معاك حق.
أسامة: يلا يلا، عايزين نلحق قبل وقت العشاء؛ عشان أنا جعان يا جماعة وماما عاملة أكل بحبه النهاردة، دلوقتي هنروح للحديقة، بسرعة ورايا.
الرجل: هي دي!
أسامة: جميلة صح؟ ده أكتر مكان حلو في المدينة.
الرجل: بس دي كل زرعها اصطناعي.
أسامة: صعب نزرع هنا زرع عادي.
الرجل بعد تفكير: معاك حق هو مكان جميل، شكرًا لمشاركته معايا يا أسامة.
أسامة: على الرحب، يلا ورايا على المكان اللي بعده.
أسامة: وصلنا للجانب التاني من المدينة، ده الجزء الخطر، نتجنب الشوارع الجانبية، ويلا عشان أوريكوا أكتر مكان مبهر في المدينة كلها.
شعر الرجل بالإحباط، وكان متوقع إن المكان مش هيكون مبهر بالنسباله زي غيره من الأماكن اللي فاتت.
مروان: هو ده المكان.
وعند وصولهم، هبَّ نسيمٌ عليل.
خالد: يلا كلنا، نفس عمييييق، افتحوا عينيكوا وبصوا على القمر، وزفييير، تجربة ولا أروع مش كده؟
محمد: مش بتفقد جمالها أبدًا.
أسامة: إيه رأيك يا عمو؟
الرجل متعجبًا: سبحان الله! فعلًا ربنا حرمكوا من الزرع ورزقكوا بالبحر، مكنتش متوقع إني هشوف منظر طبيعي بالجمال ده في حياتي أبدًا، نفسي أعيش هنا على طول.
محمد: فعلًا.
خالد: يلا نقعد هنا شوية.
الرجل: أكيد.
مروان: دلوقتي احكيلنا عن نفسك.
الرجل: أنا إبراهيم: عندي 33 سنة، معملتش إنجازات كتير، ولكن الحمد لله شغال كويس في مجال أنا بحبه وبتعب فيه؛ ويمكن ده سبب كرم ربنا ليا، اتجوزت لُبنى مراتي من سنتين، خلفنا ليلى، ألطف كائن على وجه الأرض، استنوا كده.
نظر في جيبه، فوجد محفظة وأخرجها.
الرجل: الحمد لله الصورة سليمة، هي دي.
مروان: ما شاء الله! لطيفة، ربنا يحفظهالك.
الرجل: يا رب، شكرًا.
خالد: تزوجت عن حب بقى ولا إيه؟
الرجل: يعني خلونا نقول إني أُعجبت بيها في قعدة صالونات عادية، ولكن بعد كده حبينا بعض.
محمد: احكي كمان، أنا بحب أسمع الحاجات اللي زي كده.
أسامة: احكي مثلًا جيت هنا إزاي.
الرجل: طيب، أنا فاكر إن امبارح بليل، رحت أنام، ونمت وصحيت شفتكوا قدامي، وبس دي الحكاية.
مروان: أنا بفكر أضربك بحاجة على دماغك يمكن تفتكر.
خالد: مروان! احترم نفسك.
مروان: لا مش قصدي بس شفتها في فيلم قبل كده، إن الذاكرة بترجع لما تتضرب على دماغك.
خالد: طيب اسكت!
ضحك الرجل قليلًا، ومن ثم أمسك رأسه.
الرجل: ثانية واحدة، حاسس إني افتكرت حاجة.
أسامة: ايه؟
الرجل: لا، قلت أثير انتباهكوا بس.
وضحكوا.
أسامة: يلا تتعشوا عندي بقى، ماما أكلها مش محتاج شكر طبعًا.
مروان: أيوة طبعًا، لازم تجربه يا عمو.
الرجل: كفاية عمو بقى، قولولي إبراهيم.
خالد: تحت أمرك يا إبراهيم.
وضحكوا وعادوا مشيًا لبيت أسامة.
تناولوا الطعام، وبعد العشاء فكروا ممكن إبراهيم ينام فين.
خالد: ممكن تيجي عندي، بابا مش هيمانع.
إبراهيم: طب ومامتك؟
خالد: متوفية.
إبراهيم: بعتذر، ربنا يرحمها.
خالد: عادي ولا يهمك، آمين، يلا بقى.
إبراهيم: مادام مُصرّ.
عاش إبراهيم أيام لطيفة مع الأربع مراهقين، خرج معاهم كل يوم الساعة 3، وقضى يومه معاهم لحد ما بدءوا يشعروا إنه واحد منهم.
