حِـوار صحفي مع الكاتبة: مريَـام سَـعد
الصحفيـة: خديجة محمود عوض
في خِضم معارِك الحيَـاة وحروب الزَمن التي لا تكـف ولا تخمـد، يَخـرجُ لنـا جيـل مُسلـح بأسمىٰ أساليب الدِفاع، جيـلٌ لا يَهَـابُ العثَـرات ولا يؤمن بشيءٍ سوىٰ العزيمة والإرادة، يَعشق التحدي عِشقًا جمـا، و اليَـوم معنَـا إحدى عُظماء هَذا الجيـل، تِلك التي تُضيف جمالًا لِحروفِ لُغة الضَـاد الساميـة عِندما تَبوح بما يَدور في عقلها؛ فَهي استطَـاعت التألق بأحرُفها المُميزة في كَـوكب الأدب، فَـ هيا بِنا نَتعرف على مَن تَكـون تِلك المُبدعة..
_ فِي بِدايـة حديثنَـا، أود معرفـة نَـبذة تَعريفيـة عنـكِ.
- أنا ميريام، من عروس المتوسط، في المرحلة الثانوية، ستَـة عَـشر عَـامًا.
صديقتى تقول بأن لدي ملامح هادئة، ولكنني أعتقد العكس؛ لأننى أينما حللت حلت الضوضاء معي، مزيج من ضوضاء لذيذة، ولدي أجمل عيونٍ على الإطلاق، كأنها قطعه من الفن ! هكذا تقول أمي، وأمي لا تكذب أبدًا، أحب البحر وكل ماهو اخضر، والناس بموسيقاهم، والخطابات المكتوبة يدويًا، وكل شيء يبعث الدفء، كالملابس الثقيلة و عناق الأيادي.
_ كَيـف اكتَشفتِ موهبتـك السَـامية، وما التي فعلتيـه لتنميـة تِلك المـوهبة؟
- بدأ الأمر منذ صغري؛ من رغبتى فى تدوين ما يحدث لي كيوميات لأتذكرها عندما أكبر فالنسيان وحش بشع، ثم تحول الأمر لكتابة قصة عندما كنت في المرحلة الإعدادية، لم تكن الفرص المتاحة كثيرة في هذا الوقت فكنت أكتب وأحتفظ بما دونته حتى كبرت قليلًا فصرت أنشر.
_ مَـا هي أفضَل الأسَـاليب التي تتبعينها في الكتابـة؟
- في الحقيقةِ لا أتبع أسلوبا معينًا في كتابتي، فالكتابة في البداية كانت _ولا زالت_ وسيلة لإخراج ما بداخلي، فيختلف أسلوبي كل مرة بإختلاف حالتي، ولكن الثابت هو محاولة موازنة الأمور؛ أي لا يكون النص سوداويًا يثير بنفس قارئه أي شعور سيء، ولا هو مبهج حد السذاجة.
_ يُقَـال أن المنتصـرون على العثـراتِ، هُم الأقـوياء، فمَـا العثَـرات التي واجهتـكِ وكَيف تغلبتِ عليهَـا؟
- أعتقد بأن أقصى العثرات هى خسارة أحد يحارب تلك الدنيا معك، فكانت جدتي هى تلك الخسارة _رحمه الله عليها_ تغلبت على ذلك الشعور بالوحدة بإيماني التام؛ بأنها معي دومًا بروحها وكلماتها، ربما هي تراني الآن وأنا فى هذا الحوار الصحفي وتسعد بي.
_ في حياة كُل مِنا شَخص قَـادر علىٰ المواسَـاة في المِحـن، فَمن الـذي ساندك في كل مرةٍ سقطتِ فيها؟
- كنت أعتقد دومًا أن الرحلة فردية تمامًا، إلى تلك المرة التي هاتفت فيها صديقتى " شروق" فى وقتٍ متأخر وأخبرتها فى حالةٍ لا يرثي لها، أن تأتى لأن الأمور خرجت عن السيطرة جميعًا، وبعد عدة دقائق وجدتها على بابي، شروق هي ضلعي الثابت فى وسط كل ما يحدث، وطبعًا والدتي الجميلة، جيشي الكبير التى لا يوفيها حقًا أي حديث أو كلام.
