القائمة الرئيسية

الصفحات

"مُدخلات القصة"

سلسلة أحاديث قاص

محمود محمد

تعريف القصة: هي نص أدبي نثري يصور موقفًا أو شعورًا إنسانيًا تصويرًا مكثفًا له أثر ومغزى، ويُطرح في قالب من السرد والحوار.

قصة: تُعني التقصي، وهي اقتفاء الأثر، ولها معنى آخر من الأخبار والرواية، وما هو ثابت أن القصة هي تقفي أثر عدد من الشخصيات في فترة زمينه محددة، وأتى القرآن الكريم يُغني عن التقفي في اللفظ وأثبته في لفظ "قص" حين ذُكر لأكثر من عشرين موضع بالقران الكريم وبه أتت بمعنى أخبر وروى.

•ما هي القصة؟ 

_هي كل شيء في الجوار، الأفكار المتضاربة التي تدور برأسك حين مرورك بجوار سريرك، وتلك الوجوه المألوفة للسائرين في الطرقات، فما بالك تقتصرها على بضع كلمات وتحجمها مدخرًا لغيرها الكلمات؟ أذلك لتحجيم الكلمات بها وادخار كل كلمة دون مغزى؟ 
أجل ذلك صحيح، فلكل كلمة في القصة عظة وإسقاط به تكتمل أبعادها.

القصة الفنية الحديثة:

لم يُتفق على تعريف جامع لكن اتفق على الأضلاع الأساسية وهي أن القصة القصيرة هي فن أدبي نثري يتناول بالسرد حديثًا وقع أو يمكن أن يقع، والقصة بهذا التعريف من آلآف السنيين حيث عُلم أن المصريين القدماء هم ذوي أولى المحفوظات القصصية منذ أربعة آلآف عام، عن طريق حجر رشيد.

•أشكال القصة وأساليبها: 

رواة الأخبار، السير، الأساطير، الأمثال، الخرافات، وأهم القصص المكتوبة على الإطلاق وجدت في القرآن الكريم؛ حيث لو أطلقنا عليه نظرة أدبية فنجد أن به مجموعه من القصص القصيرة تحقق درجة عالية من الفن، بها من التكثيف واللغة والأسلوب بالإضافة لرسم الشخصيات والاقتصاد والدقة في التصوير والتعبير ما يعتبر أعظم مثال قد تقتدي به، ورغم كل ذلك فقداسته لاحت دون الاقتراب منه إلا منه أو التأثر به إلا من الناحية الدينية.

•ويوجد بين القصة وبين الرواية فروق وهي..

  • الطول: 

لا يزيد طول القصة عن ثلاثون صفحه، ما زاد عن ذلك إلى سبعين فهو رواية قصيرة "Novella"، وما زاد عن ذلك فقد دخل في نطاق الرواية، وعن الحد الأدنى فقد قُر بأن يكون الخمس صفحات، فما قل عن ذلك لا يفي باستيعاب التجربة القصصية بأكملها، لكن فرضًا أن الكاتب قد استكفى بهم، فحين ذلك يصبح اسمها أقصوصة.

  • الرؤية:

 وهي النقطه التي ينظر منها الكاتب لبداية الحدث، فقد يأتي في الرواية لتمهيد له، من ثم يعبأ بمقدماته، من ثم مجرياته، أما في القصة فيحدث أن يأتي بالنظر إلى احتدامه في للوهلة الأولى.
وعن ذلك أيضا فلو زعمنا أن الراوي يرى المجتمع أجمع فسنزعم أن القاص ينظر من تحت عقب الباب ومع ذلك يرى نظرة بفكرة ويطرحها، وقد يصدف أن يطرح الراوي والقاص نفس الفكرة، ويكون المكسب للأصدق بهم.

  • الزمن:

 هو من الأضلع الأساسية في الاختلاف حيث تكون الرواية قائمة في مدة زمنية مفتوحة قد تتجاوز القرن، قد تقل عن ساعة أو يوم ويومين، لكن تحتكم إلى فلاش باك وتسترجع الماضي وغيره، أما القصة فهي تقص موقفًا واحدًا، سواء أخذ عدة دقائق، أو عدة ساعات، وقد تصل يومًا كاملًا، وفي غالب الأحيان لا يمتد الزمن فيها ليناظر الرواية، في القديم كانت تحدث، لكن في الحديث لم يشع ذلك الأمر.

