القائمة الرئيسية

الصفحات

 


وداعًا أبي

 

في مثل هذا اليوم منذ عامين، على وجه الدقة في اليوم العاشر من شهر مارس عام ألفين وتسعة عشر، فارَقتني روح أبي الغالي، وقلبي رحل معه، علم الجميع أني رحلت معه، ووُلدَت إنسانة جديدة مشوهة المشاعر، محطمة القلب، ميتة الشغف والأحلام، حتى أن قلمي أصابه الجمود، وإذا نثر أحرفًا نثر معها أمطاري الغزيرة، بالله يا أبي لمَ تركتني أتألم؟ لمَ تركتني وحدي في عزلتي؟ لمَ تركت جفوني تهطل أمطارًا لَمْ تمطرها السماء يومًا؟ لمَ؟ لمَ يا أبي؟!

 كنت تعلم أني لمْ أعِش معك بقدرٍ كافٍ، لمْ تجمعني معك سوى ذكرياتٍ قليلة أكثرها في ذاكرة طفلة رضيعة، حتى أني تركت حاضري ومستقبلي، وفررت لماضٍ كان يحويني ويحويك، أجل يا أبي أريد أن أجمع كل ذكرى جمعتني بك يومًا، أجل أنا تركت عالمي وذهبت أبحث عنك في طفولتي، أتظن أني سأنساك يوماً؟ والله لا؛ فالقلب في حبك متيمٌ، والآن أنا أشعر كالمسن، ينتظر قيامته في أي لحظة، لمْ أعد أتشبث في تلك الحياة بكل زينتها، ومتاعها، تركت الحياة لأجساد تهتم لها، فأنا روحي تنتظر لقاءك دائمًا، وأنا أقوم بتحضير مراسم موتي، كل ليلة قبل نومي أتمتم بأذكاري، وآيات نومي؛ كي ألقاك أبي، لم أعد أتمنى الكثير من تلك الحياة سوى أن أحقق ماتمنيته لي يا أبي، أن أجعلك تفتخر بأعمالي، أعلم أني لست بقدوة لأحد، ولست بتلك الفتاة التي يثرثر الناس بمثاليتها، أو أكثر الفتيات التزامًا وتديّنًا، لكني أحلم أن أكون يومًا هكذا، أن أكون ماتبقى لك في تلك الحياة *"ولدٌ صالحٌ يدعو له"* فاضت أحرفي باكية على رحيلك يارفيق دربي، ياملهمي، رحمك الله يا أبي، رحمك الله ياقدوتي، رحمك الله يا أضلعي، ياسكينتي ومسكني، رحمك الله يا ملجإي ومأواي، وداعًا أبي، وداعًا أبي.


يارا علواني|همج لطيف

تعليقات

التنقل السريع