القائمة الرئيسية

الصفحات

 نص "رسائل ليل"

نور مجدي

استيقظت ليل وهي تفوق مراحل الحزن، وقالت أتذكر هذا اليوم جيدًا. 
غمضت عينها لـوهلة من الوجع والخوف ولا تعرف ماذا تحكي، أو من أين تبدء ولا ماذا تكتب الآن. 
وبدأت بكتابة الأتي..
المُرسل إليه: طبيبي النفسي. 
الراسل: ليل. 
التاريخ: الحادي والعشرين من كانون الأول عشرين واحد وعشرين. 
"-أما قبل، 
أما بعد، 
تحية طيبة لك يا طبيبي العزيز، 
الآن أسمح لنفسي بسرد ما بدخلي بهذه الكلمات،
أتذكر هذا أليوم جيدًا
استيقظت وبداخلي العديد من الأسئلة تُرهقني: لماذا حُبك لشخص يجعلك تشعر بكل هذا القدر من الحزن؟
وقفت ليل مترددةً للغاية، وقالت في نفسها، ما الذي أفعله، ولكنها أغلقت عينها لـلحظة من الألم والخوف، وكأنها لا تعلم ما الذي يجب عليها أن تقوله، أو من أين تبدأ ولا لماذا تكتب الآن؟! 
قلت وهي ترتدي ما تبقى من كبريائها حتى تخفي خيبة أملها وخذلانها الدائم، ابتسمت ابتسامتها المُزيفة، ثم جمعت شجاعتها، وبدأت بسرد الأتي:
ذلك الأمل المزيف الذي يستيقظ بداخلي صباح كل يوم وكأني أتذوقه مع قهوتي كأنه روتين يومي معها، تسقط دمعة من عيني سهوًا وأنا أمام الإبريق في انتظار قهوتي تفور مثلما يغلي الحزن والألم في قلبي، أراقبها في حذرٍ شديد؛ لن أستطيع السيطرة على شيء، أصبحت حياتي لا شيء غير اللعب والهوى، لن تفور هذه القهوة اليوم، يعني ذلك أنني لا أدخل في نوبة بُكاء لن أتخلص منها بسهولة، صببت قهوتي في فنجاني وأنا أرتجف جدًا ولا أعلم لماذا، هل من البرد أم من براكين الغضب الملتهبة بدخلي، حينها تذكرت صديقتي وهي تقول لي: الحُب هو منبع للبهجة والارتياح، ابتسمت من تفكيرها البسيط والساذج، متى كان الحُب منبع لكل هذا؟ أليس الحُب الألم الفراق، وحنين الشوق، وخوف اللقاء، الحُب هو شعور الكراهية، حين تُحب شخص فإنك تكره له بعضًا لا بأس به من الكره، كره لتصرفاته وعِناده وتكره تعلقك به، تكره شعور النقص بدونه تكره ضعفك عندما يفارقك، وتكره اشتياقك الدائم له وكأن أحدهم قطع جزءًا من قلبك، بل قلبك بأكمله، 
تمالكت نفسها بعد كل هذا وجففت دموعها وكتبت:
لماذا أيها الطبيب أجيب؟ 
لماذا أكره بقدر حبي له
جاوبني أيها الطبيب، 
لماذا أكره بقدر حبي إليه 
أعلم أنك ستفهني ولو بالقليل، 
وسلامًا لطبيبي العزيز. "
انتهت ليل من الكاتبة وهي لم تكن على ما يرام؛ بل حزينة للغاية على هذا الحال التي وصلت إليه بعد كل هذا الحب والحنين، والاشتياق، والآن تنتظر رد طبيبها النفسي.

نور مجدي|همج لطيف.


تعليقات

التنقل السريع