القائمة الرئيسية

الصفحات

 مقال: لعنة الدِماء
الكاتب: عمر سعيد 



مُنذ ثورة يناير 2011 وأصبحت جُدران الوطن حمراء وتُرابه رِفّات الشباب إمّا ثائرين أو مُعارضين أو مُطالبين بحقوقهم أو جنود في الخدمة العسكرية.. قُتل الكثير خلال الثورة ولم يُحاسب أحد، قُتل الكثير في مباريات كرة قدم، قُتل الكثير من الجنود على الحدود و في مناطق مُتفرقة وأحيانًا بنفس الطريقة ونفس المكان، تم قتل الآلاف في مجزرة لم تحدث في تاريخ مصر الحديث، اعتُقِل المئات من الشباب بتُهم مُلفقة وساذجة كما أُعدم الكثير من الأبرياء ظُلمًا، ورغم كل ذلك لم يُحاسَب أحد ...لماذا؟

لقد أصبح القتل أمرًا عاديًا وقد اعتدنا على وجود جرائم يومية ورؤية صور القتلىَ في الصُحف أو على مواقع التواصل الإجتماعي... وماذا نفعل نحن؟ نترحّم عليهم ونَكتُب المنشورات حُزنًا عليهم دون أن نسأل أنفُسنا عن الأسباب التي أدّت إلىَ مقتلهم. وبعد أيامٍ ننسىَ ما حدث تمامًا وننتظر الجريمة المُقبلة ونُكرّر ما فعلناه .

إن جرائم القتل تحدث في كُل العالم ولكن كما قال (ألبير كامو): 

"لسنا نُنّشدُ عالمًا لا يُقتل فيه أحد بل عالمًا لا يُمكن فيه تبرير القتل."

والقتل في وطني غير مُبرّر وليس له أسباب وإن وجدت الأسباب فإنها وهمية؛ فالإرهاب ما هو إلا خُرافة، رجُل القشّ الذي تصنعه الأنظمة الديكتاتورية لتبرير أفعالها ويتم قتل الكثير من الأبرياء عن طريق هذه التُهمة الوهمية، وحتىَ إذا كان حقيقيًا فالسبب في وجوده هو النظام الفاشل الذي لا يستطيع التصدّي له ولا يستطيع حماية من هُم في وجه النار. 

قال (عزالدين شكري فشير) مُتسائلاً :

"من المستفيد إن كان عليك قتل الناس جميعا لتُصلح أحوالهم ؟" سؤال يستحق التأمل.

الغريب في الأمر هو أننا مع كل حادث ننقسم ونبدأ بإلقاء الإتهامات ونمارس هوايتنا المُفضّلة في العنصرية والكراهية والشتائم فهل سألت نفسك يومًا من المُستفيد من التفرقة بيننا ؟ لقد أصبحنا مُتفرقين، مُسلم ومسيحي.. مؤيد ومُعارض.. أهلاوي وزملكاوي... أمّا عن العُنصرية والتنمّر فحدّث ولا حَرج , لقد أصبح المجتمع عُنصري ومتنمّر ونشمت في بعضنا حتىَ في الموت. ما الذي أدىَ بنا إلىَ هذا الوضع؟ وسأُكرّر عليكَ سؤالي ...مَنْ المُستفيد؟

أعلم أنك تعلم الحقيقة ولكنك تُفضّل الصمت إمّا خوفًا على نفسك أو تجنبًا لعداوة مع صِغار العقول وهذا حقك وأنا ألتمس لك العُذر فالباطل صوته أعلىَ ويتّبعه صفوة القوم ابتغاء مرضاة الظالم.

وبالنسبة للمُثقفين الذين يتبعون الباطل ويؤيدون الأنظمة الديكتاتوية لأجل بعض الشهرة وقليل من الصلاحيات فهُم كما قال عنهم "تشي جيفارا":

"المثقّف الذّي يلوذ بالصّمت أكثر خراباً من النّظام الدّيكتاتوري و القمعي الذّي يُمارس القتل ضدّ أبناء شعبه."

رَحم الله كل من قُتل ظُلماً أيا كان ولعن من قتلهم أو تسبّب في قتلهم أيّا كان ولعنة الله علىَ الشامتين في كُل من مات أيا كانت هويته أو دياناته أو انتمائاته .

أُنظر بعين الحكمة و لا تكن بعين واحدة مثلما قال "سُقراط"

"قِصر النظر هو الذي قاد الإنسانية إلى قتل حُكمائها."

عُذرًا على الإطالة رغم أنه توجد الكثير من الكلمات لم تُكتب وأضعافها من الحُزن لم يُوصَف وسوف أختتم بمقولة أعجبتني كثيراً ل "أبن خلدون" وهي 

"يقلب الحاكم توجسه وغيرته من شعبه إلى خوف على مُلكه، فيأخُذهم بالقتل والإهانة."


عمر سعيد|همج لطيف

تعليقات

التنقل السريع