القائمة الرئيسية

الصفحات

 مقال: أريج قلم

الكاتب: حمود القيسي

تصميم: ريم صالح



لماذا لايدوم الودّ في علاقاتنا؟


إنّ من أعظم المشكلات التي تواجهُ أغلبنا أو إن صحّ القول تواجهُنا جميعاً لأنني كما أظن أنها مشكلة عامّة تحدث مع الجميع هي مشكلةُ عدم دوام الودّ وكنتُ قد بحثتُ في المسألة( على عدم توسع بها) عن أهم الأسباب التي تُميتُ الودّ بها في عمرٍ مبكرٍ جدًّا في حين إنه كان من الممكن أن يعيش أكثر بين أفراد المجتمع فوجدتُ بعد توفيق الله أن غياب المصداقية في التَّعامل هي من أهم تلك المسببات التي تُصيب علاقاتنا بالبرود وانعدام الثقة إلى أن يصل الأمر بنا إلى طريق مسدودة نُجبرُ عندها على التّصادم او الإنقطاع.

  كان والدي حفظه الله يُشدد على مسألة الصّدق وكان يغرسه بنا بعنايةٍ ودقة عجيبة، كان يُشبه الأمر لنا أنّ الكذب وعدم المصداقية كبحيرةٍ متلوثة كلَّما عمتَ بها أكثر كلَّما تلوثت أكثر وكانَت نجاتُكَ أصعب، وأنَّ الصّدق هو بر الأمان، وهو اليابسة الخضراء الجميلة التي تعجُّ بكل مثمرٍ نافع ، كنتُ أستغرب من حرصه جدًّا إلى أن تعلمتُ حديث النبي صلى الله عليه وسلم *فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ* فتيقنتُ بعدها أنّه من أهم الطرق التي تهديك إلى الجنة هو الصدق ومنها كان قياسي أنَّهُ أي الصّدق هو الطريق نحو الاستمرارية في دوام الودّ بين العلاقات التي نعيشها على اختلافها المتنوع في حياتنا.

نجدُ علاقاتٍ تنتهي بسرعة وإذا حاولنا أن نفهم ماهية تلك العلاقات وكيفية قيامها أعجزنا ذلك. ببساطة يمكننا القول أن جُل هذهِ العلاقات قامت على النفاق والمجاملة غير الحقيقية مطلقًا وعلى هذا فإنّ انتهاء مثل تلكم العلاقات وتقلّب حالها بديهي جِدًّا لأن أساسها لم يكن ثابتًا متينًا فيُتوقّعُ خرابها في كلِّ وقت.

مما لاشكّ به أيضًا أنَّ الإحترام هو سلّم الصعود الذي يقوم عليه الودّ للإرتقاء بالعلاقة والتحليق بها في سماء النقاء والبهاء ومن أجل هذا نجد أن من أعظم القيَم التي يحاول الوالدانُ جاهدًا على أن يكتسبها ولدهم هي قيمة الاحترام ودائمًا ماكانَ يتردد على آذاننا أن قيمتك بين الناس تكون باحترامك لنفسك أولًا ومن ثمّ للناس لأنَّــــــــكَ كلما احترمت نفسك وعلمت حدودها ووقفت عندها ساعدك هذا على عدم التدخل أكثر في خصوصياتهم بذريعة النصيحة وسيكون لي بحول الله وقفةٌ مع النّصيحة، من المؤهل لأن يكون ناصحًا؟.. متى ننصح؟... كيف ننصح؟... وكيف نوازن بين حديث النصيحة وبين حديث من حسن اسلام المرء تركه مالايعنيه. ولكن سيكون ذلك لاحقًا كيما نبتعد عن موضوعنا الأساسي ونتشعب في غيره.

نعود للإحترام مما لاحظته عند بعض الأصدقاء أو الأقارب أنهم يحرصون أشد الحرص في بداية العلاقة على الإحترام والتقدير ثم تجدهم بعد أن مرّ زمنٌ على معرفتهم وصداقتهم تساهلوا شيئاً فشيئا في موضوع الاحترام بل وتجد بعضهم غاب بينهم الاحترام تمامًا ويدّعون بذلك أنهم إبتعدوا عن الرّسمية في المعاملة وأنّ دافع ذلك هي المنزلة الرفيعة التي وصلوا لها في علاقتهم ولكنهم يجهلون أن الأمر عكس ذلك تمامًا وأن هذا هو دمار العلاقة وزوالها، تخيّل معي حياتنا بلا احترام ولك أن تتصور على هذا كيف تكون العلاقة بين الزوجين، وبين الوالدان وأولادهم وبين الأصدقاء والمعلم وتلاميذه.... الخ، ياكرام ببساطة لاقيمة لإيّ حُبٍ بلا إحترام ويدومُ الودّ مادامَ الإحترام حاضرًا في كلِّ علاقاتنا. 

 ولنتذكّر دائمًا أنَّ لكلِّ شيءٍ في هذهِ الحياة مسببات وعوامل إمّا لدوامه ونجاحه وإمّا لفشله وزواله والذي علينا فقط أن نختار وأن ننتظر نتيجة اختياراتنا.


حمود القيسي|همج لطيف

تعليقات

التنقل السريع