  • الشخصية: 

تأتي الرواية لرصد حياة زمرة من البشر في زمن ما، وتأتي فاحصة لأقل التفاصيل مدققه بها، من ملامح نفسية وجسدية وعقلية إلى إمكانية اقتصادية وثقافية وظروف معيشية، وتتبع بها التطور السلوكي في المواقف إلى التطور التاريخي للشخصيات الرئيسية، وأما عن القصة القصيرة فلا تهتم بكل ذلك، فما يوجد بها إلا شخص أو شخصين على الأكثر بموقف بسيط دون أن تعبأ بغيرهما، وتكتفي بالإيماء حين الملامح والإشارة إلى السلوك، والاهتمام الراجح على الشخصيه والدوافع السلوكية وعلاقتها بتطور الأحداث، ولا يتوقف في الكثير على الصفات الخارجية، فيتجه إلى تأثير المعطيات الخارجية على مشاعر البطل وسلوكه؛ لأن القاص مسؤول عن كل صفة يدلي بها دون نفع.

  • الحدث:

 تقتضى الأحداث في الرواية التعدد فيأتي من تعددها البسيط يرمي للمعقد وتتوالى الأحداث، تحركها الشخصيات والعكس.
أما القصة القصيرة فلا يوجد بها غير حدث واحد، قد تكتفي بتصوير لحظة شعورية نتجت من فعلٍ ولى بالفعل أو يرجح حدوثه، ففي بعض الأحيان تنتهي القصة دون أن يعثر بها على حدث، إذ يصلح تكوين مجرد صورة أو يشخص بها حالة، أو لفحة عابرة في شخصية خائرة حائرة.

  • البناء:

 هو الهيكل الذي يصاغ به الأحداث، وما يكون ضخم البنيان في الرواية كثير العماد يبدأ بالاستكانة والتربيت على الكتف من ثم إيجاد بثرة من حبة عليه، وأما في القصة نجد أننا بدأنا باستئصال الحبة ونشرع في التعافي، ففي الأولى يبدأ الأحداث بإيضاح وتكوين أرضية قابلة للاستيعاب، أما في الثانية فيكون الأرجح فيها المضي نحو الهدف من أول كلمة، فالقصة إذا هي عمل فني مستقل ذو بناء متميز ومحبوك على نحو يجعل منه عملًا غير صالح للمط، أو الحذف، أو الإضافة ليصبح رواية، فمن يشبه الترعة بالنهر.

  • اللغة: 

تصف لغة الرواية باللغه الثقيلة التي يرى فيها الكاتب إشباع رغباته من استعراض يتطلب الأمر ذلك بحكم الجنس الأدبي الذي يفرض عليك أن تعطي لذكرى وفاة حبيبتك رثاء ثلاث صفحات وحزن غامر، وإبساط، واستعراض يتداخل به العبارات الشعرية والألفاظ الفضفاضة والتكرار؛ كي يتسنى للقارئ أن يشارك الشخصيات مشاعرها وينجذب لهم ويتعايش معهم.

أما القصة القصيرة تتصف بأنها نص مكثف إلى أقصى درجة، لا حشو فيها ولا تأكيد أو تكرار، إلا في أضيق الحدود، ولا يوجد بها استعراض لغوي إلا في انتقاء اللفظ الوافي الذي لا بديل عنه.

  • المكان:

 يتوفر من الأريحية في الرواية أن يتواجد عدة أماكن بحكم المدة والتعدد في الأحداث والشخصيات.
أما عن القصة فلا يتثنى فيها إلا لختيار مكان واحد، وقد يكون جزء فقط فقد يكون شرفة، أو حقل أو طريق وغيره، وقد لا يتسنى وجود مكان.

