القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة "فَاغْتَنِمُوهُ"

سَـمَـاء مُحمَّد الـطَنْطـاوِي

١٩ رمضان ١٤٤٣ هـ. 
٢٠ أبريل ٢٠٢٢ م. 

• أسيل •
دَعتنا جدتي لتقضية اليوم معها، وبعد تناول طعام الإفطار، ذهبنا للمسجد لأداء صلاة العشاء والتراويح، وبعدما انتهينا عُدنا إلى المنزل، وجلسنا حول جدتي لتقص علينا قصة كَعادتها.. 
بُثينة (جدتي): اليوم سأتحدث معكم عن (العشر الأواخر)، ماذا تعرفون عنها؟ 
رحمة (ابنة عمتي): تبدأ العشر الأواخر من رمضان في ليلة ٢١ رمضان، في حال كان الشهر كاملًا أو ناقصًا، وتستمر الليالي العشر الأخيرة من رمضان حتى نهاية شهر رمضان ليلة ٣٠ رمضان. 
بُثينة: أحسنتِ يا رحمة، وأنتم؟ 
عُمر ( ابن عمي): تُعَد الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك أفضل ١٠ ليال للعبادة والعمل الصالح والتقرب من الله عز وجل، ففي هذه الليالي تقبل الأعمال ويتضّاعف الأجر، وفي كل ليلة يختار الله العتقاء من النار والفائزين بالجنة بإذن الله دون عناء ولا سابقة عذاب.
بُثينة: أحسنتَ يا عُمر، مَن أيضًا؟ 
فاطمة: قد ميزها الله عز وجل عن بقية أيام رمضان والسنة بأن فيها ليلة القدر التي أُنزِل فيها القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. 
بِثينة: أحسنتِ يا فاطمة. 
أتعرفون ما فضلها؟ كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُحيي العشر الأواخر من شهر رمضان، ويوليها اهتمامًا شديدًا، حيث يُضاعف اجتهاده في العبادات، ويحرص على حث الناس على مرضاة الله -سُبحانه وتعالى- لتحصيل الحسنات، والأجر والثواب.

وورد عن السيدة عائشة -رضي الله عنها-: "كانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ." 

وتفسير هذا الحديث هو أن الرسول الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- كان إذا جاءت العشر الأواخر من رمضان يعتزل النساء، ويسهر الليل في التعبد والصلاة وقراءة القرآن والدعاء، ومن فضل العشر الأواخر هو وجود ليلة القدر في إحدى الليالي الوترية حيث ورد في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال: "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان".  

وسألت: أتعرفون ما الأعمال المستحبة في العشر الأواخر؟ 

أسيل: ١- الاعتكاف: 
وهو التفرغ الكامل للعبادة، وأفضل أوقات الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفى. 

خديجة: ٢- قيام الليل: 
تمتاز صلاة قيام الليل بفضلها العظيم ولاسيما في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحث الصحابة على قيام الليل لما له من فضل عظيم في زيادة الحسنات، ومغفرة الذنوب والمعاصي، ورفع الدرجات، وتطهير القلوب، ونيل منزلة عظيمة في الدنيا والآخرة.

يوسف: ٣- قراءة القرآن: 

يُعد شهر رمضان أكثر شهر يفضل فيه الإكثار من تلاوة القرآن، وذلك لأهمية الشهر العظيم، ومضاعفة الثواب والأجر.

محمد: ٤- الإكثار من الصدقة والزكاة:  

إنّ الإنفاق في سبيل الله من أفضل الأعمال في شهر رمضان المبارك، خاصة في العشر الأواخر منه، فذلك يقرب قلوب الناس من بعضهم، ويطهر النفوس من الشح والبخل. 
الحرص على أداء الصدقة في العشر الأواخر؛ إذ إنّ الصدقة في شهر رمضان أفضل من الصدقة في غيره من الشهور؛ بسبب تفاضل الأزمان، كما أنّ الصدقة في العشر الأواخر أفضل ممّا سواها؛ لِما ورد من تفضيل العمل والعبادة فيها، وخاصّةً في ليلة القدر التي تُعدّ خيرًا من ألف شهرٍ، وكان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أكثر أداءً للصدقة في رمضان، فقد ثبت في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ بالخَيْرِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ عليه السَّلَامُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ في رَمَضَانَ، حتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عليه النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عليه السَّلَامُ، كانَ أجْوَدَ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ).

