مقال: السيده عائشه
الباحثة: وداد عبد المنعم
غلاف: مي خيري
عائشة بنت عبد الله بن أبي قحافة بن عثمان بن عامر بن كعب بن كنانة، زوجةُ النَّبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وابنة خليفة الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- أبو بكر الصديق، وأمّها أمّ رومان بنت عامر الكنانية. كانت أم المومنين عائشة -رضي الله عنها- أفقه نساء الأمة، هاجر بِها والِداها وتزوجها الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- قبل الهجرة للمدينة المنورة وبعد وفاة زوجتهِ السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، وكانت عائشة -رضي الله عنها- تُكنّى بأم عبدالله نسبة لابن أختها عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه-، والذي أتت به عند ولادته إلى الرسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- فتفل في فمهِ ليكون ذلك أول ما يدخل إلى جوفهِ. وقيل أيضاً إنَّها أتت إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وطلبت منهُ أنّ يكون لها كُنية كباقي النساء؛ فكنّاها بأمّ عبد الله نسبة لابن أختها أسماء تطيباً لخاطِرها،
وُلِدت عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- في مكة المكرمة بعد البعثة بأربع أو خمس سنوات، وهي أصغر من السيدة فاطمة بثماني سنوات، وترعرت في بيت يدين بدين الإسلام، وتربّت على يدِّ أبوين مؤمنين، ومن المعروف أنّ عائشة -رضي الله عنها- من النساء السابقات للدخول بالإسلام، وتجمّلت بالأدب والأخلاق؛ حيث إنَّها نشأت في بيت الفضائل والمكارم. وخلال سنوات طفولتِها مرّت الدعوة الإسلامية بأقسى مراحلها؛ إذ تعرّض المسلمون لأشد أنواع الأذى، وذكرت عائشة -رضي الله عنها- أصعب المواقف التي حدثت مع والِدها في سبيل الحفاظ على دينِه وإيمانِه؛ وذلك عندما حاول الخروج من مكة المكرمة مُهاجراً إلى الحبشة، فكانت من المراحل الصعبة في حياتها هي ووالدها. كما عُرف عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنَّها كانت كثيرة اللّعب والحركة في طفولتها، وعندما بلغت سن السادسة خطبها الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- من أبيها أبي بكر الصديق، وتزوجها في التاسعة من عمرها، وكانت تمتلك -رضي الله عنها- أصحاباً وأرجوحة تلعب بها، وبعد زواجها بالنّبي -صلّى الله عليه وسلّم- استمرت باللعب لفترة من الزمن، وكان -عليه الصَّلاة والسَّلام- يُقدّر صغر سنّها فكان يأتي بصاحباتها ليلعبن منها.
هي أفضل نساء العالمين على الإطلاق في الشرف، والفضل، وعلو المقام. زوجة لأفضل البشر سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-. أم للمؤمنين جميعاً؛ فأنرلها الله منزلة الأمومة للمؤمنين، وجعلها أماً لهم في التّحريم والاحترام. زوجة النبي -عليه الصّلاة والسّلام- في الدنيا والأخرة.
امتلكت السيدة عائشة -رضي الله عنها- مكانةً رفعية؛ وخاصة في رواية الحديث، وكانت -رضي الله عنها- سريعة الفهم والذكاء،والبديهة.
ويبلغ مسند -مؤلف يُجمع فيه مرويات الحديث- السيدة عائشة -رضي الله عنها- ألفين ومئتين وعشرة أحاديث، واتفق صحيح بخاري وصحيح مسلم على مئة وأربعة وسبعين حديثاً منها، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين حديثاً، وانفرد مسلم بتِسْعَةٍ وَسِتِّيْن حديثًا.وقد كانت -رضي الله عنها- المرجع المؤكد للمسلمين عندما يختلط عندهم شيء من القرآن، والحديث، والفقه، والفرائض، وكان المؤمنون يجدون عندها الجواب الشافي والمُقنع لجميع تساؤلاتهم واستفساراتهم.
أحب الرسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- السيدة عائشة حُباً شديدًا؛ فقد توفيَّ في حِجرها ودُفِن في بيتها، وتقول -رضي الله عنها- إنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- طلب حينها السواك منها، وكان قاسياً عليه فقامت بتليينه له ووضعتهُ بعد ذلك في فمهُ، وطلب الرسول -صلى الله عليه وسلم- من زوجاتهِ أنّ يسمحن لهُ أن يبقى أيام مرضهِ في بيت السيدة عائشة -رضي الله عنها- فسمحن له.وقد كان من عادات المُحبين قديماً ترقيق اسم المحبوب؛ ولذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- ينادي السيدة عائشة يا عائش أو يا عويش. وفي السنة الحادية عشرة للهجرة بدأت علامات المرض والتعب على الرسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-، ومن ثمّ وافته المنيّة، وقد كان عمر السيدة عائشة -رضي الله عنها- ثمانية عشر عاماً عندما توفيّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-.
توفيت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في المدينة المنورة، ليلة الثلاثاء في السابع عشر من شهر رمضان، في السنة الثامنة والخمسين للهجرة؛ أي أنَّها عاشت بعد وفاة الرسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- خمسين عاماً، وأوصت أنّ تُدفن ليلًا، وصلّى عليها أبو هريرة -رضي الله عنهُ-، ودفنت في البقيع، وكان ذلك زمن خلافة معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-.
تعليقات
إرسال تعليق