القائمة الرئيسية

الصفحات

 مقال "بين السرد والحوار"

أعده: نور محمد 


كلنا نعلم أن الأدب العربي هو مجموع الأعمال المكتوبة باللغة العربية ويشمل النثر والشعر وما يندرج تحتهما من الأدب القصصي، وكتابة الرواية، والمسرح والخطابة، وكتابة المقال والخواطر القصيرة، والنصوص، وكل هذا ما هو إلا نتاج أفكار أحدهم التي عبر عنها بمزيج من عبارات وجمل حتى صارت عملًا أدبيًّا قابلًا للقراءة، العبارات والجمل هي ألفاظ محكمة المعاني مرتبة بأسلوب معين لتعطي الحصيلة المطلوبة من الأفكار. 

السرد من أدوات التعبير الأدبية التي تمكن الكاتب من البوح بأفكاره في أفق الخيال، وهو أفضل الأساليب التي تحول الأفكار إلى صرح من المعاني الجزلة والكلمات، ويوفر إمكانية تحويل المعلومات الزمانية والمكانية إلى أحداث مرتبة يتوافر فيها الانسجام، يتصل السرد غالبًا بفن النثر الأدبي وله شكلان: 
- السرد المجمل: وهو الذي يتم فيه التركيز على أحداث أساسية مع اختصار الفرعيات. 
- السرد المفصل: وهو الذي يوجد به كافة التفاصيل والأحداث دون اقتضاب. 

أنماط السرد 

- السرد المتسلسل: يقوم على وضع تطور زمني واضح للأحداث، يُظهر تدرج الأحداث في الحدوث وفقًا للكاتب إلى أن ينتهي العمل الأدبي سواء قصة أو رواية. 

- السرد المتقطع: يقوم على عدم الالتزام بتسلسل منطقي في وقوع الأحداث، فربما يمكن للكاتب أن يبدأ بنهاية الأحداث وصولًا إلى بدايتها، ولا يعتمد على تطور زمني خلافًا للسرد المتسلسل، يذهب الكاتب ويعود بأفكاره ويعتمد في ذلك على بعض التقنيات الكتابية مثل التلخيص، والحذف، والاسترجاع؛ لتجنب الخلل الحادث من عدم الترتيب. 

- السرد التناوبي: عادة يُستخدم في كتابة السيناريو الخاص بالمسلسلات التليفزيونية، إذ يتم رواية عدد من القصص المتناوبة الواحدة تلو الأخرى ثم تعود الكَرة بالقصة الأولى ثم الثانية مرة أخرى وهكذا، ويُشترط لذلك وجود قواسم مشتركة بين شخصيات القصص وأحداثها.

عناصر السرد. 

يتم بناء النص السردي على أساس الناحية الشكلية منه وهي ما يعرف باسم الخطاب، وفي الغالب يستخدم المؤلف أساليب بلاغية في هذا النص، ويكون الغرض منها جذب القارئ لمحتوى ومضمون الحكاية التي يتم سردها، لذا يجب على الكاتب أن يستطيع فهم الفرق بين السرد والحوار، حتى لا يتداخلوا في بعضهم، ويُنتِج عمل فني غير مفهوم، وللنص السردي مجموعة من العناصر نجد أهمها في التالي:

الشخصيات: التي هي أساس السرد، وإذا خلى منها لن نجد نص من الأصل، وفي الغالب تنشأ القصة بناء على السلوكيات والأفعال التي تصدر عن الأبطال، كما تحدد تحرك الشخصيات في فصول العمل الفني.

عنصر المكان والزمان: حيث إن النص السردي يكون بحاجة إلى زمن محدد للقصة، كما يحتاج وصفًا دقيقًا ومفصلًا لماهية المكان الذي تقع فيه الأحداث، ويعتبران من أهم العناصر التي يعتمد عليها النص السردي، فهما يحفزان المُتلقي أو قارئ النص، أو المُشاهد الذي يصور الأحداث ويتخيل الوقائع بالإضافة إلى اتصاله بها.

الحدث: وهو المقصود به الواقع الذي تقوم عليه القصة، وفي الغالب يتكون نتيجة أفعال تقوم بها شخصيات النص، وتكون متسلسلة تسلسل منطقي ومتتابع، وكذلك تتكون من خلال الحوارات بينهم، وأيضًا الحوار الداخلي أو ما يسمى (بالمونولوج) الداخلي له دور في أحداث القصة، كما أن الانفعالات التي تصدر عن شخصيات النص تزيد شعور القارئ تجاه الحكاية من خلال العاطفة التي تلونه من فرح، حزن،أو ضحك وأيضًا يجب أن تكون هذه الأحداث متعلقة ببعضها، وهو السبب وراء تسمية النص من البداية بالنص السردي.

احتواء النص على هدف أساسي: حيث إنه من الصعب وجود نص سردي لا تحتوي عباراته عن مغزى أو هدف واضح مثل توضيح قضية وطنية في القصة مثلًا، أو العلاقات الاجتماعية التي تربط الناس ببعضهم، أو حتى التعبير عن فترة زمنية محددة.

طبيعة أسلوب الخطاب أو السرد: والمقصود بذلك الطريقة التي يتم عن طريقها حكاية النص، وتُسرد من خلالها القصة وأحداثها، وهناك أنواع من الأسلوب مثل السياسي، الأدبي، أو الإخباري.

ويدخل أيضًا في أدوات التعبير الأدبية الحوار وهو في الفنون الأدبية كلام الشخصيات فيما بينها ويتمثل في تحويل أفكار الشخصيات المكونة بعقل الكاتب إلى أقوال وفيه إقناع لعقل القارئ أن الشخصية حية ومنفصلة بعقليتها أو ما شابه. 

أنواع الحوار. 

- الحوار السردي: هو حوار تحدثته الشخصيات بالفعل ويُعيد الكاتب نظمه، ويُعرف الكاتب في هذا النوع بأنه الطرف الناقل للحوار كأن يقول تحدث فلانٌ بسخرية فأجابه فلان بنبرة حادة مثَلًا وهكذا، وفي ذلك تحديد للوضع النفسي للمتحدث.

- الحوار التناوبي: حوار مباشر بين الشخصيات لا ينقله الكاتب ولا يشتمل على علامات تُبين الحالة النفسية للشخصية. 

- الحوار الذاتي: وهو خطاب الشخصية لنفسها لحظات التأزم ويُعرف بمصطلحات أخرى مثل حوار تيار الوعي، والمونولوج وغيرها، ويساهم هذا النوع في نقل الحياة الداخلية للشخصية، ونا تخفيه من أفكار وأسرار، ويدخل في ذلك الحوار مع الحيوانات والجمادات. 
والنوع الأكثر طغيانًا في كتابة الروايات والقصص لدى أغلب الكتاب هو الحوار السردي، وقليلًا ما تستخدم الأنواع الأخرى.

السرد والحوار هما أساس العمل الأدبي أيا يكن موضوعه وماهيته، وبدونهما ما كان، ولا يستطيع أحدهما التفرد بالعمل دون الآخر لأنهما مكملان لبعضهما، لكن في بعض الأحيان يتفرد السرد في الخواطر القصيرة التي لا يُعتد بها غالبًا، في النهاية كُل ما يستحق أن يُقرأ يمتزج فيه السرد والحوار بأسلوب كاتب يستطيع أن يجذب القارئ لما توصل إليه فكره.

نور محمد|همج لطيف.


تعليقات

التنقل السريع