القائمة الرئيسية

الصفحات

 حِـوار صحفي مع الكاتبة: هَـالة خالد.

الصحفيـة: خديجة محمود عوض. 


في خِضم معارِك الحيَـاة وحروب الزَمن التي لا تكـف ولا تخمـد، يَخـرجُ لنـا جيـل مُسلـح بأسمىٰ أساليب الدِفاع، جيـلٌ لا يَهَـابُ العثَـرات ولا يؤمن بشيءٍ سوىٰ العزيمة والإرادة، يَعشق التحدي عِشقًا جمـا، و اليَـوم معنَـا إحدى عُظماء هَذا الجيـل، تِلك التي تُضيف جمالًا لِحروفِ لُغة الضَـاد الساميـة عِندما تَبوح بما يَدور في عقلها؛ فَهي استطَـاعت التألق بأحرُفها المُميزة في كَـوكب الأدب، فَـ هيا بِنا نَتعرف على مَن تَكـون تِلك المُبدعة..



_ فِي بِدايـة حديثنَـا، أود معرفـة نَـبذة تَعريفيـة عنـكِ.

- هالة خالد بلبوص

* الاختصاص لغة عربية 

* عملي معلمة

* أيضًا إحدى سفراء منظمة الإنسانية والإدماج hi


_ كَيـف اكتَشفتِ موهبتـك السَـامية، وما التي فعلتيـه لتنميـة تِلك المـوهبة؟

 - اكتشفت موهبتي من خلال أيام الدراسة الإبتدائية حيث كنت أبدع فيها على رأيي معلميي ومعلماتي.  

- لكلِّ إنسانٍ منّا أحلامٌ وأماني تتوقُ نفسهُ لتحقيقها، كلَّ ما عليكَ فعلهُ هو العزمُ على ذلك، والعمل عليه مع الصَّبرِ والمثابرةِ وتجاوزِ كلّ العقبات، بل عليك أن تصنعَ من تلك العقبات جسركَ الخاصّ بك للعبورِ بأمانٍ نحو شطّ النّجاح، الّذي طالما تاقت نفسُكَ في الحصولِ عليهِ .

فهنيئًا لكلّ نفسٍ تنكسرُ وتجعل من هذا الانكسارَ الأملَ المحقّق وإن طال..


من هنا كانت بدايةَ حكايتي مع الزّمن، ..مع الألم.. مع الفقد ..ولم أكُ أعلم يومًا بأنّها ستكون السّبب في تحقيق ذلك الحلم، الّذي طالما تاقت نفسي في الحصول عليه وتحقيقه وجعلني أنتظره مطوّلًا .

من هنا سأبدأُ سرد قصّتي الّتي رسمتُ أحداثها من واقعي المرير، و ولوّنتها بريشتي لأضفي عليها رونقَ الأحلامِ المنمَّق بعبيرِ الألمِ والآهات المنبعثة من صميمِ الأوجاعِ، لتكونَ الصّوت َ الصَّادِحَ الّذي يعلو دون أن يُنطقَ به حرفًا واحدًا، نعم هي حكايتي كما لم أشأ ..أرجو لكم قراءةً ممتعةً، من داخل منزلنا كانَ يومًا جميلًا حافلًا بالأحداثِ السّعيدة الّتي يتمنّاها أيّ شخصٍ، فقد أتممتُ المرحلة الثّانوية كما تمنّيتُ وبمجموعٍ لابأسَ به والّذي سيكون الحافزَ الأوّل لي والخطوة الأولى نحو تحقيقِ الأماني ..

إلّا أنّ كلّ ذلك قد تحوّلَ إلى مزيدٍ من الألمِ لقلبي، عند صدورِ نتائج المفاضلةِ وعدم قدرتي على التّسجيلِ، في قسمِ اللُّغةِ العربيّةِ وكلّ ذلك بسبب علامة ..على كلّ حال الأمور لم تكنْ تسيرُكما يجب .

