القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة: قبل الزوال بخُطوة

مراجعة لغوية: نور محمد

تصميم غلاف: نجلاء أشرف 

الكاتب: محمود محمد 


مرة أخرى أقف وحيدًا على الناصية، بل القمة، أجل بئسًا للعبثيات المتناثرة، لا أعلم لأي سبيل أصل، بل ما أرى أنني بتيه مقتم، يزداد ضحالة حينًا بعد حين، ومع أول صوت أنفاس يتردد من حولي أعلم أن النهاية لم تحن بعد، نهاية مؤنسي على الأقل، صوت خافت يصدر من فم ذاب مطبقًا لا يكاد يزاح يقول: "أعني قبل أن ألقى مصرعي كما الجميع."

 وما ورد إلى ذهني حينها أن أهم بكل أهبة لأعينه، لكن كيف والقيد حتى بفمي، لا أرى، أو أستطيع حتى تحسس ما أفلت به يداي من هذه الغير مسماة، حسنًا لن تفلح كافة المحاولات في الإفلات، ستنضب كاهلي كغيرها دون جدوى، ويبدو أن مستضيفينا أحبو لقيانا في الآخرة فأرقدونا قبور الدنيا دون أي سبيل لولوجٍ لعالمٍ دنياه ضنك، وقهر، واحتلال، فما لوطنٍ شرد من فرط الشقاء إلا الترح والعيش في قبورٍ ترفرف على راياتها أعلام الأعداء، وتزف بدماء الشهداء، فإن أوينا مثوى هو أمثل من ذلك فما للمثل به إلا اقتناء بلدة هي مثل بلدتي، بأغصان لم تذبل وأجساد لم تثقل، فما دون القبور حياة، لو أن ما قبل النحيب رسول ينبئ أو ينبه بما دون اليوم من هجر للعربدة، وبقايا الإنس، وارتقاء لظلمة حانت بقول القائل "أخَضِعُوا ذوي الأثداء ونكسوا هاماتهم وشردو ما بقي منهم فليس لجنسهم من حياة" كان من قال ذلك إخوتنا، من شردنا وقتل وسكن بأرضنا دونًا عنا، ولمَ ذلك كله؟!

 فقط لرفض العودة لنصاب الذل والخضوع لتعاليم فات عليها الزمان، وما بقي لها من مكان، وذكرت كل الأنباء ذلك وجددوا فلمَ الآن؟

 آه لو يتاح لي الكَلِم دون إقصاء، لكنت أعربت.. 

أمات مؤنسي؟ كنت آخر آمالي بالحياة، فلمَ تصمت وتعلي بالصمت لغة تُقبرك بقبرك وتقبرني لقبرك؟ فهل ما دون الحياة حياة أم أن الاحتلال احتل دنيانا وأثر الآخرة دونًا عنا وأبدلنا التيه وأُبدل الجِنان؟


محمود محمد|همج لطيف

author-img
للكِتَابةِ فِي فُؤادِي مَسكَّنٌ، كمَا الرّوحُ فِي اَلجَسَد تَسْكُنُ.

تعليقات

التنقل السريع