_ كَيـف تتأكـدي أن عَملك دقيق و واقعي؟
- معظم أعمالي عن تجارب شخصية لي، أو لآخرين، فقط نغير من بعض الأمور حتى نضع الحبكة للقصة لا غير، ومن ناحية الدقة اللغوية فَـلدي والدتي أفضل معلم للغة العربية _ أدامها الله لي_ تقوم بتلك المهمة معي.
_ شَـاركينا أكثَـر نَص أدبي تُحبينَّه من تأليفك.
هذه آخر رسالة من سلسلة كنت كتبتها..
" عزيزي السيد تميم،
صاحب العينين الجميلتين،
بطريقة ما هذه آخر رسائلي إليك؛
ربما تتساءل عن السبب، أتعلم أمرًا؟
أنا أيضًا أتساءل، ولكن عن السبب الذى يجعلنى أكتبُ لك من الأساس !
إلى أن وجدت ضالتى فى قول صديقى صهيب:" أكتب لك خوفًا من أن أُنسي، فأنا أعرف أن حضورى ليس بالقوى المهيب، وملامح وجهي ليست بالمميزة جدًا، بل تكاد تبهت."
أنا صبا؛ ولا داعى لِذكر المراكز والشهادات التى حصلت عليها، تشعرنى أنت بطريقة ما أننى لا شيء !
أنا صبا الجميلة؛ أعلم تمامًا كيف ينظر الرجال إليّ، أما أنت تُشككني فى آدميتى حتى !
أشعر أنني جدار أو ضفدع بركة لا يذكر.
انتهينا، وهذه المرة يختلف معنى الكلمة عن كل مرة سبقتها، في كل مرة، كان لدي بعض الأمل، رغم سنوات البعد بيننا أنه ربما بعد أن ينتهي كل هذا؛ سنلتقي مجددًا ونكتشف أن الأمر لم يبدأ حتى، لكن الأمر انتهى، لا بأس.
كانت نهاية باهتة ملطخة بالصمت، أُقر أننا لا نستحقها، أو على الأقل أنا، افترقنا يا عزيزي، ستتزوج أنت امراة جميلة لا تذكر لون قميصك فى أول لقاء، امرأة تعلم كيف تجعل عينيها قطعة من الفن ببعض الألوان، ولكنها لم تسهر يومًا أمام إحدى برامج الطبخ لتعلم كيف تعد لك ذلك الحساء الذى تفضله.
ربما نتحدث فى وقت لاحق، وستتعجب إن كنت قرأت رسالتى هذه، ولكن عزيزي " انتهى الأمر، ولكن لم ينتهى الشعور".
أعلم تمامًا سوء الحالة التى أنت فيها، ولكنك حتى لا ترغب في أن تحصل على المساعدة، ولكن لا بأس، لازالت عاداتي القديمة كما هي فى اختيار تلك الأوقات التى تفتح فيها السماء وابدأ بالدعاء لك حتى أنسي نفسي !
ولكن لا بأس.
لا بأس.
عزيزى؛ لا محاولات أخرى، كانت هذه الأخيرة.
ميريام سعد. "نوح سابقًا"
_ أصبَح النَشر الإلكتروني مُتاح لِكُلِ كاتبٍ الآن، هَل تُفضلين نَشر أعمالِـك الأدبيـة ورقيًـا أم إلكترونـيًا، ولماذا؟
- النشر الإلكتروني أصبح أسهل من الورقي وأكثر انتشارًا، وأيضًا بدايتى كانت منه، ولكن على الرغم من شعبية الأعمال الإلكترونية الكبيرة، فلا شيء أفضل من الكتاب الورقي.
_ مَـن كَاتبكِ المُفضَـل ؟
- محمود درويش، أشعر أنه بطريقةٍ ما يُخضع تلك الأحرف له ويصيغها كيفما شاء ليخرج بنص قادر على الوصول لأعمق نقطة فى روحك، وأيضا غسان كنفاني، وأحب كثيرًا قصته مع غاده السمان، ومعضلة التجاهل خاصته.
_ مَـا رأيكِ بِجريدة "هَـمچ لَطيـف" الأدبية، وما رأيكَ في الحِوار؟
- سعيدة جدًا بهذا الحوار، جريدة همچ لطيف رائعة بحق، أتمنى لكم كل التوفيق.
عاش
ردحذفجامد الوصف
ردحذف