  • الأسلوب:

 الأسلوب يعرف بأنه التقيتة الذي يأخذه القاص سبيل في طرح فكرته، وفي الرواية يضع الراوي كي يدخل لعالم فسيح تتخذ فيه الشخصيات ساحات تتصارع لتنتج أحداث تجري على أرض وزمان ومكان متعاقبين ومتنوعين، فيأتي بكل الأساليب ويطلق العنان لقلمه أن يكون مع البطل حينًا، أو يكون بيد الراوي الذي يتنقل بين الشخصيات، أو يكون بيد الضد حينًا آخر، كل ذلك في رواية واحدة يعد أسلوب واحد.
 أما عن القصة، فلا يحدث بها إلا وجود أسلوب واحد فالحدث بسيط ذو مغزى بالكاد يرى من تصوير وإيحاءات، وكل ذلك.

وهنا نتنهي مقارنه تقرب من الرواية والقصة القصيرة في العناصر، وتباعد بينها في عددها، فكأنك تشبه من أمتلك كرة، بمن ملك ملعب جاهز يستضيف كل اللاعبين، رغم ذلك فيرى النقاد أن القصة أكثر فنية من الرواية حيث يأتي بعض الرواة بسرد يمتاز بالإطاله والإسهاب والتصريح بكل شيء بشكلٍ زائد عن حدة، إلى درجة تصرح بوصفها بالمملة.

•خصائص القصة: 

قبل التطرق لها فعليك أن تعلم أنها قامت بعد كتابة آلاف القصص إلى مدى قرن ونصف، تحديدًا منذ جوجول (1852_1805) بعد ذلك بدأت ملامح القصة تُعلم وتخط وتأخذ بعين الاعتبار، يتميز بها عدة عناصر، ما دون ذلك من غيابها فلا يطلق عليها اسم قصة، وعن الخصائص فهي غير الأجزاء التي تكون القصة، وتعددت التطرق فيها لكن ثبتوا على ثلاث خصائص وهي: 

  • الوحدة: 

وهي أن تأخذ الرقم واحد كالعنصر الذي تيمت به قبل مباشرتك كتابة القصة، حيث تأخذ منك القصة سير أحداث نحو فكرة واحدة لا يشوبها أي إضافات، يضعها لنا شخصيه واحدة رئيسة، ذو هدفٍ واحد، وتنتهي إلى نهاية منطقية واحدة، وتنتقل إلى تقنية كتابة واحدة، وتخلف لدى الملتقي انطباع واحد، وإن تُكتب على مرة واحدة؛ كي تتطلع أن تقرأ بمرة واحدة، وأن يكون القاص واعيًا؛ كي لا يحيد عن المسار بأي حال، سواء كانت إضافة مفيدة أو غير ذلك، فمن يريد اللبن مزود بالفلفل؟

  • التكثيف: 

بعض الضربات غير المحددة لا تصيب، لكن هنا لا يصح أن تخطأ أو تضع الكلمات التي تحتمل معنيان أحدهم مرفوض، فعليك أن تتجه لضربة واحدة تنفذ بك لهدفك وتخرج عن ما أردت، فلن تستطيع أن تخرج لهدفك إن لم تأتي له منذ اللحظة الأولى، وقصة حقق بها التكثيف بشكلٍ جيد قد تفضل على رواية ملئت بالشخصيات والأحداث والصراع.

  • الدراما:

 وهي تعتمد على إحساس بالحيوية والديناميكية والحرارة، حتى لو لم يتسنى إظهار صراع خارجي، وإن لم يكن هنالك سوى شخصية واحدة، فعليك أن تعلم أننا كمجتمع عربي نقرأ الدراما ونميزها، وهي ما تشدنا أن نكمل للصفحات التالية، فإن لم تضع ما يدير برأسي أن أتسائل وأعرف ما أكمل له فما أفعل؟

ومن هنا ينتهي مقال مُعنون بمُدخلات القصة وتبدأ سلسلة مقالات تضع بين طياتها الكثير من الخبايا والأسس التي تتناول القصة القصيرة كفن أدب ذو شإنٍ كبير.

المصادر:

  1. كتاب فن كتابة القصة.
  2. كتاب علم الكتابة العربية.

محمود محمد|همج لطيف

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

التنقل السريع