إستيقض صباحا وهو ينفض غبارا تعلق بأطراف أهدابه بعد أن فرت دموعه على صهوات عمر بربري .. غزا الرماد شعره المتطرف . وتشبثت بعض الاغصان الغضة في جبينه . بينما شقت الانهر في جسدة مجاريها عنوة بعد ولادة عسيرة . سجارته إنطفأت قبل أن يقبلها وهو مبحر في أسطر خطها فأطاحت به مكبلا .. مكمما .. مضرجا بدماء الحرف الأهوج .. الأبلج .
يستطير من بين أنامل أفكارة عطر نفاذ يأخذ بالبصائر أذا ما قايض زاد يومه بمداد وقصاصة وجع .
جشع هو ذلك الحرف ينهش فيه منذ ولد خلف القضبان . تحت سقوف بنيت على مقدار جسده لكي تمنع نموه .
كعادته إتجه ذلك المجلجل الى بوابة قفصة وهو يرتل أسطره الاثمة . الفاحشه:
- بلادي .. بلادي لها خافقي
وروحي وعمري لها افتدي
بلاد العروبة .. يا اخوتي
تنادي فلبوا أيا أمتي ..
رجوما صواري على المعتدي .
ثم نظر من خلال تلك النافذة التي تطل على السماء والطارق وقال:
-وتبت .. وتبت ايادي الحفاة
اذا ما انغمسن بأرضي دجاة
عرين الاباة ومهد الحضارة والبارقات
تراه مسجى يلوغ بخيره ابن الزناة .
ضحك من حوله وطلبوا منه ان يلجم لسانه . ضحك هو الاخر بأستهزاء وقال: ما هو تاريخ اليوم ؟
اجابه احدهم بان يتوقف عن طرح هذا السؤال لان لا احد سيجيبه .
سأل عن السبب . فقال له أخر: انت تسأل عن التأريخ منذ سنتين وفي كل مرة نجيبك تبدأ بالضحك بشكل هستيري .
- اجاب باستغراب: حقا هل أفعل ذلك .؟.
أومأ احدهم برأسه بأنك تفعل .
- قال وهو يعود أدراجه: لماذا افعل ذلك برايكم .؟
- قال الرجل القريب منه : ليتك تخبرنا عن السبب حتى نفهم ما يجري معك .
-قال وهو ينتف شاربه فتسقط الذكريات تباعا : في الحقيقة لا سبب يلوح في خاطري .
ثم أستدرك قائلا : لحظة .. لحظة ..ربما لاني أعلنت على رؤوس ألاشهاد بأني سأحرق بناتي لأجل غسل عار لوثن به أسمي وهن يتراقصن على قوافي الحروف ؟!
ضحك من حوله واخبروه بأنه ليس متزوج - كما أخبرهم - .
فبانت عليه علامات الاستغراب وقال : حقا . اذا ربما لاني كسرت اضلاع صديق لي وقصمت ظهره لاجل خوفا سقط في قلبي وانا أدك دكا تحت عدسات الحياد السربسية ؟.
- قال له السجان الذي جاء توا بالطعام: لم تفعل ايها المجنون المعتوه .
- قال بعض السجناء بلهفة فضولية: هلا أخبرتنا بأمر هذا المسكين .
- فأجاب: أنه كاتب مجنون .
- فصرخ في حينه وأخيرا تذكرت التأريخ .
- قال له السجان: وما هو ؟
فكتب بأصبعة في الهواء وهو يتهجى حروفة الخالدة:
نزلت/الميادين/أبغي وطن .
بشائر حميد|همج لطيف
بشائر حميد|همج لطيف
تعليقات
إرسال تعليق