القائمة الرئيسية

الصفحات

 مقال: الإمام الأكبر عبد الحليم
الباحث: تغريد بومرعي، محمد فتحي

تصميم: ريم صالح 



من أعلام الأزهر الشريف 

الحلقة الاولى

الإمام الأكبر عبد الحليم محمود

إمام جليل وبارز عاصر زمن العظماء وتأثر بهم وتأثروا به وأعاد للجامع الأزهر هيبته وريادته في العالم العربي والإسلامي.

ولد الإمام عبد الحليم محمود في قرية السلام بمحافظة الشرقية .حفظ القرآن الكريم والتحق بالأزهر وحصل على العالمية عام ١٩٣٢م وسافر إلى فرنسا للحصول على درجة الدكتوراة في الفلسفة الإسلامية على نفقته الخاصة. 

اجتمع له عدة مناصب هامة أسهم في نهضتها ورقيها والارتفاع بها فحينما تولى أمانة مجمع البحوث الإسلامية عمل على انتقاء التشكيل الفني للمجمع من خيرة علماء الأزهر وتزويده بمكتبة ضخمة عمل على تكوينها عبر علاقاته المتميزة بكبار الباحثين والمؤلفين والعلماء في شتى الأقطار العربية والإسلامية وتم بلورة جهود المجمع الذي حل محل جماعة كبار العلماء في شكل مؤتمرات تعقد دوريا تناقش القضايا المختلفة وتعطي قرارات وتوصيات قيمة.

وحينما تولى وزارة الأوقاف سعى وبقوة لعودة أملاك الوزارة من الأوقاف التي كان يديرها الإصلاح الزراعي والأوقاف المغتصبة والمهملة مما مكنه من تجديد العديد من الجوامع التاريخية مثل جامعي سادات قريش في بلبيس الأول في إفريقيا وجامع عمرو بن العاص وعمل على نهضة المساجد وتزويدها بفصول للتقوية لطلاب الإعدادية والثانوية مما جعل المساجد في عهده قبلة للدارسين والمقبلين على العلم الشرعي ..

وحينما تولى منصب شيخ الأزهر دعا لإنشاء المعاهد الدينية بالمدن والقرى والتف الناس حول دعوته بالتبرعات حتى تكللت جهوده بالنجاح كما اعترض على قرار الرئيس المصري محمد أنور السادات الذي ينتقص من صلاحيات شيخ الأزهر ويسندها لوزير الأوقاف مما يهدد استقلالية الأزهر وتقدم باستقالته ولزم منزله وسط محاولاته لإثنائه عن قراره وعدم إحراج الرئيس إذ أحدثت الاستقالة صدى عالمي لكن الشيخ صمم على موقفه ولم يتزحزح عنه حتى عدل الرئيس السادات عن القرار وأكد على رفعة مقام شيخ الأزهر فهو الإمام الأكبر وصاحب الرأي والمشورة وله الرئاسة والتوجيه في كل ما يختص بالشئون الدينية والعلوم والدراسات الإسلامية ليس هذا فحسب بل وساوى القرار بين شيخ الأزهر والوزير من حيث المرتب والمعاش ويكون ترتيبه الأسبق قبل الوزراء مباشرة ..هنا عاد شيخ الأزهر الإمام عبد الحليم محمود لمهامه مرة أخرى بكل استقلالية وإباء ..

كما تصدى الإمام الجليل بحزم لمشروع الأحوال الشخصية الذي كانت تنتوي الدكتورة عائشة راتب إصداره وينتقص من حقوق الزوج بما يخالف تعاليم الشريعة فوأد المشروع في مهده ..ولم يكتف الشيخ بذلك بل ضغط في اتجاه تطبيق الشريعة الإسلامية لتكون بديلا عن القوانين الوضعية في مصر .

لم يكن الشيخ عبد الحليم محمود بمفازاة عن قضايا مجتمعه وأمته العربية والإسلامية فتصدى لدعوات الشيوعية في مصر وآمن بأن مصر والعرب قادرون على تخطي أزمات نكسة عام 1967م كما بشر الرئيس السادات بنصر أكتوبر 1973م المجيد عبر رؤية رآها وكان من المخلصين والداعمين للتصوف الإسلامي في شكله الصحيح منهجا وإلتزاما في حياته الشخصية فكان زاهدا منقطعا للعبادة ورفض إقصاء الشريعة الإسلامية في تونس كما حاول احتواء الأزمة المغربية الجزائرية حول الصحراء الغربية وكذلك الحرب الأهلية في لبنان وطاف العالم الغربي معضدا للجاليات المسلمة هناك ومقويا لها وداعيا للإسلام وتعاليمه السمحة .

ومن عظيم ما يروى عنه أنه باع ميراثه لشقيقه من أجل أن يشتري بيتا لأبنائه وبينما هو في طريق عودته ومعه المال وجد طالب علم أسرته في عوز شديد ووالده طريح الفراش فأعطى ماله كله له عن طيب خاطر تفريجا لهمه وحينما عاد الإمام لبيته بشرهم ببيت في الجنة . 

توفي الإمام الأكبر الشيخ عبد الحليم محمود بعد أداء العمرة وقد أدى رسالته كاملة في 17 أكتوبر 1978م تاركا سيرة ثرية حافلة وعلما غزيرا نافعا فألف ما يقرب من ستين كتابا من أشهرها "منهج الإصلاح الإسلامي في المجتمع "و"تربية الناشىء المسلم" و"القرآن والنبي" و"القرآن في شهر القرآن " علاوة على مجموعة الفتاوى وكتبه عن الصوفية.


 تغريد بومرعي|محمد فتحي عبد العال|همج لطيف 

تعليقات

التنقل السريع