القائمة الرئيسية

الصفحات

 نص: عَزيزَتي 
للكاتب: عمر سعيد 
تصميم: ريم صالح 


أقدارنا كُتِبَت قَبل ميلادنا، قَبل صَرختنا الأولىَ ولمسَتَنا الأولىَ لهذه الأرض الملعونة، ولكننا التقَينا بعد جَولة طَويلة في هذه الحياة، جَولة تجرّعنا فيها كؤوس المرارة وسَنواتٍ مِن الحُزن، ذُقنا كُل أنواع وألوان العذاب والحَسرة، ضَحكِنا قليلاً وبَكَينا في صَمت، تحمّلنا أكتر مِمّا نَطيق وتألّمنا أكثر مِمّا يَنبغي، وفي يَومٍ لا يُنسىَ... التقَينا.

حدَثَ الأمر صُدفة وبِدون قَصد، هَل تَذكُرين ؟ .. أنا أتذكّر ذلِكَ اليَوم وكأنهُ الأمس، تحدثنا كثيراً جدًا وكأننا أصدقاء مُنذُ الصِغَر، اعترفنا لِبعضنا بِكُل أسرارنا بِدون خجل، شيءٌ عجيب أن يَحدُث هذا في أول يَوم .. ولَكنها الصُدفة، الصُدفة التي تَكون دائمًا جميلة وسَعيدة في بِدايتها، ولَكن نهايتها لَيسَت سَعيدة دائمًا، بَعص الصُدَف تَقودنا إلىَ طريق الجنَة وبَعضُها تَسوقُنا إلىَ الهاوية أو الإنهيار، تَطوّرَت عِلاقتنا سريعًا جدًا وكأننا نُسابق الزمَن، ومرَّت الساعات والأيام سريعًا مِثل احتراق أوراق الخريف الجافّة، لا أذكُرُ مِنها إلّا أحاديثنا الهاتِفيّة الطَويلة بِما فيها مِن حُب وغضَب ومُشاجرات واعترافات، أذكُر كُل ما كانَ يَحدُث بَيننا جيدًا، لَم ولَن أنسىَ يَوم الِلقاء الأول ..النَظرة الأولىَ.. اللَمسة الأولىَ ، يوم اللِقاء الأول لا يُنسىَ، إنّني أتذكره بِكُل تفاصيله، نظرتكِ الأولىَ لي ونظرتي الأولىَ لكِ، رَعشة الأيادي عندما تلامسَت وضحكة الخجل عندما غازلتك وحالة التوتُّر التي سيطرَت علَينا، بَدوتُ كالآبله، أتحدَّث كطفل وأتصرَّف بِسذاجة وعفويّة وكأنّها المرة الأولىَ التى أرىَ فيها إمرأة، إذا لَم يَكُن هذا هو الحُب فماذا يَكون؟ .

أعتَرف يا عزيزتي بِأنَّكِ غيّرتي فيّ الكَثير رَغم طيبتكِ وخُبثي... رَغم بساطَتكِ وتعقيدي، رَوحكِ النقيّة امتزجَت بِرَوحي الحائِرة، أحبَبتُكِ بِصدق ولَكنها الحياة، الحياة التي تكونُ قاسية في كثير مِن الأحيان ولا تُعطينا ما نُريد أو ما نُحب، لَم نُخطئ ولَم نُقصِّر.

أعلَم بِأنّكِ تَكرهين إيميلدا وتغارين مِنها وتظُنين بِأنها حقيقيّة، لا يا عَزيزَتي ... إيميلدا هيَ وهمٌ مِن صُنع عقلي أتحدّث إليها وأكتُبُ إليها كي لا أُجَنّ، ولو أمعنتي النظر لَأدركتِ بِأنّني أكتُب لَكِ لا إليها، أنا لا ولَم ولَن أعشق غَيركِ، لَم أخُنكِ حتّىَ بَعد الفُراق، لَم أخُنكِ في خيالي أو أفكاري أو حتّىَ قِصَصي، لَم أعود لِعلاقاتي القَديمة و لَم أحِنّ لِنزواتي العابرة، لَم أخُنكِ ولَم أُفكّر في طريقة لِنسيانَكِ، لَم أترُكَكِ ولَم أتخلّىَ عَنكِ.

 في الحقيقة أنا أُحاولُ نِسيانَكِ ولا أستطيع، كُل طُرُق الهُروب مِن ذِكراكِ تؤدّي إلَيكِ.


عمر سعيد|همج لطيف

تعليقات

التنقل السريع