القائمة الرئيسية

الصفحات

 قصة" رحلة في بالوعة"

مروة عثمان


البعض قد يرى أن خيالي طفوليٌّ لدرجةٍ كبيرة، أو أني أعيش في أفلامِ الكرتون والمغامرات الخيّاليّة، لكن الأهم أني سأحكي الذي عشته في الساعات أو الدقائق الأخيرة قبل أن أستيقظ، لا أعلم، فهو كما يقولون "أضغاثُ أحلام".


أنا وميار (بنت خالي) كنا عند خالتو في البيت، وسمعنا صوت خارج من تحت الكنبة، فميار نزلت تبص فصوَّتِت ودخلت جوا حفرة، فاستغربت وببص لقيتني أنا كمان دخلت، بس أنا أول مرة أشوف الحفرة دي، وأظن إنها شدتنا، ولقيت نفسي دخلت في مكان غريب، وعمالة أنزل كإنها زوحليقة كبيرة أوي، ومش عايزة تخلص، وفجأة وقعت، المكان أشبه ببالوعات (بلاعات) بس أنضف بكتير كإنها شوية مواسير بس، وكان في مياه تحتي كتير ببص عليها لقيتها نضيفة، ببص قدامي لقيت مكان منوَّر أوي قلت ألاه، أنا مُتّ ولا ايه؟ وقبل ما ألحق أستوعب اتخبط في حاجة ووقعت ع الأرض، بعدها بفترة معرفهاش لقيت حد بيفوَّقني، ففتحت عيني ببص لقيت بنت أنا معرفهاش برضو، وببص حواليا لقيت المكان مختلف، فالبنت قالتلي إن اسمها منة، وإنها وقعت من فترة في حفرة من مكان تاني قريب من بيتها، فقلتلها: وأنا كمان وبنت خالي ...أه صحيح بنت خالي، شفتي بنت أصغر مني شوية؟ فردت: لا أنتِ أول حد أشوفه من فترة، قلتلها: من فترة! فقالتلي: أه تعالي معايا، طلعت معاها برا لقيته كإنه كان جُحر وسط المواسير، والموضوع غريب، ومشيت معاها مسافة لقيتها دخلتني في جُحر أكبر، وقالتلي أهلًا بيكي معانا، فببص لقيت ناس كتير قاعدة، وكلهم قاموا يسلموا عليَّا، وكلهم وصلوا للمكان ده بنفس الطريقة، فاستغربت وسألتهم على ميار بس محدش شافها، وفي حد همس في ودن اللي جمبه، فحسيت إني قلقت، وقلتله: تعرف حاجة عنها؟ فرد: لا بس شاكك يكون اللي شكله غريب أخدها، فقلتله: مين ده؟، فردُّوا: ده كائن بيتجوَّل في المواسير ساعات، ولما نحس إنه برا مش بنخرج، فقلتلهم: يعني هو أخد حد قبل كده؟ فردُّوا: لا مشفناش إنه عمل كده، بس إحنا من أول ما جينا بنحاول نخليه ميشوفناش، فقلت: ممكن يكون هو أخدها فعلًا، وقعدت أفكر فترة طويلة ممكن أعمل ايه؟ وإزاي أنقذ ميار؟، لحد ما في حد معانا قال: اسكتوا هو برا، فحاولت أطلع أشوف شكله لكنهم منعوني، لحد ما مشي، ولقيتهم قعدوا يتكلموا تاني، فسألتهم عن عائلاتهم، بيوتهم، ووصلوا هنا إزاي، فلقيتهم مش فاكرين كويس، وأغلب اللي فاكرين حاجات بسيطة وصلوا للمكان ده قريب، كإنهم بينسوا ذكرياتهم كلها بالتدريج، فخفتُ إني أنسى ميار قبل ما أعرف أنقذها، فقلتلهم: إحنا لازم نواجه الكائن اللي بتقولوا عليه ده، لازم منخافش، افرضوا قعدتوا هنا وقت طويل، هتفضلوا خايفين منه؟ طب افرضوا إنه مش كائن وحش للدرجة دي، افرضوا إنه مسالم، لازم نجرب، لو مجربناش وحاولنا نواجه المخاطر، هنفضل خايفين منها دايمًا، ولا إحنا هنتعلم من التجربة، ولا هنتغير هنفضل زي ما إحنا، ها، مين معايا؟ فكلهم قالوا: يلا نجرب، فخططنا إن لو حد حس إنه قرب، هنبقى واقفين من الناحيتين حواليه، وهنكون ماسكين حبل وهنوقعه، ونربطه بيه، لحد ما نعرف هو مسالم ولا لا، وفعلًا عملنا كده بس لما وصل شاف الحبل، واتخطاه، ومسك حد مننا، وكلهم صوَّتوا، وأنا خفت أوي، بس فكرت في الناس دي ذنبها ايه؟ أنا اللي شجعتهم يعملوا كدة، فنطيت عليه، ومسكت قرون استشعاره، وقعدت أحركه بيهم، وهو ساب الولد اللي كان مسكه، وبعدين قلتلهم: يلا امسكوا الحبل تاني، فمسكوه والمرة دي وقع وربطناه، وهتفولي كتير، فقلتلهم: ممكن تكونوا مش فاكرين الكائن ده ايه، بس إحنا عندنا بندوس عليه بالشبشب، ما هو إلا صرصار، بس الحقيقي معرفش إزاي بقى أكبر مننا، وإزاي وصلنا للحجم ده، المهم إني استجوبته وعرفت إنه أخد ميار، وقالي هي فين، فأخدت منة عشان هي تعرف المكان أكتر مني، ورحنا نجبها، وفعلًا لقيناها مربوطة، وفكّناها، وقبل ما نجري سمعنا صوت برا، وميار قالت إن في صراصير كتيرة، ولازم نهرب قبل ما ييجوا، وفعلًا جرينا، ووصلنا للجُحر، ودخلنا جواه، وإحنا كنا رابطين الصرصار الأول وحاطينه برا، وفجأة حسينا إن في حركة كتير، وسمعنا الصرصار اللي برا بيقول بصوت عالي: أنا هنا، فعرفنا إنهم جايين فأخدنا بعضنا كلنا وجرينا، وحسينا إنهم بيجروا ورانا، وفي الآخر منة وقعت واتعورت، وقالت: امشوا انتوا كده كده مش هعرف امشي معاكوا، والدم هينزل وهيعرفهم مكانَّا لو جيت، فامشوا وسيبوني، ففي ولد كان معانا شالها، وقالها: أنا يا دوبك لقيتك هقوم اسيبك؟! لا ده مش خيار، فقلنا طب يلا كده هيلحقونا، وقعدنا نجري، وبعدين معرفناش نروح فين، ووقفنا بنحاول نفكر، فقلتلهم: أنا أول ما نزلت المواسير دي لقيت قدامي طريق منوَّر أوي، وكإن في فتحة هناك، فمنة قالت: أول مرة حد فينا يشوف نور غير النور البسيط اللي بينوَّر المواسير، أكيد ده الطريق الصح، و وَصَفِت الطريق، وقعدنا نجري، ولما وصلنا لقينا فتحة فعلًا منوَّرة أوي، وقبل ما نخرج، منة قالت: استنوا ممكن لما نخرج محدش فينا يعرف يوصل للتاني، وإحنا هنا كنا عيلة ومينفعش نتفرق كده، فقلتلهم: في مادة غريبة عاملة زي مادة التزييت في جدار المواسير دي حاولوا تكتبوا بيها على ايدين بعض أي حاجة فاكرينها ممكن توصلنا لبعض لما نخرج، وعملنا كده كلنا كتبنا حاجات سواء رقم تليفون، رقم أرضي، عنوان بيت، اسم شارع، محافظة، أي حاجة افتكروها، واللي مفتكروش حاجة اكتفوا بحضن بعض، ووداع يكاد يكون حار لكن على عجلة عشان الصراصير، وابتسمنا لبعض ودخلنا الفتحة سوا، وصحيت، ولقيت ميار كانت نايمة جمبي في الكنبة التانية، وصحيِّت هي كمان وبصينا لبعض وحضنا بعض، وميار قالت: هو ده كان حلم ولا بجد؟ قلتلها: معرفش، ودخلنا جوا الأوضة لقينا ماما وخالتو ومامت ميار، وسلِّمنا عليهم، وحضناهم، وهم استغربوا، يمكن تخيَّلنا إننا ممكن منشوفهمش تاني، وبعديها بفترة لقينا التليفون الأرضي بيرن، فميار ردت وقالت: ألو، وبعدين بصت عليَّا وابتسمت وقالتلي: دي منة، ففرحت وجريت ردِّيت عليها، وسألتها لو وصلت بيتها ولو هي بخير، فقالتلي إنها وصلت وبخير، وعرفت تتواصل معاهم كلهم ما عدا الأشخاص اللي معرفوش يتذكروا حاجة توصلنا بيهم، وقالتلي إنهم بيشكروني إني السبب فإنهم خرجوا من هناك، فقلتلهم: عيب إحنا أهل، فقالتلي: طبعًا، والمهم إن إحنا اتفقنا نتقابل كلنا، بعيدًا عن إن أمي ومامت ميار استغربوا عرفنا الناس دي منين، بس لقينا حاجة نقولهالهم، وفعلًا حددنا الوقت والمكان، ورحنا أنا وميار وبقينا كلنا زي العيلة فعلًا، بقى لينا أنا وميار عيلة تانية في صدفة تكاد تكون قدر غريب، وكلنا من أعمار مختلفة، كإنها عيلة متكاملة فعلًا فيها الأب والأم والأطفال والأعمام والعمات والخيلان والخالات، ومنسيناش اللي معرفناش نتواصل معاهم، وكنا بنذكرلهم مواقف، وندعيلهم عساهم يكونوا بخير، ومنة والولد اللي حكيت عنه اتجوزوا، ومعرفش الصراحة الصراصير كانت بتحاول تاخدنا ليه؟ يمكن كانوا بيفكروا ياكلونا، وأظن كلنا بقى عندنا عيلة تانية لو حكينا لحد اتعرفنا عليها ازاي هيموت ضحك علينا، ومش بعيد يطلب مستشفى المجانين.


مروة عثمان|همج لطيف

تعليقات

التنقل السريع