وبدأت الأفكار تأخذني بشتّى الاتجاهات، إلّا أنّني بقيتُ مصمّمةً على خوضِ تجربةٍ جديدةٍ من خلال إعادة التّقديم على شهادة الثّانويّة لأُحقّق رغبتي بالانتساب لكليّة الآداب ،/قسم اللّغة العربيّة/، لأُنمّي قدرتي وأطوّرَ مهارتي في الكتابةِ ، وأُمارسها عن علمٍ ودرايةٍ ، إلى جانبِ الشّغف فهو وحده غير كافٍ للوصول إلى ما أرنو إليهِ في الكتابةِ وتحقيقِ الذّاتِ .

فعلتُ ذلك وأنا في بيتي فقد كانت أوّل مرحلةَ انفصالٍ لي ..أوّل كسرة نفسٍ ..وخيبةَ أملٍ تحصلُ في عمري فقد عانيتُ الأمرّين فيها، وأنا لستُ على مدرّجات الكليّة الّتي تمنّيتها طوال مراحل دراستي،

كيف لا؟! وأنا بمكانتي الدّراسيّة الّتي جعلتني أرفضُ الفشلَ ولا أقبلهُ ، كلّ هذا الحزن والأفكار جعلوني أفكّرُ بأن أكتب لأحد أساتذتي ، حيثُ كان الأب والمعلّم والصّديق والنّاصح المُحِبّ ، كتبتُ لهُ بالدّمعِ بدلَ الحبرِ، قائلةً فيها إلى معلّمي وكلّ معلميّ السّابقين ها أنا ذا في مكاني ولمْ أُنجز ما توقّعتموه منّي ، بل فشلتُ وخيّبتُ آمالكم .. أين هي تلك المنزلةِ الّتي حدّثتموني بها؟! والمكانة الرّفيعة والمستقبل الباهر الّذي لا يكونُ لأحدٍ من طلّابكم غيري ! ها هم رفاقي قد دخلَ كلٌّ منهم بفرعه الذي يشاء، وبقيتُ أسيرةَ أحزاني وآلامي، أُخبركم الآن أنّي لستُ كما عهدتموني ،ولستُ تلك الطّالبة المجدّة الّتي تسعى لأن تحقّقَ ذاتها وتصنعَ مستقبلها بيدها، حملتُ ورقة الرّد الّتي تبدو في الظّاهر كورقةٍ ولكنّها بالنّسبة لي الدّواء الّذي إن لم يشفِ علّتي فسيكونُ المسكّن الّذي يهدّئني ..

بسم الله الرّحمن الرّحيم ..إلى الطّالبة المجدّة ..المثابرة الشّغوفة ..رمز التّفاؤل والنّجاح ..إلى صاحبة الابتسامة الجّميلة أكتبُ كلّ إنسانٍ تمرُّ عليه لحظاتٍ من الألمِ والفشلِ وأكثر القادة والناجحين قد فشلوا ،في البداية فلا تجعلي الحزن واليأس يسيطران على قلبكِ الصّغيرِ فيبعدانكِ عن تحقيقِ ما بنيتِ عليه أحلامكِ كلّ تلك السّنين وعباراتٍ كثيرةٍ ، كان فيها النورَ الّذي يمحو ظلمةَ الحزنِ والفشلِ الّذي علق برأسي ، منذُ تلك الفترةِ قرّرتُ أن أُعيدَ طريقةَ تفكيري وأن أضعَ لنفسي خطّةً أسيرُ على نهجها حتّى أصل إلى ما أرنو إليهِ.

وبالفعلِ بدأتُ بتنظيمِ وقتي والدّراسة أكثر إلى أن قدّمتُ الامتحانَ ونجحتُ بمعدلٍ جيدٍ جدًّا مع علامةٍ لابأس بها في مادّةِ اللُّغةِ العربيّةِ ، ممّا تجعلني متيقّنةً بأنّني سأُحقّقَ حلمي وأكونَ طالبةً في هذا القسم يوماً ما .. وبالفعلِ تقدّمتُ للمفاضلةِ وقد ظهرت النّتيجةُ بقبولي لأصلَ إلى فرحةِ عمري الّتي أسميتها آنذاك، عندها شعرتُ بأنّ الأفراحَ ستتوالى علي واحدةً تلوَ الأُخرى ، دون التّفكير فيما سيحصلُ لي من حزنٍ يوماً ، إلى أن أُصيبَ والدي في إحدى الغاراتِ وفارقَ الحياةِ ، لأبدأ مرحلةَ حزنٍ جديدةٍ لا أكادُ أنساها ما حييتُ ،فقد كان الأبُ الحنونُ والمتفائلُ والمحبُّ لنا ، ولكن لا نقولُ إلّا ما يرضي الله ، وكلّ ذلك بسبب لعنة الحرب . عند المفاضلة اخترتُ جامعة البعث بحمصَ لحبّي لتلك الجّامعة وكون أخوالي من أهل تلك المنطقة ، ممّا يسهّل عليّ أمر السّفر حسب اعتقادي..

