القائمة الرئيسية

الصفحات

 قصة: الحقيقة ممكن تختلف

الكاتبة: مروة عثمان 

غلاف: حبيبة عقيد 



جمهورنا العزيز، إزيكوا؟ أتمنى تكونوا في أفضل حال، الساعة دلوقتي 9 بالظبط، جاهزين نبدأ الـ Event بتاعنا؟

-أيوةةةةة.

يبقى Let's get start!

_أهلًا بيكوا! أنا مقدم الاسبيكرز اليوم، وأتمنى تعجبكوا كل فقراتنا، طيب هدوء شوية، أول اسبيكر...

=إحنا يا دوبك في أول اسبيكر! وأنا اللي افتكرت إني اتأخرت، ربنا يستر بجد، أنا الاسبيكر الرابع، أول مرة أتوتر كده في حياتي، بس يمكن عشان أول مرة أتكلم قدام ناس كبيرة مش عيالي في الفصل، ربنا يستر بجد.


_ودلوقتي الاسبيكر الثالث معانا النهاردة...

=يلا هانت، أنا مش عارفة ايه كل ده، ليه بيتكلموا كتير كده؟ أنا حرفيًا مظنش إني هقعد أكتر من 10 د، ربنا يستر.


_ودلوقتي بريك ونرجع نكمل.

=بريك إيه! أنا القولون قام عليا والله.


_بنكمل معاكوا فقراتنا، ودلوقتي دور الاسبيكر الرابع معانا، ولأول مرة في تاريخ الـ Events بتاعتنا يقدم معانا مدرس، حب يحكي رحلته مع الطلبة وإزاي بيتعامل معاهم، واللي خلانا ننبهر بيه، هو قد إيه حابب مهنته وشايفها من أهم إنجازات حياته، رحبوا معايا بمس مريم.

=لسة فاكر إني مريم بعد كل الصيغ المذكرة دي!


=السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا مس مريم، مدرسة رياضيات، واسمها رياضيات مش رياضة عشان الموضوع بيعصبني، كنت من أولى ثانوي تقريبًا بتمنى أكون مدرسة، عارفة إنها غريبة شويتين، ومحدش بيكون حلمه التدريس من وهو صغير وأغلب المدرسين جبرتهم الظروف والتنسيق اللي جابهم للمكان اللي هم فيه، والصراحة يعني ممكن يبقى معاهم حق، أصل إيه اللي يخليني أستحمل زن العيال وقرفهم، ولكن والله الحقيقة مختلفة بس لو أنت عايز تخليها مختلفة، وأنا خليتها مختلفة، أنا هنا النهاردة أحكيلكوا حكايتي.


شكرًا، شكرًا، ممكن تصقفوا تاني عشان عجبني الموضوع؟


الله، طيب نبدأ من الأول، أنا كنت علمي رياضة؛ لحبي الشديد للرياضيات من صغري، أنا فاكرة إني جت فترة في حياتي وبدأت أتعلم الحساب العقلي وأستغنى عن الآلة شوية، وطبعًا زي ما كلنا عارفين كل حاجة بالتدريب ممكن تَعلُّمها، ومرة في مرة بدأ استخدامي للآلة يقل جدًا، لدرجة إني بدأت أحسب من غير ما أوعى لذلك، زي مثلًا لما تصلي، ساعات بتلاقي نفسك بتعمل الحركات تلقائي من غير ما تنتبه كتير ليها، ولو مركزتش ممكن تلاقي نفسك بدأت الصلاة وبعدين بتقول سبحان ربي الأعلى، إيه اللي حصل؟ أنا سجدت امتى؟ وده غلط طبعًا المفروض نبذل جهدنا للخشوع، نرجع لموضوعنا نفس الحاجة في الحساب كل ما تتعود على الحاجة بتعملها ساعات بدون وعي، بعيدًا إن في حاجات مش بتتحل بدون الآلة وكلنا عارفين كده، ولكن الموضوع بقى أسهل بالنسبالي مبقتش أفكر في النتيجة النهائية قد ما بفكر في الطريقة، وبتعلُّمي للحساب سهلت عليا كتير في مشواري.


