نص "فِي حَضْرَةِ الْغِياب"
منتهى ابراهيم عطيات
تلوْحُ فِي الْأُفُقِ جلّ الذِّكْرَيَات ، تتكدٍس الْحُرُوفِ فِي خنجرتك كالأشواك ، والكلمات عسيرةً عَلَى بلع الْأَوْجَاع ، وَالرِّيق لَا يبللّهُ إلَّا حنَيْن الَّذِي فَاتَ
كَأن الْأَيَّام مطأطأة الرأس، ودياجر الْحُزْن سيّاف ، يُقْتَل الُلقى بِعُمْق اللَّحْظَة ، ويستسلمُ لآهات.
الشِّتَاء ثَقِيلٌ عليّ كَمَا الْأَيَّام، كُلَّمَا نظرتُ لِبَيْت الذِّكْرَيَات ، تلقفتتي جُدْرَان الْوِحْدَة ، وَغُرَف الْفَقْد تَدْعُونِي لِلثَّبَات ، وَتِلْك الياسمينةِ قَد اِضْمَحَلَّت تنعى الدِّيَار لعِطرها ، وعصافيرُ الدِّيَار هُجِرَت بَيْتِهَا ، تَقُول سَلَامًا عَلَى مَنْ كَانَ هُنَا فَأَصْبَح شُتات .
طيفكمْ يزورني فِي كل مَسَاء ، مُتمركزٌ هُوَ فِي الأعْمَاق ، كضيفٍ عزيزٍ يتفقٍد رَعِيَّتِه
كحمامٍ يتفقٍّد وليدُه
كعنب ٍتخضرّ عَنَاقِيدِه
غَرّبتنا الضِحَكَة ، وفرّقتنا الصُحبَة ، فتنكّرٓ الْقَرِيب ، وتغّيرَ الْبَعِيد ، فَأَصْبَحْنَا فَقَيَّد ، لِفَرَحة الْعِيد .
برغم الْبُعْد وَالْغِيَاب ، وبرغم الْمَسَافَات ؛
طيفكمُ يُمْلَأُ فِي الْقَلْبِ كُلّ الزَّوَايَا
وذِكركمْ العَطِر ْيُزينُ النوايا
وسيرتَكُمْ تَمْلَأُ الحكايا
الصَّبْر ينفُضُ غباَر الْمَوْتِ مِنْ قَلْبِي ، وَالْقَبْر يُعلن لائحةً بِاسْمِي ، وَالدِّيَار فِي بُعدكم تَبْكِي ، فأزيز الْعَوَاطِف يشتعلُ فِي لَمّة الْأَحْبَاب ، وَطَبَّق الذِّكْرَيَات ، وقهوةِ الْغُيَّاب .
أَمَّا الآن : فرحيلكمْ يُعلنُ الضَّجَر ، دوّن أسماؤكُم عَلَى شواهِد الْقَبْر .
منتهى ابراهيم عطيات|همج لطيف.
تعليقات
إرسال تعليق