غالية: ٥- الدعاء: 

الحرص على ترديد الدعاء المأثور في ليلة القدر، فقد أرشد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- السيّدة عائشة -رضي الله عنها- إلى الدعاء في العشر الأواخر من رمضان، وتحديدًا في ليلة القدر؛ بطلب العفو والمغفرة من الله -سبحانه وتعالى-، فقالت -رضي الله عنها-: (يا رسولَ اللَّهِ أرأيتَ إن وافقتُ ليلةَ القدرِ ما أدعو قالَ تقولينَ اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي).


غادة: ٦- الذكر والتهليل: 

يحب الله أن يذكره عباده في كل وقت وحين، والذكر في العشر الأواخر من رمضان له فضل عظيم على نفسية الشخص وإنزال السكينة والطاعة على روحه.

مصطفى: ٧- تأخير الفطور للسحور: 

كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُؤخر فطوره السحور، حيث روي عن عائشة وأنس: "أنه صلى الله عليه وسلم كان في ليالي العشر يجعل عشاؤه سحورًا".

أحمد: ٨- الاغتسال والتطيب: 

اقتداءً بالنبي وصحابته حيث قال ابن جرير: "كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من العشر الأواخر، وكان النخعي يغتسل في العشر كل ليلة، ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر." 

ملك: ٩- تجنّب الشهوات والملذّات؛ لتحقيق الصفاء الروحيّ للنفس، وتفريغها للطاعة والعبادة. 

أدمعت عين بُثينة وأردفت بسعادة: بارك الله فيكم وزادكم علمًا. 
سأذكركم ببعض الأدعية التي يجب أنا ترددوها، ولا تنسوا تسجليها لديكم حتى لا تنسوا أيًا منها. 

١- اللهم إنك عفو تحب العفو فأعفو عني، اللهم إن كانت هذه الليلة هي ليلة القدر فيها عبادة ألف شهر، ربي أدعوك وأرجوك حتى يقول الله يا ملائكتي اقضوا حاجة عبدي الليلة فقد غلب يقينه قدري.

٢- اللهم إني أسألك حسن الصيام وحسن الختام، اللهم لا تجعلنا من الخاسرين في رمضان، واجعلنا ممن تدركهم الرحمة والمغفرة والعتق من النار.

٣- اللهّم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا اللهم فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا برحمتك شر ما قضيت، إنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت.

٤- اللهم اجعل اسمي في هذه الليلة من السعداء وروحي مع الشهداء يا أرحم الراحمين يا الله.

٥- اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك، اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي ومن شر بصري ومن شر لساني ومن شر قلبي.

٦- اللهم اجعل هذه الليالي ساترة للعيوب ماحية للذنوب ومفرجة للكروب، اللهم اجعلها جابرة للقلوب، اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا اللهم آمين. 

( سَجّلنا الأدعية وتحدثنا قليلًا، ثُم بدأنا في تحضير السحور، وبعدما انتهينا، تناولناه وبعدما أذّن الفجر صليناه جماعة وقرأنا القرآن حتى الصباح، وخلدنا إلى النوم.) 

• في اليوم الثاني •  

(بعد الظهر، عاد كُلٌّ مِنَّا إلى منزله، عاقدين العزم في استغلال العشر الأواخر استغلال جيد، ونسأل الله أن يتقبل منّا صالح أعمالنا.) 

سَـمَـاء مُحمَّد الـطَنْطـاوِي|همج لطيف 

تعليقات

التنقل السريع