كان دايمًا الناس بتقولي: علمي رياضة يبقى أكيد نفسك تكوني مهندسة صح؟ ربنا يوفقك، من غير حتى ما يستنوا جواب، وكنت دايمًا بقول: لا مدرسة رياضيات، طب ليه يا بنتي؟ التدريس ملهوش مستقبل، شدي حيلك كده بس وادخلي هندسة، يا عمو لا، أنا حابة التدريس، عدي بس 3 ث، أنا حابة التدريس، مفيش فايدة، المهم إني عديت الحمد لله على خير، وجبت مجموع هندسة بكرم ربنا الحمد لله، وفجأة العيلة وكل المعارف، بقوا يقولولي يا مهندسة، رحت وقدمت على تربية رياضيات، ماما معترضتش؛ لإنها كانت شايفة إن الست مكانها البيت، هندسة تربية مش هتفرق، الأهم البيت، وطبعًا مش عايزة أقولكوا نظرات الناس بقى، اللي هو إيه ده تربية! ليه بس؟ أكيد ده الخير يا بنتي معلش، معلش إيه! أنا اللي اخترت كده، المهم عدت على خير برضو، دخلت الكلية، وجبت امتياز في الأربع سنين، مشتغلتش معيدة؛ عشان كنت متحمسة للعيال بقى، عايزة أبقى مدرسة لأطفال مش لناس قدي! وعشان برضو مكانش معايا واسطة خلينا واقعيين، وحتى في دي الناس قالولي: طب لو حابة الأطفال للدرجة دي، كنتي دخلتي طب وبقيتي دكتورة أطفال، ليه تربية بس؟ مش يمكن مكنتش أنفع في علمي علوم زي ما نفعت في رياضة؟ ولكن وقتها بقيت أقول صح معاك حق وأعدي الموضوع، اتخرجت، واشتغلت في مدرسة خاصة قريبة من بيتي، قالولي مفيش مكان غير لأولى ابتدائي، عايزة أقولكوا إني في وقتها كنت في قمة سعادتي، هدي عيال صغيرة وكل ما يكبروا هحاول أدي مرحلتهم، وهشوفهم بيكبروا كإني بربي بالظبط! وهو مش التدريس تربية؟ المعلم مش بس بيدي مادة وخلاص، بل بيغرس قيم في العيال.


شكرًا والله، جزاكم الله خيرًا أنا أول مرة حد يصقفلي من زمن، نكمل بقالي 10 سنين بدَرِّس، مش باين عليا صح؟ بدي دلوقتي أولى إعدادي، وإن شاء الله قدام هدي 2 و 3 ع ويمكن في يوم أدي ثانوي، ولكن مظنش، أنا حابة الأطفال، في طلاب ليا دلوقتي في أولى ثانوي ولحد دلوقتي بيجولي المدرسة ويقعدوا معايا، إحساس حلو لما تحس حد بيحبك بجد وشايفك قدوة وشاكر لكل جهودك معاه، في ال 10 سنين دول مكنتش بس مدرسة، كنت بعلمهم قيم ودين وبفهمهم وبخاف عليهم كإنهم عيالي، حتى الترندات والحاجات اللي كانت بتنتشر على السوشيال ميديا الفترة اللي فاتت، كانوا قبل ما يسألوني كنت ببحث عنها كويس، وأفهمهم ولو في حاجة ضد ديننا وضد العرف، بفهمهم كويس إن ده مش لينا وإن ربنا ميرضهوش، الحمد لله الفترة اللي فاتت طلابي أغلبهم مش هقول كلهم بدءوا يقتنعوا إن السوشيال ميديا خطر، وبدءوا يبعدوا عنها تلقائي من غير زعيق وسحب تليفونات، بالوعي.


مش هنسى المذاكرة والتدريب والصبر الكتير، الامتحانات والمراجعات، وأنا مش فاهم يا ميس، اتعلمت حاجات كتيرة منهم أكتر ما علمتهم، حبيتهم من قلبي، زعلت على زعلهم، وكان أصعب يوم في حياتي يوم ما توفى بابا طالبة عندي، جات تعيطلي، يومها حسيت بزعلها؛ أنا كمان بابا اتوفى وأنا صغيرة، افتكرته وعيط معاها كإن بابا اللي لسة ميت، ميزة كلية تربية إنها بتوريك إزاي تتعامل مع الطالب، ولكن أنا طورت نفسي في الموضوع ده وعرفت إزاي أتعامل مع حاجات ومواقف كتير بنتعرض ليها، وده اللي ساعدني.


أنا من زمان بحب أزرع، عرضت فكرة مسابقة زراعة كنت بفكر فيها على مدرسة زراعة في مدرسة مجاورة، وقدمنا الفكرة واتقبلت وفعلًا نظمنا المسابقة وشارك فيها كل طلاب المدرستين وكانت على مستوى الإدارة والمحافظة، عملت كام سيشن بخصوص أهمية الكائنات الخضراء المنتجة الجميلة دي في حياتنا، وقد إيه الاهتمام بيهم جميل، وبيخلصك من كل الطاقة السلبية، شاركت هواياتي معاهم وشاركوني كمان، وساعدنا اللي معندوش في إنه يكتشف موهبته أو يدور على هواية تناسبه، وفهمتهم أهميتها.


مظنش إني في يوم كنت هعمل حاجة من الحاجات دي في هندسة، أو كنت هحس بالرضا والسعادة دي أبدًا، يوم فرحي واللي كان من كام سنة، في شوية طلبة جولي الفرح واتصوروا معايا وفرحولي كإنهم جزء من عيلتي، أنا لقيت شغفي، لقيت اللي بيسعدني، اشتغلت بجِد، تعبت، ومنجحتش من أول مرة في إيصال المعلومة أبدًا، ولا عاشر مرة حتى، ولكن بعدها نجحت، الحمد لله، بتمنى عملي يكون سبب دخولي الجنة؛ علمٌ يُنتفع به، المهم أنت عايز تكون إيه، مش مهم المجتمع شايف إيه، والأهم بعد ده كله تسيب أثر طيب، وشكرًا.


مروة عثمان|همج لطيف

تعليقات

التنقل السريع