القائمة الرئيسية

الصفحات

 قصة قصيرة "صحوة متأخرة"

ولاء جاسم جميل

في صباح يومي هذا،استيقظت مرهق نفسياً وجسدياً، لااعلم ماهو وضعي ومابي لكن.غلب على طبعي انزعاج، اخذته معي إلى مكان عملي،وبقى الحال هكذا...إلى ان انتهى وقت العمل خرجت مختنقاً،من ذلك المبنى الذي اعتدت على حضوري فيه كل يوم...من دون ملل لااعلم ماذا ينتابني!؟؟فقط اختنق أخذتني الطرقات إلى الغير معلوم،فأنا اسير دون معرفه للطريق الذي أود أن اسلكه، وفجأه!!!ازدحم المكان الذي انا به،ازدحم بطريقه لم أعهدها من قبل.كان الزحام يزداد دون توقف،ولايوجد مكان مفتوح يساعد على السير؛ لم يكن _لأجساد بشريه _ولالسيارات _ولا لقطيع حيوانات،كان لأرواح كثيرة ارواح فقط دون اجساد!يمرون من خلالي ومن فوقي ومن جانبي ومن تحتي،بدئت خطواتي تتعثر واكتافي تهتز لاسبيل للسير في طريقي هذا،ماهو الحل؟كيف سأمضي؟مرورهم اثقلني،اشعر بأن جسدي فقدَ سيطرته وإني سأهوي على الأرض،وبالفعل لم استطيع ان اكمل وسقطت ارضا،من شدة التعب والذهول نظرت إلى الأرواح بتمعن ورعب،كان الجميع حزين يمضون دون وجهه معينه فقط يأخذون الطريق ذهاباً،إلى أين؟؟لااعلم وعددهم يزداد دون نقصان،شعرت حينها بأني اختنق اكثر واكثر؛حتى ان لاحظت احد الأرواح تبتسم وتدمع في ان واحد!!!!حاولت ان الوح لها بيدي واناديها لكن عبث لن تنتبه لي واتت ثانيه وثالثه....إلى ان رمقتني احداهن،وسالتني عن سبب جلوسي في الارض بهذا الشكل؟فاخبرتها ان زحامكم اسقطني،وطلبت منها ان تسحبني نحوهم حتى اتجول براحتي دون عناء، لكنها رفضت وقالت لي لما تريد ان تنتزع وجودك بجسدك؟ان فيه من الفرح والأمل الذي يفتقده اغلبية الأرواح الحائمه!!!فلو كان الأمر يعود لهم لتمنوا الرجوع إلى أجسادهم حتى ينعموا ويعوضوا الكثير؛لماذا تريد الخروج من ذلك الجسد!؟وبعد ان اكملت حديثها انتبهت على جسدي وتسالت مع نفسي ومالي ومال ذلك الجسد الذي ارهقني وأعثر كل خطواتي،لم يخدمني يوماً وكان وجوده عبء عليَ؟وكررت الطلب مرة أخرى لعلها تستجيب لمطلبي؛حينها رمقتني بغضب!وقالت لي: اذهب مع جسدك اذهب واعطف على نفسك،بيدك فرصه للنجاة من الحزن الدائم،جسدك الذي تشتكيه لي هو أمل للكثير اذهب به واحتضن عائلتك احتضن نفسك اعمل به عمل صالح واقترب من خالقك وسأله الهدايه  وان تأتي معنا بوجه مستبشر ومن ثم رحلت ورحل الجميع معها!وبقى الطريق فارغ لاوجود به غير جسدي وروحي، نهضت من غفوتي تلك،ووجدت نفسي وحيداً عاودت السير لكن بسرعه والارتجاف في قلبي كاد أن يهلكني؛ولكنني سرت بسرعتي التي لااعلم من اين اتتني حتى وصلت إلى طريق منزلي فشعرت بالهدوء والاطمئنان وتباطء سيري،وصلت إلى منزلي متعب، العرق يبلل ثيابي....أستقبلتني زوجتي مستغربه من منظري هذا!؟؟وانا بدوري استقبلتها بصمت المفزوع، وكانت نظراتي مستقيمه نحو عينيها،وبعدها احتضنتها بشدة لم تعهدها مني قبل؛استغربت كل هذا!!وظنت ان هناك مكروه ما قد اصاب احد اقاربنا وصرخت ماذا يحدث ماذا بك يازوجي؟؟؟؟حينها خففت من فزعي وقلت لها لاشيء فقط التعب هو الذي غير حالي ومن بعدها اخذت من سجادتي مأخذ حيث اني بقيت ثلاث ساعات متواصله اجلس عليها مناجياً ربِ باكياً حالي له طالباً العفو والرحمه،وبعدها توجهت إلى سريري للرقود بعد كل هذا التعب،حينها أيقنت أن حياتي ووجود روحي داخل جسدي هو نجاة لي وليس عذاب كما أحسبه فكل صعوبه مرت عليَ دون حل اوعلاج اوخلاص،لاشيء أمام ان أكون غير قادر على المحاوله مرة واخرى واخرى....الروح عندما تفارق جسدها تكون لاحول ولا قوة ولاامل،كيف لي ان اتمنى انفصالي عنها وانا فارغ دون تحصين دون زاد دون حمايه من بؤس سيرافقتي الى النهايه؛وبعدها قررت ان اغير حياتي وان اكتنز كل عمل صالح يحميني من ان اكون مع تلك الأرواح الباكيه الخائفه،وشاء القدر ان تكون نهايتي مع جسدي في نفس اللحظه التي قررت بها التغيير وانفصلت من عالمي المحسوس إلى العالم الغير محسوس،انا الان ميت تركت جسدي على سريره ذلك الجسد الذي كان يحتويني وكان باستطاعتي ان اسيره بروحي إلى كل عمل صالح خسرته وخسرني.

و بدئت رحلتي مع جموع كبيرة بائسه تمنيت ان لااسير معهم حتى ان اتت لي روح متبسمه تصحبني إلى جموعها المبتهجه،واخبروني ان صحوتي الاخيرة انقضتني من ان اكون مع تلك الأرواح الممزقه فرحت كثيرا لتغيير مسيري وانفتح لي طريق جديد،يبعدني عن أجساد احبابي كلهم،بقيت حائمٌ ومشتاق لهم وحينها فهمت ان لامفر من النهايات وان ماظننته نجاة لي من عذاب الحياة ومسؤلياتها ماكان غير فرصه لنهاية سعيده اوتعيسه،احددها انا بذاتي بنفسي وبعقلي كل شيء كان بمقدوري لكنني اغفلت كل حواسي عن الفهم حتى قربت نهايتي وياليتني تزودت بخيرها ونعمت بنهايتها.

لاتقسوا على وجود اجسادكم على الأرض فمفارقتها ندم مابعده ندم والروح باقيه تحمل كل أعباء ذلك الندم فالنهايه للاجساد فقط والأرواح خالده. 

(اللهم نسألك حسن الخاتمه)

ولاء جاسم جميل|العراق|همج لطيف 

author-img
للكِتَابةِ فِي فُؤادِي مَسكَّنٌ، كمَا الرّوحُ فِي اَلجَسَد تَسْكُنُ.

تعليقات

التنقل السريع