القائمة الرئيسية

الصفحات

 قصة: لا تُحلِل ما تشاء

الكاتبة: رحاب أحمد

مراجعة لغوية: منار مجدي

 غلاف: دينا أحمد 


كُنتُ أجلس أمام البحرِ، شاردةً تمامًا فيما حدث لرفيقتي نهلة بالماضي، وحتى الآن هي تعاني مِما وضعتْ ذاتها فيه. 

تبدأ قصتُنا حينما حادثتني وهي سعيدة للغاية وتقول: إنني سعيدةٌ للغاية يا مُهرة!

فرحتُ مِن نبرتها وقلتُ: دائمًا إن شاء الله، ولكن ما سبب تِلك الفرحة؟ 

أجابتني بتوترٍ لأنها تعلمُ أنني أبغض تِلك الأمور وبشدة: أ. أ.. أنني لم أعد بمفردي بعد اليوم، وجائني من حلمتُ بِه كثيرًا. 

سعدتُ مِما قالت، وقلتُ: هل جاءكِ فارسُ أحلامكِ، كيف عرفتيه، وأين رأيتيه، ومتى زفافكِ يا رفيقتي؟ 

توترتُ قليلًا، وقلتُ: مهلًا مهلًا، لِمَ كُلَّ هذه الأسئلة؟

صبرًا يا عزيزتي، سأُخبركِ بالحقيقة... إنني ارتبطتُ بِه مِن مواقع التواصل الإجتماعي، ولم أراهُ حتى الآن. 

غضبتُ مِنها كثيرًا، وقلتُ: ماذا تقولين؟ 

أجننتِ يا فتاة! 

كيف تُحبينَ شخصًا لا تعرفيه؟

وكيف تثقين أنه صادقًا وليس كاذبًا؟ 

صمتتُ لبرهةٍ وقلتُ: إنني أُحبهُ، وهو وعدني بأنهُ لن يتخلى عني مُطلقًا، وأنا لا أفعل شيئًا يغضب الله. 

قلتُ لها في صرامةٍ: إن لن تبتعدي عنهُ؛ فأنا لن أعرفكِ مُجددًا؛ فإن كُلَّ هذه الأمور التي تتحدثين عنها تُغضب الله. 

قالت في صدمةٍ: م.. م.. ماذا تقولين؟ 

لا لا إنكِ تمزحين وأنا واثقةٌ مِن هذا. 

قلت لها في جديةٍ تامة: أنا لا أمزح معكِ، واغربي عن وجهي هيَّا؛ فلا أُريد أن أكون على علاقةٍ بكِ مِن اليوم. 

ثُم أغلقتُ الهاتف تمامًا، وظللتُ أدعي لها بأن يهديها الله، ويبعدها عن هذا الطريق دون أي كسرةٍ أو حزن. 

ولكن دائمًا تأتي الرياح بِما لا تشتهي السُفن؛ فقد مرّت الأيام، بل وأيضًا الشهور، وجائتني نهلة حزينةً مقهورةً، وقد تبدل حالها تمامًا، لذا سأنصحكم نصيحة، وأيضًا سأصف بها حالة نهلة، إياكم ومواقع التواصل الإجتماعي، لا تنجرفوا ورائها؛ فإن هذه المواقع لعينة، وبها الكثير مِن الأحداث الزائفة، والثرثرة الخادعة؛ فإنك يا عزيزي القارئ قد تجد فتاةً ما تقع في حبّ شابًا، وتنغرم بهِ بشدة، وترسم مستقبلهم سويًا، وتغرق في الأحلامِ والأوهام، ولِمَ كُلّ هذا؟

لأنه أخبرها بأنهُ يُحبها، بل وأيضًا قد يُوهِمُها بأنه مُتيَّم بِها، وأنهُ سيظّل معها، ولن يتخلى عنها... إلخ، وعلى حينِ غُرةٍ تجد الفتاة هذا الشاب قد اختفى تمامًا مِن حياتِها، نعم كأنهُ تبخّر!

وهي تظّل تبكي طيلة أوقاتها، وتندب حظّها، وتصبح حزينة للغاية، وتجدها تنعزل عن الجميع، بل وإنها تنطفئ بشدة، كأنها وردةٌ مُزهرة ومتفتحة تم إلتقاتها فجأةً؛ فتجدها تتبدل أحوالها من التوهج إلى الإنطفاء، وتظّل فترةً طويلة حتى تتعافى مِن تِلك الشروخ التي سببها داخلها ذلك الشاب اللعين، ولكنني أرى أنهُ خطأُها مِن البدايةِ؛ فهي مَن وثقت بشخصٍ لا تعرفهُ جيدًا، وحتى إن قال لها مَن يكون؛ فإنها لا تعلَم إن كان صادقًا أم كاذبًا!

فكيف لها أن تأمن لهُ؟! 

وأيضًا هي مَن أغضبت ربَّها، لِذلك حرقَ قلبَها؛ فإنَّ الشيء الذي يُبنى على الحرام ستجدهُ يُهدم لا محال، وإن طال بِه الأمد، لذا لا تُحَلِل ما تشاء؛ فهناك ربٌّ يراك في كل وقتٍ وحين، لأن نهاية الحرَّام لن ترضيك، ولن ينكسر أحدٌ سِواك. 


رحاب أحمد|همج لطيف

تعليقات

التنقل السريع