قصة: الأبواب المعلقةالكاتبة: مصطفى أحمد
تصميم: مريم جبر
مراجعة لغوية: مِنَّة اللّٰه إيهاب
في زاوية مظلمة من مدينة لا تنام، كان هناك منزل قديم يُدعى "البيت المنسي". يروي السكان المحليون قصصًا عن هذا المكان، قائلين أن الأبواب فيه تفتح وتغلق من تلقاء نفسها، وصوت خطوات خفية تدور في أرجائه ليلًا. لكن الأغرب من ذلك، هو أن الأبواب لا تظل مغلقة، بل تبقى معلقة في الهواء، وكأنها عالقة في حالة من الفوضى السرمدية.
عندما قرر سامر، الشاب الطموح، زيارة هذا المنزل الملعون لتوثيق ما يقال عنه، لم يكن يعرف أن تلك الزيارة ستغير حياته إلى الأبد. دخل سامر المنزل مع كاميرته اليدوية، وعيناه تجولان في الظلام، حيث كانت الأبواب تُرى معلقة في زوايا المنزل، تتراقص مع نسمات الرياح الخفيفة التي دخلت من النوافذ المكسورة.
سار سامر في الممرات المظلمة، وفي كل مرة يقترب من أحد الأبواب، كان يشعر بشيء غريب يجذبه إلى الوراء، وكأن قوّة خفية تمنعه من التقدم. صرخات خافتة تنبعث من كل مكان، وفي لحظة، سمع سامر صوت همسات تتعالى في أذنه، تتحدث عن "الأرواح السجينة" التي لم تجد راحة منذ سنوات.
عندما اقترب من إحدى الغرف، لاحظ أن بابها كان يواجهه بشكل عكسي، حيث كان معلقًا على الحائط بدلًا من الأرض. حاول فتحه، ولكن كلما لمسه، كان الباب يهتز بشكل غير طبيعي، ثم يعود إلى مكانه كما كان. في تلك اللحظة شعر سامر بيد باردة على كتفه.. استدار بسرعة، لكنه لم يرَ شيئًا سوى الظلام.
وفي خضم الفوضى، سقطت كاميرته من يده، وبدأت تسجل بصورة غير واضحة. ظهر على الشريط تسجيل لقطات مرعبة: أبواب تفتح وتغلق، خطوات غير مرئية، وظلال تتحرك في كل مكان.. أخيرًا، ظهر شيء غير واضح أمام الكاميرا.. شيء يشبه وجه إنسان مغطى بالظلام، عيون تتلألأ كأنها مصابيح ميتة.
عندما استعاد سامر وعيه، وجد نفسه خارج المنزل. كانت السماء قد أظلمت تمامًا، والنجوم تلمع في الأعلى. ولكن الأبواب، كما في كل مرة، كانت ما زالت معلقة في الهواء، وكأنها تسخر من قدرته على الهروب. ترك سامر البيت وعاد إلى منزله، لكنه لم يكن كما كان. فقد ظلّت آثار تلك الزيارة تلاحقه، وصوت الأبواب المعلقة يرن في أذنه طوال الوقت.
لا أحد يعرف ماذا حدث في ذلك المنزل، لكن قصة سامر أُعيدت مرات ومرات، وصارت جزءًا من أسطورة "البيت المنسي"، حيث تظل الأبواب معلقة، والأرواح السجينة تنتظر من يحررها.
تعليقات
إرسال تعليق