لتعودَ الحربَ من جديدٍ الحاجزَ أمام تحقيق ذلك بسبب عدم قدرتي على السّفر في ظلِّ هذه الظّروف ، والسبب الآخر هو المعتقدات السائدة في حرية تنقل المرأة وبخاصة في ظل الأزمات والحروب التي كانت تشهدها بلدي سورية.. فقد كانت حمص تلتهبُ نارًا وتنزفُ دمًا ، عندها عزمتُ الصّبرِ لتجاوز تلك العقبات على تلك الأوضاع لأرى نتيجةَ صبري .

تظهر بعد حقبةٍ من الزمن.. 

مر الوقت وتزوجت وأنجبت أطفالا كالورود في أجمل بستان وقد هُجّرت من منطقتي.. 

التي ألفتها طوال تقريبا ثمانية عشر عاما 

لأبدأ مرحلة تجاوزٍ جديدة 

بيئة جديدة مع إعاقة بصرية جزئية.. 

بحث عن عمل بوجود الإعاقة ليس بالأمر السهل 

حتى عملت كمعلمة في إحدى مدارس قباسين تلك المنطقة التي هجّرتُ إليها.. 

في تلك الفترة تواصل معي أحد الأشخاص في منظمة الإنسانية والإدماج.. الهانديكاب

تلك المنظمة التي قدّمت لي الكثير ومازالت 

من أهم الأشياء التي منحتني إياها 

الثقة في نفسي وحب نفسي ومحاولة دمجي مع المجتمع عرّفتني عن إعاقتي أكثر وعن كيفية التعامل معها إلى جانب تقديمهم الوسائل التأهيلية المساعدة كالنضارات الطبية المناسبة وبعض الأمور الأخرى المساعدة 

قدّمت لي استقلاليتي في العمل بحب وشغف قدّمتني للمجتمع على أنني عضو فعّال فيهوليس على العكس عالة عليه؛ منحتني أقصى درجات الأمان والحرية 

عرّفتني بالصعوبات التي تواجهني وساعدت في تخطيها ومازالت 

ليس ذلك فحسب بل أسمتنا بالسفراء لتلك الفئة المستقصاة من الإدماج والعمل والحصول على أدنى حقوقنا في العيش الكريم 

من خلالي عملي معهم تطوعت في الشبكة المجتمعية وبتنا نناقش أمور الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع 

قدمنا وحضرنا بعض الجلسات مع منظمات عديدة مثل يدا بيد بخصوص دمج الأشخاص ذوي الإعاقة 

ومازالت إلى الآن تقدم وتقدم إلى وقتنا هذا لي ولجميع الزملاء 

والأشخاص من ذوي الإعاقة عامّة..أخيرا.. 

شكري وامتناني لكل من ساندني ولو بطيب الكلام؛ 

وأود إخباركم بأنّ من أشجع القرارات التي تتخذها في حياتك هي أن تتخلى نهائيا عن كل مايؤذي قلبك وعقلك وروحك لأنك في لحظةٍ قريبة لاتتوقعها ستجد نفسك في وسط حلمك الذي تمنيته وإن تأخر لكنه حتما سيصل.

هالة خالد البلبوص 




_ مَـا هي أفضَل الأسَـاليب التي تتبعينها في الكتابـة؟ 

- أتبع أسلوب التعبير عن مشاعري من خلال الخاطرة أو القصائد النثرية او القصة القصيرة 

او حتى قصص ومسرح الأطفال


_ يُقَـال أن المنتصـرون على العثـراتِ، هُم الأقـوياء، فمَـا العثَـرات التي واجهتـكِ وكَيف تغلبتِ عليهَـا؟

- العثرات كثيرة أهمها باختصار عدم متابعتي لدراستي باللغة العربية لسبب ظروف منطقتنا بسورية

وعدم إلمامي بشكلٍ كافٍ بكل مايخص الخطوات والأساليب العلمية الصحيحة من قواعد لكتابة نص أدبي سليم أيًّا كان نوعه. 