وكل ده كان يعتقد إبراهيم إنه حلم طويل، ولما يشعر بقلق أو إنه ممكن يكون حقيقة، كان بيفكر في إنه مش عايز يسيبها ولا يرجع للواقع بتاعه أو مشاكله مع لُبنى.
استمر ده فترة، أسبوع، التاني، التالت، شهر، وإبراهيم كل يوم قلبه بيحرقه على بنته.
في يوم صحي من النوم، وطلع اتجمع مع الأربع مراهقين واتكلم معاهم.
إبراهيم: زي ما قلتلكوا اتجوزت أنا ولُبنى ممكن نسميها عن إعجاب، حبينا بعض، تمر الأشهر، وتيجي ليلى للدنيا، وتبدأ مشاكلنا، بعيدًا عن التفاصيل، أنا بحبها، مش عايز أبعد عنها ولا عايز ننفصل نهائي، أكيد غلط كتير، وهي كمان غلطت، بس أنا مسامحها، كل اللي عايزه دلوقتي إني أرجعلها، اتأخرت في أخذ قرار زي ده أنا عارف، ولكن مكنتش عارف أتقبل فكرة إن ده مش حلم، وبعدين مكنتش عارف أسيبكوا إزاي، يمكن فرق السن بينا مش قليل، ولكن أنتوا بقيتوا أحسن من أصحاب كتير ليا، أحسن من ناس كتير في سني، حبيت مدينتكوا، أهلكوا، بيوتكوا، وكل حاجاتكوا البسيطة، سعادتكوا على حاجات تكاد تكون تافهة، ورضاكوا، تربيتكوا، وأخلاقكوا، تمنيت كنت أتولد هنا وأكون واحد منكوا، بعيدًا عن ضوضاء المكان اللي جيت منه، ومع كل ده عندي هناك اتنين أغلى من أي حاجة، أغلى من الدنيا وما فيها، مقدرش أتخلى عنهم، ساعدوني أرجع!
خالد: إحنا معاك، قولنا ممكن نعمل إيه؟
إبراهيم: افتكرت على مدار الفترة اللي فاتت حاجات بسيطة بدأت أربطها ببعض، زي مثلًا إني آخر حاجة فاكرها مركب، وشخص بيضربني وبعدين مش فاكر حاجة.
مروان: ممكن تكون اتخانقت مع لُبنى، فكرت تاخد راحة من كل التعب النفسي ده، وبس طلعت رحلة على مركب، وأكيد حصل حاجة مع شخص هناك، اختلفتوا في الآراء أو أي حاجة وضربك، وبعدين وقعت في الماء واتجرفت لحد هنا.
إبراهيم متذكرًا كل هذه المواقف ومروان يقصُّه عليها كأنها تُعاد من جديد.
إبراهيم: أصبت، بس ما عدا حاجة واحدة، لُبنى وليلى كانوا معايا، كنا طالعين مع بعض الرحلة دي، وكان غرضها في الأصل إني أصالح لُبنى، بس دلوقتي هعمل ايه؟ أنا قلقان عليهم طبعًا، بس لُبنى قدها وقدود، أكيد هي بخير دلوقتي، أكيد اهتمت بليلى كويس، أكيد في غيابي عرفت تكون الأم والأب.
سقطت بضعُ دمعاتٍ من عينيّ إبراهيم.
محمد: إبراهيم، اهدى، سمِّ الله، أنت كنت فاقد الذاكرة، دي مش غلطتك أبدًا، أنت بس منين؟ وإحنا هنعرف نرجعك.
إبراهيم: أنا من مصر، من إسكندرية، من ميامي شارع خالد بن الوليد بالظبط.
خالد: بس، تاهت ولقيناها، إحنا في البحر المتوسط، أنت قريب جدًا، دلوقتي شايف المراكب دي، اركب واحد منهم وهتوصل، ولا أقولك ثانية.
خالد: عم برعي، عم برعي.
عم برعي: نعم يا خالد.
خالد: إبراهيم افتكر، هو من الإسكندرية، هتعرف توصله؟
عم برعي: ولكن أنت عارف.
أسامة: متقلقش يا عم برعي، كلنا هنيجي معاك، وكل اللي هتحتاجه هنجيبهولك، يلا وافق! عايزين نرجَّع إبراهيم لبنته ومراته.
عم برعي: عندك بنت يا إبراهيم! وليه مقولتش كده من بدري؟ يلا اركب بسرعة مستني إيه!
