القائمة الرئيسية

الصفحات


 وماذا بعد؟

لا أنتَ شخص حزين، ولا أنتَ بِمُكتأب، ولكنك لستَ بِخير، وأنت أيضًا لا تحبُ الحزن، وترفض كُل أنواع الاكتئاب واليأس، لكنك هذه المرة حقًا تُعاني، يومٌ آخر ينتهي مثلما انتهى ما قبله، ولا يختلف عن الأمس، وتأكيدًا لن يختلف عن غد، ومع هذا أنت مازلت تنتظر وأيضًا لا تعرف مالذي تنتظره، وهذا يجعل النهش في قلبك أعظف، والحزن أدق، الاغتراب صعبٌ حقًا ولكن الأصعب أن تشعُرَ بها وأنت وسط رفاقك، هي مسألة لا تُعترف بالحب أو الكره، ولكن المسألة وما بها أنك لم تعد تشعر بالونَسِ بينهم، لم تعد قادر على أن تكون بينهم، شعور بالرفض يُطارد روحك، ورغبة بالهروب تُسيطر عليك، ولم تعد تُريد إلا أن تخرج من هذا النفق المظلم، الهروب من كل شيء فقط، الهروب وكسب نفسك، وربما يأتي على عقلك الشريد هذا السؤال أين هي نفسي؟ نفسي التي باتت أكثر حُزنًا وتعاسة، أين هي؟ وأين أنا؟

 وفيما أنا؟ لم تعد قادر علىٰ فَهمِ ما يدور داخلك، الكتابات غير قادرة علىٰ إسعادك والقراءة لم تعد شيئك المُفضل، أغنيتك المُفضلة لم تعد كما كانت، أيضًا صرت تسمعها للمرة الألف ولم يهتز لها قلبك كأنها شيء أعتدت عليه وأيضًا مللت منه، الوجوه مشوهه ومتشابهة والكلمات مرددةٌ، بِشكل بارد لا يسعد قلبك، أرىٰ كل شيء منطفئ، هذا فنجان القهوة برد للمرة الخامسة كفنجان قهوة مثلج، أنت شارد بشيء غير طبيعي، شيء مُريب حقًا، شارد نحو اللاشيء في اللاشيء، شخصًا بائس، نومك مضطرب، تستيقظ وكأنك كنت تهربُ مِن وحوش، تستيقظ والخوف ينهش قلبك كما أيضًا تنام وكل جزء فيك يتملكه الشعور بالسلب، كل ليلة تُريد النوم بها دون تفكير، تُحاصركَ الذكريات وتُهاجمكَ ومن ثم تود البكاء وتريد التحليَّ بالشجاعةِ ولكن أيضًا تهزم، شعور الهزيمة يُحاصركَ وتفكر أنك أصغر مِن كُل هذا كُل هذا صغير عليك أن تعود باكيًا وأن تصبح شكاءً وبكاءً، كُل شيء ضدك ولكن يأتي السؤال: هنا بعد كل هذا، كيف حالُك؟

مها بدر|همج لطيف

تعليقات

التنقل السريع