القائمة الرئيسية

الصفحات

نص: "وكأنه انفصام"

الكاتبة: هاجر إبراهيم

غلاف: حبيبة عقيد


أتعجب كثيرًا مما تحويه أذهان ذوي العشرينات ممن يعيشون حولنا، ينظرون للحياة بنظرة مختلطة ومزدوجة، فتارة يشعرون وكأنه يوجد على أكتافهم حمل يبلغ ثِقله ثِقل سلاسل جبال ممتدة لآخر البصر، وتارة أخرى يرون الحياة بواقعية وعقلانية.

يعلمون جيدًا أن تلك لا تزال البداية، يعون معنى الحياة وتحدياتها، ويرون من حولهم ممن خاضوا تجارب أوسع وأقسى والتي تجعل من تجاربهم الخاصة ترهات، ولكن لا يستقرون على إحدى النظرتين، ولا يفصلون بينهما في كل الأوقات، فقد تمر عليهم فترات يحملون بها كلا النظرتين معًا، يرون في الحياة الخفة والثقل، العسر واليسر، التنبؤ بمستقبل مرضي والتيقن من مستقبل مبهم، ولو اطَّلعت على ما يدور في عقولهم حينها لربما ظننت أن هذا هو الانفصام بذاته.

إن كنت ممن آلم الزمان فؤاده مبكرًا ستفهم ما يدور في أذهانهم، إن كنت قد اختبرت ضياع الحلم، أو خذلان الأصدقاء، أو هجر الأهل، أو ركل الخاطر، أو غير ذلك من مثبطات العزائم ربما تكون قادرًا على استيعاب ما يشعرون به حقًّا. 

الأمر أشبه بطفل صغير يسير في اتجاهٍ معاكس لهبوب الرياح على صحراء واسعة فتتخبط عشرات الحبيبات الرملية في جسده مسببة له خدوشًا قد لا تكون مرئية حتى، و لكن رغم ذلك فإنها لا تشفى سريعًا، لا تسخر من آلامهم وتنعتهم بالمبالغين، فصدقًا هم أنفسهم تواجههم ليالٍ قد ينعتون أنفسهم بأكثر من ذلك حتى، ارأف بقلوبهم وأذهانهم، فقد ذاقت من الحياة كفايتها و هي لا تزال تأخذ خطواتها الأولى. 


هاجر إبراهيم|همج لطيف

تعليقات

التنقل السريع