وبعد بضع ساعات من القلق، والتوتر اللي كان امتلك إبراهيم.
خالد: قربنا، متقلقش.
وصلوا، وصلوا عروس البحر المتوسط، نزل إبراهيم بسرعة، نظر للشاطئ، ورأى فتاة، واقفة بظهرها؛ لتفادي أشعة الشمس، قرب أكتر ونظر، شاف رأس بنت صغيرة على كتفها، وأتاريها ليلى!
إبراهيم: ليلى! ليلى، بابا رجع.
لُبنى ملتفةً لجهته: إبراهيم! أخيرًا، كل يوم كنا بنيجي نستناك هنا على أمل إنك ترجع، أخيرًا يا حبيبي رجعت، أخيرًا.
عانقهما إبراهيم عناقًا طويل، وأخد نفس عميق مع ابتسامة من قلبه كإن خلاص القلق، التوتر، الخوف، كله تلاشى وطار مع الهواء.
إبراهيم: أنا كنت....
لُبنى: أكيد مكانش برضاك، شكرًا إنك هنا.
إبراهيم: كل يوم بتيجي هنا تستنيني؟
لُبنى: كل يوم.
إبراهيم: شهر بحاله يا لُبنى مزهقتيش!
لُبنى: هو ضاع مني حد عادي عشان أزهق بسرعة؟
إبراهيم: شكرًا يا لُبنى، كل يوم بتأكد إنك الاختيار الصح.
إبراهيم: نسيت أعرفك، تعالي معايا للمركب دي.
إبراهيم: ده عم برعي، الراجل الطيب اللي وصلني هنا، وأكلني سمك مأكلتش زيه في حياتي.
عم برعي: بس الحق يتقال شكر في السمك بتاع حضرتك.
ابتسموا وكمِّل إبراهيم كلامه.
إبراهيم: ودول صحابي، خالد كنت قاعد عندهم، مروان، أسامة المرشد السياحي بتاعنا، وأخيرًا محمد.
لُبنى: اتشرفت بمعرفتكوا، باين عليكوا ناس طيبة، شكرًا على كل حاجة، ليلى، سلمي عليهم.
ليلى: الثلام عليكم.
كلهم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عم برعي: ما شاء الله جميلة خالص، ربنا يحفظها.
لُبنى: آمين يا عم برعي ويحفظك يا رب.
إبراهيم: لازم تيجوا معانا؛ عشان تجربوا أكل لُبنى المرة دي.
وبعد بضع ساعاتٍ أخرى.
أسامة: جماعة أنتوا عارفين إني كل ده مقولتش لماما حاجة؟
خالد: محدش فينا قال لأهله، بس عادي لو ملقوناش في بيت أي حد فينا هيفتكرونا قاعدين مع عم برعي؛ فمتقلقش.
لُبنى: إيه رأيكوا في أكلي بقى؟
عم برعي: أنا واخد على خاطري منك يا إبراهيم؛ عشان موضحتليش إن أكل لُبنى بالحلاوة دي.
إبراهيم: أهو جربته بنفسك.
عم برعي: تسلم إيدك، ربنا يباركلك.
أسامة: أقولك حاجة، أكلك أحلى من أكل ماما، بس محدش يقولها!
مروان: أول مرة آكل بالكمية دي، الحمد لله.
لُبنى: شكرًا بجد، ده من لُطفكوا بس.
لُبنى: أنا أول ما سمعت لهجة إبراهيم استغربت، بس أتاريه اتعلم منكوا.
عم برعي: قعد شهر بس، ولكن تحسيه بقى واحد مننا.
إبراهيم: من حبي فيكوا والله.
محمد: زي ما قلت الحب بيغير، يا رب يكون لايق على الموقف بس.
وضحكوا جميعًا.
خرجوا يوصلوهم للمركب، ركبوا وودعوهم، بكى إبراهيم كثيرًا، جري أسامة وعانقه.
أسامة: في الأول مكنتش عايز أنقذ شخص معرفوش، ولكن بحمد ربنا كتير إننا عرفناك، هنتقابل تاني إن شاء الل,ه.
إبراهيم: إن شاء الله، خلاص يا أُس أُس، اجمد مش كده.
بقية الأولاد كمان انضموا للعناق الجماعي اللي ممكن يكون الأخير مع إبراهيم.
لحظة مليئة بالدموع والمشاعر، ولكن اللي خلاهم يصبروا، احتمالية مقابلتهم مرة تانية.
تعليقات
إرسال تعليق