_ في حياة كُل مِنا شَخص قَـادر علىٰ المواسَـاة في المِحـن، فَمن الـذي ساندك في كل مرةٍ سقطتِ فيها؟

- كنت السند لنفسي حقيقةً؟ بالإضافة لوالدتي كانت معي وأكثر من ساندني لكن الظروف أبعدتني عنها فيما بعد. 

ولا أنكر كل شخص من الزملاء من كنت أستسيرهم ويدلون علي بإرشاداتهم وآراءهم كالأستاذ 

أ. وضاح مخللاتي

أ. قاسم عرسان

أ. ياسر الجابر 

أ. نعيم اللومان

جزاهم الله عني خير الجزاء

وكل من كان عونا لي في مشواري الأدبي


_ كَيـف تتأكـدي أن عَملك دقيق و واقعي؟

- من خلال اختياري لمواضيع تخص المجتمع وتخصني كإنسانة من مشاعر وأحاسيس ومواقف و الخ.. 


_ شَـاركينا أكثَـر نَص أدبي تُحبينَّه من تأليفك.

- أحب جدًا مقولة كتبتها  

وأحاول تذكرة نفسي فيها بين الحين والآخر ألا وهي 

"سأجدّدُ إشراقةَ نفسي وكأنّهُ ما مرّها حزنٌ يومًا". 


وأيضًا


شرابُ اليأسِ ياساقي

على من فارقوني 

وتركوا لي الأشواق 

بعدهم والمآسي

شراب الحزن ياساقي

على من آلموني من أثر الفراقِ

شراب اليأس ياساقي

أقاموا حنينهم بقلبي

وساروا دون إحيائي 

شراب اليأس ياساقي

من لي بفراقهم 

يداوي لي جراحي

شراب اليأس ياساقي

تراخت مني آمالي

وازداد اليأس في راسي

شراب اليأس ياساقي

مريرٌ طعم هذا الكاسِ

فمن يحلي لي بعد اليوم كاسي

شراب اليأس ياساقي

يعلو الصمت شفاهي

والشوق يتأجّج بأعماقي

يدعو للحب نبض فؤادي 

شراب اليأس ياساقي

فبين الشوق والحزن 

تنهار مني كلماتي

- هالة خالد بلبوص


_ أصبَح النَشر الإلكتروني مُتاح لِكُلِ كاتبٍ الآن، هَل تُفضلين نَشر أعمالِـك الأدبيـة ورقيًـا أم إلكترونـيًا، ولماذا؟

- كلا الطريقتين محبّب لي ولكن بما أنه الورقيًا صعب حاليًا بالنسبة لنا، فإن وجد تأمين كتاب إلكترونيًا لي فهذا جميل وإنجاز يجعلني أتابع المسير نحو المزيد. 



 _ مَـن كَاتبكِ المُفضَـل ؟

- حقيقةً أحب كتابات نزار قباني 

وابن زهر الأندلسي جــدًّا

فإن كان ولا بُد من تسمية واحد فقط؛ فبلا منازع ابن زهر الأندلسي.


_ مَـا رأيكِ بِجريدة "هَـمچ لَطيـف" الأدبية، وما رأيكَ في الحِوار؟

- رأيي بجريدة همج جريدة جيّدة وجميلة لما تبذله من جهدٍ بواسطة محرريها والصحفيين المبدعين؛ لإيصال تلك المواهب للقرّراء عسى تكون يومًا من أهم الجرائد العالمية بإذن الله تعالى

 أما عن الصحفية المحاورة أ.خديجة جزاكِ اللّٰـه خير الجزاء على جميل الأسئلة والحوار وحسن الاختيار والانتقاء للأسئلة والمرونة فيها، وافر احترامي لشخصكِ الكريم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


الصحفية: خديجة عوض

جريدة همج لطيف 

author-img
للكِتَابةِ فِي فُؤادِي مَسكَّنٌ، كمَا الرّوحُ فِي اَلجَسَد تَسْكُنُ.

تعليقات

التنقل السريع